العدد 4006 - الأحد 25 أغسطس 2013م الموافق 18 شوال 1434هـ

تعديلات في الدستور قد تمكن سياسيين من عهد مبارك العودة للساحة

تلغي تعديلات على الدستور اقترحها الحكام المدعومون من الجيش في مصر مواد ذات صبغة إسلامية كانت قد أدخلت في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي وتستعيد نظام تصويت انتخابياً يرجع إلى عهد سلفه حسني مبارك. وعبّر إسلاميون وليبراليون عن قلقهم تجاه الاقتراحات التي طرحتها لجنة تعديل الدستور التي شكلها ضباط كبار بالجيش عزلوا مرسي الذي ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين في الثالث من يوليو/ تموز وسط احتجاجات حاشدة ضد أول رئيس منتخب انتخاباً حراً في البلاد.

وعطل الجيش مؤقتاً العمل بالدستور الذي كان مرسي قد تبناه في أواخر العام الماضي. وجرى التصديق على هذا الدستور في استفتاء بعد أن انتزع مرسي صلاحيات استثنائية ليكفل إقراره ما أشعل فتيل احتجاجات بالشوارع كانت الأشد عنفاً خلال فترة حكمه المضطربة التي استمرت عاماً. والآن تتولى الحكومة الانتقالية تعديل الدستور الذي انتقد لكثرة المواد ذات الصبغة الإسلامية به وعدم مراعاة حقوق الإنسان لاسيما حقوق المرأة والإقليات ومن بينها المسيحيون الذين يشكلون نحو عشرة في المئة من عدد السكان.

وأعدت لجنة من عشرة أعضاء هذه التعديلات التي تسربت إلى وسائل الإعلام يوم الأربعاء الماضي - وهو نفس اليوم الذي أمرت فيه محكمة بإخلاء سبيل مبارك - في إطار خريطة طريق للجيش هدفها تحقيق الديمقراطية. وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية إن وزير الخارجية الأميركي جون كيري بحث خريطة الطريق وتعديل الدستور في مكالمة مع وزير الخارجية نبيل فهمي الجمعة الماضي. وعبرت الولايات المتحدة عن قلقها إزاء حملة الجيش على جماعة الإخوان المسلمين وأعمال عنف أخرى قتل فيها أكثر من 1000 شخص نحو عشرة في المئة منهم من جنود الشرطة والجيش منذ عزل مرسي.

ولم يصل الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى حد قطع المعونة السنوية التي تقدمها واشنطن لمصر وحجمها 1.5 مليار دولار معظمها مساعدات عسكرية لكنه استبعد عودة العلاقات إلى سابق عهدها. ومن المقرر إحالة هذه التعديلات الدستورية التي أعدتها لجنة العشرة إلى لجنة أخرى تضم 50 عضواً تضم مختلف الأطياف تعينها الحكومة المؤقتة. وعلى خلفية الاحتجاجات الشعبية التي أدت إلى عزل آخر رئيسين لمصر من السلطة تتضمن التعديلات مادة تجرم هذا الأمر وتقصر هذا الحق على البرلمان. وتساءل الناشط الحقوقي جمال عيد عن جدوى هذه المادة قائلاً إن العالم بأسره سوف يسخر من مصر. وذكرت مصادر باللجنة أن من المرجح أن تقترح الإبقاء على مادة بالدستور تستثني الجيش المصري من المحاسبة المالية أو السياسية. ولم يمس مرسي هذه المادة حرصاً منه على عدم إغضاب المؤسسة العسكرية. ومن أهم التعديلات المقترحة العودة إلى نظام الانتخاب الفردي بدلاً من نظام القوائم الحزبية في الانتخابات البرلمانية. وبموجب النظام الحالي الذي يتضمن تخصيص ثلثي المقاعد للقوائم الحزبية والثلث لقوائم الفردي فازت جماعة الإخوان المسلمين والأحزاب الإسلامية بنحو 80 في المئة من المقاعد في أول انتخابات برلمانية بعد الإطاحة بمبارك العام 2011. وقال عيد إن هذا التعديل يستهدف الإسلاميين فيما يبدو وسيكون معيباً وغير ديمقراطي. وأضاف أن ثمة شكاوى من التيار الإسلامي بصفة عامة لكن هذا لا يعني إبعاده عن الساحة السياسية لأن هذا سيؤدي إلى مزيد من العنف.

ووصف عضو حزب الدستور الليبرالي، خالد داود هذا الاقتراح بأنه يمثل عودة إلى عصر مبارك عندما كان يتم تزوير الأصوات بطريقة روتينية لتمكين الحزب الوطني الديمقراطي من الهيمنة على البرلمان. وأتاح هذا النظام لافراد غالبيتهم من المتحالفين مع الحزب الوطني خوض الانتخابات «كمستقلين» واستخدام شبكات المصالح المحلية في دخول البرلمان. وشارك الإخوان أيضاً بمرشحين كمستقلين للإبقاء على وجود محدود لهم داخل البرلمان. وبمجرد الإطاحة بمبارك خرجت الحركة الإسلامية إلى دائرة الضوء واستغلت قوتها التنظيمية للفوز في خمسة انتخابات متتالية ونالت مقاعد في البرلمان بنظامي القوائم الحزبية والفردي. وقال داود إنه يشعر بالقلق من توجه للإبقاء على مواد تعاقب بسجن الصحافيين في اتهامات بإهانة الرئيس وإمكانية إغلاق الصحف في جرائم النشر وهي عقوبات كانت سارية أثناء حكم مرسي وحكم مبارك الذي استمر 30 عاماً. وقال «أريد حريات جديدة ومزيداً من الحريات وليس الانتهاء إلى شيء على غرار دستور 1971 أو دستور أسوأ من دستور مرسي العام 2012 «. وغضب الإسلاميون لأسباب عدة قائلين إن هذه التعديلات ترقى إلى حد التعدي على «الهوية الإسلامية» لمصر. وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط إن اللجنة اقترحت إلغاء مواد أعطت للشريعة دوراً أكبر في عملية سن القوانين ومنحت للأزهر حق فحص التشريعات. وقال أحمد حبشي وهو من القياديين في حزب النور السلفي في مدينة المحلة إنهم سيحتجون بكل الوسائل المشروعة المتاحة ضد أي تغيير في الهوية الإسلامية للدولة. وأضاف أنه إذا فشلت الجهود فإنهم سيدعون للاحتجاج.

وقبل التصديق على الدستور الجديد يجب الموافقة عليه في استفتاء وأن يوقع عليه الرئيس المؤقت عدلي منصور. ومعظم قياديي الإخوان المسلمين في السجون أو هاربين ولم يتسن الاتصال بهم للتعليق على هذه التعديلات. وحذر رئيس حزب النور، يونس مخيون الذي أيد في البداية عزل الجيش لمرسي من أي حملة تعسفية تستهدف الإسلاميين بعد الحملة على الإخوان وحث الحكومة على حماية الحريات التي حققتها الانتفاضة ضد مبارك. ووفقاً لخريطة الطريق يجب أن يصدر الدستور الجديد في غضون أربعة شهور على أن تجرى الانتخابات البرلمانية وانتخابات الرئاسة بعد ذلك.

العدد 4006 - الأحد 25 أغسطس 2013م الموافق 18 شوال 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً