يقول محللون إن الدعم الأميركي للغزو الإثيوبي للصومال يمثل فشلا آخر لواشنطن في استخدام الدبلوماسية، بدلا من القوة العسكرية في التعامل مع التهديدات الإسلامية لحلفائها المعتدلين.
ودافعت الخارجية الأميركية عن دعمها للهجوم الإثيوبي على الصومال بالقول إن العملية ضرورية لوقف «اعتداءات» القوات الإسلامية التي تسيطر على المناطق التي استولت عليها من الحكومة الصومالية الانتقالية.
غير أن منتقدي السياسة الأميركية قالوا إن التصعيد الخطير في النزاع يؤكد فشل إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش في متابعة الجهود للتوصل إلى حل للازمة عن طريق التفاوض بين الحكومة الانتقالية الضعيفة وحركة المحاكم الإسلامية التي سيطرت على معظم البلاد.
وقال الخبير في الشئون الإفريقية في مجموعة الأزمات الدولية جون برينديرغاست إن الولايات المتحدة «تتبنى السياسة العسكرية فقط في الصومال الخالية من أي عناصر لبناء السلام».
وأضاف أن دبلوماسيين أميركيين غابوا عن معظم المبادرات الدبلوماسية التي جرت أخيرا وقادها الاتحاد الأوروبي هذا الشهر لإحياء المحادثات بشأن تقاسم السلطة بين الجانبين المتنازعين في الصومال.
وقال إن النتيجة كانت أن «إثيوبيا والمحاكم الإسلامية تعتقدان أن الولايات المتحدة تدعم الحل العسكري في الصومال ما يفاقم الأوضاع المتوترة ويجعل من السلام حلما بعيد المنال».
وللولايات المتحدة لها تاريخ مضطرب في هذا البلد الواقع في القرن الإفريقي منذ الإطاحة بالدكتاتور السابق محمد سياد بري في 1991 ودخول البلاد في الفوضى الناجمة عن الصراع بين أمراء الحرب المتنازعين.
وكانت محاولات الولايات المتحدة لإنهاء سيطرة المليشيات في مقديشو وسط الوضع الإنساني الكارثي في 1992 فشلت بعد مقتل 18 من الجنود الأميركيين في حادث خلده كتاب وفيلم باسم «سقوط مروحية بلاك هوك».
وبعد قرابة العقد وفي إطار «الحرب على الإرهاب» غيرت وكالة الاستخبارات الأميركية المركزية مسارها وبدأت في تمويل أمراء حرب مقديشو أنفسهم في محاولة فاشلة للحيلولة دون سيطرة المحاكم الإسلامية على العاصمة.
وعندما فشلت في ذلك هذا العام، تولت وزارة الخارجية الأميركية السياسة في الصومال ودعمت الحوار المتقطع بين الإسلاميين والحكومة الانتقالية.
إلا أن مساعدة وزيرة الخارجية الخارجية الأميركية للشئون الإفريقية ،جينداي فريزر انسحبت من هذه الجهود في الأشهر الأخيرة مؤكدة أن خلايا «القاعدة» الآتية من شرق إفريقيا سيطرت على المحاكم الإسلامية وهمشت المعتدلين وجعلت من إجراء مزيد من المحادثات أمرا مستحيلا.
وفيما شكك مسئولون وخبراء أميركيون في تأثير «القاعدة» على المحاكم، غاب العمل الدبلوماسي وسط رفض الإدارة الحديث مع المتطرفين الإسلاميين في المناطق المضطربة في الشرق الأوسط.
وقال الخبير في الشئون الصومالية في كلية ديفيدسون في نورث كارولاينا كين مينكاوس «لم يتم بذلك جهود دبلوماسية أميركية قوية لإجراء تلك المحادثات».
ومع انتشار سيطرة الإسلاميين وعزل الحكومة الانتقالية في مدينة بيداوه دعمت الولايات المتحدة في وقت سابق من هذا الشهر انتشار قوات حفظ سلام إقليمية في الصومال. إلا أن تهديدات الإسلاميين بمهاجمة قوات حفظ السلام التي كان من المقرر أن يأتي معظمها من أوغندا، حالت دون تنفيذ هذه الخطط.
من جهة أخرى، بدأت جارة الصومال إثيوبيا التي يدين معظم سكانها بالمسيحية وتضم أعدادا كبيرة من المسلمين، تقديم الدعم العسكري للحكومة الانتقالية خشية أن تؤدي سيطرة الإسلاميين إلى اضطرابات في مناطقها الحدودية المضطربة أصلا.
وامتنعت واشنطن في البداية عن الإعراب علنا عن دعمها للهجوم الذي شنته حليفتها المقربة إثيوبيا. إلا أن الخارجية الأميركية أعربت الثلثاء الماضي عن دعمها للهجوم. وقال المتحدث غونزالو غاليغوز إن :»إثيوبيا لديها مخاوف أمنية حقيقية بشان التطورات داخل الصومال وقدمت الدعم بناء على طلب السلطة الشرعية الحاكمة».
وتأمل واشنطن على ما يبدو في أن يقنع استعراض القوة الذي تقوم بها إثيوبيا الإسلاميين بأنه لا يمكنهم السيطرة على البلاد عسكريا وإجبارهم على العودة إلى المفاوضات.
وقال مينكاوس «إذا تمكن الطرفان بعد أن يدميا بعضهما البعض هذا الأسبوع وربما الأسبوع المقبل، من التوقف والتراجع، قد يفتح ذلك بابا لتدخل دبلوماسي».
وأضاف انه في حال لم يحصل ذلك، ستتورط إثيوبيا بالتأكيد في حرب عصابات «جهادية يرجح أن تنتقل تنتشر إلى أراضيها». وأوضح «وهذا أمر خطير جدا بالنسبة لإثيوبيا والمنطقة بأكملها»?
العدد 1575 - الخميس 28 ديسمبر 2006م الموافق 07 ذي الحجة 1427هـ