نفت الادارة الاميركية أمس الثلثاء (10 سبتمبر/ أيلول 2013) ان تكون وجدت بالصدفة في المبادرة الروسية وسيلة لتفادي مأزق الخيار العسكري ضد سوريا، مؤكدة ان مسألة ضمان امن الاسلحة الكيميائية السورية كانت موضع بحث مع الروس منذ اشهر.
واعطى المسؤولون الاميركيون انطباعا بانهم تفاجأوا صباح الاثنين حين طرح وزير الخارجية جون كيري ردا على سؤال خلال مؤتمر صحافي في لندن، امكانية تجنيب سوريا ضربة اميركية اذا ما وضع النظام ترسانته الكيميائية تحت اشراف دولي، قبل ان يصف المتحدث باسمه هذا الطرح بانه محض "خطابي".
غير ان فكرة كيري اثارت خلال ساعات عاصفة من التعليقات وحصلت على الكثير من التأييد، وعلى الاثر اعلن الروس عن مبادرة سارع السوريون الى تاييدها، تقضي بوضع الاسلحة الكيميائية السورية تحت مراقبة دولية تمهيدا لاتلافها.
ويتساءل المعلقون منذ ذلك الحين ان كانت تلك هفوة ارتكبها جون كيري ام مناورة متعمدة من ادارة اوباما لتفادي عملية تصويت تبدو صعبة في الكونغرس لاعطائها الضوء الاخضر لضرب سوريا.
وقال مسؤول كبير في الادارة لوكالة فرانس برس "ان هدفنا منذ البداية كان ضمان امن مخزون الاسلحة الكيميائية في سوريا".
وشدد على ان "الاعلان الذي اصدره الروس كان نتيجة اشهر من الاجتماعات والمحادثات بين الرئيسين اوباما و(فلاديمير) بوتين، وبين وزير الخارجية كيري ونظيره (الروسي سيرغي) لافروف، حول الدور الذي يمكن ان تلعبه روسيا لضمان امن هذه الاسلحة الكيميائية".
وبحسب المسؤول الذي طلب عدم كشف اسمه، فان الفكرة طرحت لاول مرة بين اوباما وبوتين قبل عام خلال قمة مجموعة العشرين في لوس كابوس في المكسيك، وجرى بحثها مرارا فيما بعد "ولو انه لم يتم التوصل الى اتفاق" بهذا المنحى.
وسعى كيري لبلورتها خلال زيارة لموسكو في ايار/مايو بحث خلالها مع لافروف امكانية "تكرار نموذج ممكن للبرنامج النووي الليبي الذي تم تفكيكه عام 2003 بموجب اتفاق دولي".
وخلال قمة مجموعة العشرين الاخيرة في سان بطرسبورغ الاسبوع الماضي عاد بوتين "وطرح مجددا" هذه الفكرة وفق المسؤول الذي اضاف ان "اوباما اعتبر ان ذلك يمكن ان يشكل طريقا للتعاون" بين البلدين.
وعلق المسؤول "كانت هذه اول مرة يظهر الروس جدية في تحقيق ذلك بشكل اني واستعدادا لصياغة اقتراح جدي".
وفيما كان من المنتظر اجراء المزيد من المحادثات بدون ان يكون من المقرر اصدار اعلان، قدم لافروف الاثنين الاقتراح الذي "مضى ابعد مما كان متوقعا".
وتابع ان "الكرة هي الان في ملعبهم. يجب ان يثبتوا .. ان بمقدورهم تقديم طرح جدي".
واكد المسؤول ان الرهان رابح لكلا اوباما وكيري ايا كانت نتيجته.
واوضح "اما تنجحون في اقامة صيغة او وسيلة تمكن من تحقيق الهدف بسرعة وبطريقة يمكن التحقق منها، او يصبح بوسعكم القول او الاثبات بانكم استنفدتم طريقا دبلوماسيا جديدا بدون ان يحقق نتيجة، ما يعطيكم شرعية اكبر ويسمح لكم بكسب تاييد المزيد من الحلفاء واعضاء الكونغرس".
واثار لافروف مفاجأة كبرى الاثنين باعلانه طرحا يقضي بوضع السوريين مخزونهم من الاسلحة الكيميائية تحت مراقبة دولية لتفادي ضربة اميركية لنظام دمشق الذي يتهمه الغربيون بتحمل مسؤولية هجوم كيميائي وقع في 21 اب/اغسطس في ريف دمشق واسفر عن مئات القتلى.
واوضح لافروف الثلاثاء ان هذا الطرح "ليس مبادرة روسية بالكامل" موضحا ان هذا الطرح "انبثق عن الاتصالات التي اجريناها مع زملائنا الاميركيين وتصريحات جون كيري امس (الاثنين) الذي عرض امكانية تفادي الضربات اذا كان من الممكن تسوية هذه المسألة".
والثلاثاء اعلن اوباما في كلمة الى الامة ان الوقت ما زال مبكرا لمعرفة ما اذا كانت الخطة الروسية يمكن ان تجنب سوريا ضربة عسكرية لكنه تعهد باعطاء الدبلوماسية فرصة مع ابقاء "الضغط" العسكري.