العدد 3976 - الجمعة 26 يوليو 2013م الموافق 17 رمضان 1434هـ

هل ينقرض العرب؟

الاسكندرية - رجب سعد السيد 

26 يوليو 2013

الانقراض يعني انقطاع صلة كل أفراد نوع ما بالوجود. وأشهر المنقرضين الدينوصورات، التي لم نعد نراها إلا في أفلام الخيال العلمي وفي الأحافير التي يعثر عليها علماء الحياة القديمة، مطمورة في الصخور.

أما أشهر المهدَّدين بالانقراض في عالمنا المعاصر فيأتي في مقدمتهم دب الباندا، وأنواع من اللبونيات البحرية. وتتسع القائمة لتشمل مئات الأنواع النباتية والحيوانية، منها ما هو «مهدد» فعلاً، أي على شفا حفـرة من الانقراض، ومنهـا ما هو «معرَّض»، أي أصبح نادر الوجود وفي سبيله لأن يتحول إلى «مهدد».

ويمكن تلخيص عوامل الانقراض في كلمة واحدة: «الجمود». وإذا أردنا استخدام أكثر من كلمة، ترجمنا الجمود إلى «عدم القدرة على الاستجابة في مواجهة المتغيرات».

لقد استبدت بنا الوقائع المريرة التي كابدناها في الآونة الأخيرة وجعلتنا نشعر بأن ما يحيط بنا، نحن العرب، أكبر مما يجري أمامنا، وأنه ربما يكون مقدمات لمتتالية من الصروف، تغطي أجيالاً قادمة، وقد تنتهي بنا إلى ما لا نحب ونرضى، ما لم ننتبه ونستجب.

إن العلماء، حين يسارعون برفع الراية الحمراء وإعلان أن نوعاً ما قد أُدرج في قوائم الكائنات المهددة أو المعرَّضة للانقراض، إنما يستهدفون حفز جهود الحماية، لتشمل مظلتها هذا الكائن الذي تتدهور أحوال وجوده في الدنيا إلى درجة تنذر بدنو خطر الانقراض منه.

ونحن نرفع الراية الحمراء، وندق النواقيس، ونطلق صفارات الإنذار. فالنوع العربي تجتاحه ظروف شديدة الشبه بتلك التي أدت إلى حوادث الانقراض، تلك التي حصلت، وتلك التي تهدد كائنات انتهت أحوالها إلى وضع شديد الحرج.

معذرةً، فنحن لا نبالغ، أو - إن شئت الدقة - لا نبالغ كثيراً، وإنما نعمد إلى تضخيم فكرة، على نحو ما يفعل المشتغلون بفن الدراما، لنشد الانتباه إليها. وعلى أي حال، فإن التاريخ يخبرنا عن أمم وشعوب لم يعد لها وجود في عالمنا المعاصر... تآكلت على مدى الأجيال والقرون حتى اندثرت. وفي بداية القرن الحالي، نشرت اليونسكو تقريراً يفيد بأن القرن العشرين شهد انقراض عشرات من الثقافات واللغات، لشعوب كانت عوامل الوهن أخذت تضرب في أجسادها قبل قرنين أو أكثر، ولم تستجب لما أصابها من أسقام، فاجتاحتها الأحداث والمتغيرات التي لا ترحم ضعيفاً أو غافلاً.

الجدير بالذكر أننا نعايش الآن كائناً حياً «ذكياً» هو الدب القطبي، الذي استشعر أن حرارة جو الأرض في ارتفاع مطرد، فقرر أن يغادر اليابسة إلى الماء. إنه لا يطيق العيش إلا على سطح الجليد، ولا طاقة له بالغوص لأكثر من دقائق قليلة للقنص. فكيف ستكون الحال إن ذاب جليد القطب الشمالي بفعل حرارة الأرض المتزايدة؟ وجـد الدب القطبي الحل، ورأى أن يبدأ - قبل فوات الأوان - في التهيؤ لحياة الماء. وثمة شـواهد على أنه آخذٌ في اكتساب القدرة على الغوص زمناً أطول.

العدد 3976 - الجمعة 26 يوليو 2013م الموافق 17 رمضان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً