العدد 3930 - الإثنين 10 يونيو 2013م الموافق 01 شعبان 1434هـ

مرشحون يتطلعون للرئاسة في إيران من دون حلول سريعة لأزمات الاقتصاد

المرشحون للانتخابات الإيرانية قبل انسحاب غلام حداد
المرشحون للانتخابات الإيرانية قبل انسحاب غلام حداد

إن كان هناك موضوع جوهري للانتخابات الرئاسية الإيرانية المقررة فهو ما إذا كان الرئيس القادم قادراً على إنعاش الاقتصاد وتخفيف الضغوط المالية العميقة التي تواجه السواد الأعظم من الإيرانيين. ومع ارتفاع الأسعار وتقلص قدرة الإنفاق أصبح ملايين الإيرانيين يكافحون مزيجاً مؤلماً من العقوبات الاقتصادية الغربية وضعف الإدارة المالية.

ويتنافس مرشحو الرئاسة الإيرانية السبعة بعد انسحاب غلام حداد في معركة على أصوات الناخبين جوهرها القدرة على إصلاح الاقتصاد وهي مشكلة تعمقت بشكل أكبر عنها قبل أربع سنوات حين خرجت مظاهرات حاشدة في المدن اعتراضاً على نتائج الانتخابات. يقول محمد شعباني، المحلل الإيراني المستقل المقيم في بريطانيا «مع تصاعد التضخم والبطالة أصبح القوت اليومي هو الشاغل الأساسي للناخب. متوسط عمر الناخب الإيراني الآن 38 سنة وهو مشغول أساساً بتدبير احتياجاته المعيشية». ولا يحق للرئيس محمود أحمدي نجاد الترشح مرة أخرى وسيتم استبداله بواحد من ثمانية مرشحين اعتمدهم مجلس صيانة الدستور الذي يدين بالولاء للزعيم الأعلى السيدعلي خامنئي. ويتفق المرشحون جميعاً في اتهامهم لأحمدي نجاد بسوء إدارة الاقتصاد على مدار فترتين في الحكم.

ويقول سعيد جليلي المرشح الرئاسي المتشدد ويشغل منصب كبير المفاوضين في الملف النووي الإيراني الشهر الماضي «الحكومة مثل السيارة البالية ومن المهم إزاحة كل المشاكل التي تبطئ أداءها». أما المرشح محسن رضائي، الرئيس السابق للحرس الثوري فقال في إعلان لحملته الانتخابية «بلدنا من أقوى بلاد المنطقة وصواريخنا تستطيع الوصول لآلاف الكيلومترات لكننا نعاني نقصاً في الدجاج». وأدت العقوبات شديدة الوطأة التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها على قطاعي النفط والبنوك الإيرانيين إلى خفض إيرادات النفط إلى النصف تقريباً العام 2012 لتصل إلى نحو 50-60 مليار دولار.

وانقطعت صلة بنوك إيران بالشبكة المالية العالمية لتصبح تحويلات الأموال إلى إيران ومنها للخارج في غاية الصعوبة. ونتيجة هذا هوت قيمة العملة مما أدى إلى ارتفاع التضخم والبطالة بينما تكافح الشركات للبقاء. ويشتري المواطن الإيراني الأغذية الأساسية اليوم بما يقرب من ثلاثة أمثال سعرها قبل عام.

كما أثر ارتفاع الأسعار على الشركات الإيرانية بشدة. وقال منتج للدواجن أوقف الإنتاج بصفة منتظمة قبل شهرين «نحن ننتج من وقت لآخر لدفع أجور العاملين هذا هو دافعنا الوحيد للعمل». وتشير الأرقام الرسمية إلى أن نسبة البطالة تبلغ 12 في المئة تقريباً لكنها تبلغ مثلي هذه النسبة في صفوف الشباب. ويرجح محللون مستقلون أن تكون الأرقام الحقيقية أعلى بكثير. وفقد علي- 28 عاما- وظيفته بإحدى شركات الكمبيوتر في طهران بعدما تراجعت المبيعات.

وحسب تقديرات الوكالة الدولية للطاقة خسرت إيران نحو 40 مليار دولار من إيرادات التصدير خلال 2012. وتقول الوكالة إن العقوبات خفضت صادرات الخام الإيراني إلى نصف مستويات 2011 التي بلغت نحو 2.2 مليون برميل يومياً. لكن ارتفاع أسعار النفط عالمياً يعين إيران أيضاً. وحسب بيانات خدمة «تومسون رويترز اويل اناليتكس» فقد زادت مبيعات زيت الوقود بشكل كبير في الأشهر الماضية وقد تدر على إيران أكثر من سبعة مليارات دولار هذا العام إذا استمرت بنفس المستويات. وتدر مبيعات المكثفات النفطية مليارات إضافية على إيران. وقال محمد شعباني «حتى في ظل العقوبات فإن الحكومة تجني مثلي متوسط دخل صادرات الخام قبل عقد من الزمان».

المسألة إذاً في العملة الصعبة التي تحتاجها إيران. وبدلاً من العملة الصعبة تقبل إيران بمدفوعات بديلة من الهند والصين وهما عملاء رئيسيون للخام الإيراني ويقدمان مجموعة سلع ومنتجات في المقابل. وقال الرئيس الإيراني السابق أكبر هاشمي رفسنجاني في حوار تم تسريبه، مشيراً إلى اتفاقيات النفط الخام الإيراني «بدلاً من المال قالوا خذوا بعض السلع ثم قالوا (الصين) ليس أي سلع... السلع التي نحددها نحن».

ومع شح العملات الأجنبية تشددت الحكومة الإيرانية في توفير الدولار بالسعر الرسمي عند 12260 ريالاً. وأصبح الدولار يباع الآن في السوق المفتوحة بثلاثة أمثال السعر الرسمي. وقال مسئولون لوسائل إعلام إيرانية إن قطاع صناعة السيارات الذي يساهم بنحو عشرة في المئة من الناتج الإجمالي غير قادر على الاستثمار في شراء المعدات الرئيسية بسبب عدم وفرة الدولار. وحسب أرقام حديثة تراجع إنتاج السيارات الآن إلى نصف الطاقة الإنتاجية إلى نحو 25 ألف وحدة (سيارة) شهرياً. ورغم تفاقم الأعباء المالية داخلياً تنفق إيران أموالاً بالخارج على دعم حليفها المقرب الرئيس بشار الأسد في سورية للحفاظ على ما تعده مصالح استراتيجية وجودية. قال الخبير الاقتصادي عمادي «سورية التزام إيديولوجي حبست إيران نفسها فيه لكنه يأتي على حساب احتياجات الداخل». وقال «هذا خيار صعب جداً».

وهناك قليل من البيانات الموثوقة لحجم ما تنفقه الجمهورية الإسلامية على التزاماتها بمساعدة الأسد في الحرب الأهلية التي أودت بحياة 80 ألف شخص في عامين. ويرجح محللون أن تكون كلفة المساعدات الاقتصادية والمالية الإيرانية مليارات الدولارات.

وقال المحلل بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إيميل هوكايم «تحديد قيمة هذه (المساعدات) بالدولار ضرب من المستحيل. لكن إن كانت قطر أنفقت أكثر من مليار دولار حتى الآن لمساعدة المتمردين السوريين تصبح مساهمة إيران أضعاف هذا على الأرجح».

ومنحت الجمهورية الإسلامية دمشق ما يقرب من أربعة مليارات دولار في صورة ائتمان لتخفيف ضغوط العقوبات الدولية التي دمرت صادرات النفط السوري التي تعد أقل بكثير من الصادرات الإيرانية لكنها مهمة بالنسبة للأسد. ورغم أن الإيرانيين يتحدثون في هذا الموضوع بحرص فهم يعبرون عن غضبهم المتزايد من هذا السخاء. وفي أكتوبر تشرين الأول أغلق تجار في سوق «جراند بازار» في طهران متاجرهم وخرجوا في مظاهرات عفوية مناهضة لسياسات الحكومة ودعمها للأسد. وفقد الريال 40 في المئة من قيمته في بضعة أيام مما أصاب أعمالهم بالشلل. وقال علي رضا المقيم في طهران 32 عاماً «ما دام هناك رجل واحد يحتاج مساعدة في إيران يجب إنفاق هذا المال في الداخل. الإيرانيون يعانون من تدهور الظروف الاقتصادية ويجب أن تكون الأولوية لهم».

وقال علي دادباي وهو أستاذ مساعد إيراني في جامعة كلايتون ستيت يونيفرسيتي بولاية جورجيا الأميركية «السؤال ليس من هو الرئيس الجديد. السؤال ما إذا كان بإمكان شخص النجاح رغم العقوبات وتفشي سوء الإدارة والعيوب الهيكلية في الاقتصاد الإيراني». وأضاف «أياً كان من سيتولى المنصب يتعين عليه أن يعرف مبادئ اقتصاده جيداً».

العدد 3930 - الإثنين 10 يونيو 2013م الموافق 01 شعبان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً