بالنسبة إلى أي مراقب يضع عواطفه جانباً، فإن المشهد في مصر يتسم بالتناقض؛ فقد تمّت الإطاحة برئيس وحكومة منتخبين ديمقراطياً من قبل القوة العسكرية نفسها التي أطاحت بالدكتاتور حسني مبارك. قبل مضي سنة واحدة إلغاء تفويض الديمقراطية في مصر. وليس أمام المجموعات السياسية حالياً أي وجهة تقصدها، ويبدو من المستحيل إجراء أي تسوية في ظل عدم احتمالية عودة محمد مرسي الرئيس المنتخب ديمقراطياً.

إن عدم إمكانية التعامل مع النماذج الجديدة في الدول الناشئة يجب ألاَّ يشكّل مفاجأة لنا إذا ما نظرنا إلى الموضوع من زاوية تاريخية. تشير الخبرات التاريخية إلى أن الدول حديثة النشوء ستترنح كمرقاص الساعة لتنتقل من اتجاه إلى آخر في بحثها عن نوع من التوازن. تمثل الديمقراطيات القديمة في أوروبا حصيلة قرون من النمو مرت خلالها عبر الأنظمة السياسية كافة على اختلاف ألوانها. ولكن وعلى رغم معرفتنا بذلك إلا أننا نصرّ على تبني الديمقراطيات الجديدة معايير أعلى للديمقراطية وذلك في ليلة وضحاها.

إن نظرة غير بعيدة إلى العراق وأفغانستان تمكّننا من رؤية الفشل الذريع في منح هذه الاقتصادات الوقت لتنمو وتتعلم وتقوم بهذه المهمة الصعبة في إيجاد اقتصاد سياسي يعمل بسلاسة.

أما من ناحية تأثير مصر على الأسواق، أشكّ أن يكون سعر النفط أعلى بدولارين؛ وذلك نتيجة الأزمة الجيوسياسية. والمخاطرة الحقيقة ليست في فتح قناة السويس، التي يريد جميع الأطراف المعنيين، بمن فيهم الولايات المتحدة، تأمينها؛ إذ إن فشلهم في ذلك يعني تأميناً إضافياً يتراوح بين 20 و25 دولاراً، إضافة إلى المخاطرة الجيوسياسية الحالية.

أما أسواق الأسهم فهي قصة مختلفة، فلا يزال التداول جارياً في أسواق الأسهم في مصر، على رغم هبوطها بنسبة 60 في المئة، مقارنة مع الذروة التي وصلتها في العام 2007. ومع ذلك، فإن رسملة هذه الأسواق أقل من أغلب شركات S&P الـ 500.

وبالنظر إلى خريطة المنطقة، ينتابني القلق من أن الجزء الشمالي من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يشهد حالاً من الفوضى الكبيرة. فالوضع في سورية والأردن ومصر وفلسطين يسير من سيء إلى أسوأ. يضاف إلى ذلك، العناوين المتعلقة بنقص السيولة في إيران، وكل ذلك يجعل من هذه المنطقة قابلة للاشتعال في أي لحظة، اقتصادياً وسياسياً.

ستين جاكوبسن

كبير الاقتصاديين في ساكسو بنك