أتعجب من قربها المبعدِ
وتدهش من نسكها المفسدِ
تطارحك الوعد في رقة
وفي قسوة تجفو بالموعد
تهاديك حسنا بألحاظها
وترشق قلبك بالإثمد
أما تقرأ الغدر في وجهها
ولمسة خدع بوسع اليد
أذاقت ضحاياها من أمنها
وثنت بحال الأسى الأسود
أصافيك دعها بعيدا وسر
وحاذر من الخطر الموفد
فدنياك لا يشترى ودها
ولن تلقى منها الصباح الندي
فإن صبحتك على بهجة
أعادتك في نهكة المجهد
فكم اتهمت في اختطاف الـ
رجال الجبال على مشهد
***
أتتنا تجلجل في نعيها
فصدعت الصبر في الأكبد
نعت رائد المنبر اللوذعـ
ي العظيم الهدى المفرد
نعت للمنابر فكراً أضـ
ـاء للناس كالفرقــد
أيا منبع الخطب الباقيا
ت تعبر في الحجر الجلمد
بدائع علمك ألطافها
جواهر كنز لمن يقتدي
ركبت الليالي لنيل العلى
فضاقت لياليك بالمقصد
سنانك طعن اللسان الذي
يقارع جهلا ولم يبرد
ومرمى لسانك لما يزل
يشتت شمل الدجى المجحد
وأبدع منك خطيباً فلم
يلامس مسامع قلب هدي
لأنت زلال نمير جرى
وقلب الخطابة ظام صدي
تركت المنابر في ثكلها
تودع عصر الهنا الأرغد
وتشحذ إعوالها بعد ما
بفقدك صدت عن السؤدد
فمن للمنابر بعد الذي
أفاض الحياة بها مبتدي
ومن للخطابة في أوجها
سوى من حكاها على المحشد
لعمرك كنز الخطابة في
وجودك يفخر بالموجد
إذا قيس فعلالرجال ففي
نواياك خلصان مستشهد
بليغ المقاصد في شأوه
أصيل المنابت والمحتد
نمتك المساجد شيخا إذا
رأوه رأوا صورة المسجد
ننقي المناقب محمودها
حسام صقيل عى المعتدي
جنيت المكارم من منبع
الكرامات والموقف المرعد
لسانك يقدح شعراً وفي
جنانك عزم الفتى الأمرد
تسوق المعاني بلا كلفة
وتأخذ منها بلا مقود
تجوب المنابر من غربها
إلى شرقها جوبة المرشد
وتصعدها صعدة عندها
تبدد فيها أذى الحسد
***
ولما ملأت الضمائر من
ثرائك بالمركز الأوحد
وسارت حياتك سير الحجى
وكنت الثريا لعين الغد
شددت الرحال إلى مرقد
بجنب الفتى الأنزع الأصيد
وأرخيت طرفك في قدسه
تناجيه سيفا ولم يغمد
ولم تغمد الذكر من عشقه
إلى أن ثويت إلى المرقد
فقدناك وعظا على سمعنا
طريا بطعم الشذى المورد
ولكن وان غبت في لحدها
عظاتك تبقى لم تلحد
ولازلت تدفع عن أمة
الرشاد بعصر الفساد الردي
ولازلت أحمد صوت رقى
منابر طه النبي أحمد
فعش أيها الوائلي الذي
خطيب كمثله لم يولد
عبدالشهيد الثور
العدد 357 - الخميس 28 أغسطس 2003م الموافق 29 جمادى الآخرة 1424هـ