توصلت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل الاربعاء(27 نوفمبر/تشرين الثاني2013) الى اتفاق مع الحزب الاشتراكي الديموقراطي لتشكيل حكومة ائتلافية وذلك بعد شهرين على فوزها من دون الحصول على غالبية مطلقة في الانتخابات التشريعية، كما صرح مسؤولون من مختلف الاحزاب.
وهذا الاتفاق بين حزبي المحافظين (الاتحاد المسيحي الديموقراطي والاتحاد المسيحي الاجتماعي) والحزب الاشتراكي الديموقراطي، الذي اعلن فجر الاربعاء بعد جلسة محادثات ماراتونية اخيرة استمرت 17 ساعة، اقرته مجموعة موسعة تضم 75 مفاوضا من الاحزاب الثلاثة.
ويفترض الان ان يوافق عليه ناشطو الحزب الاشتراكي الديموقراطي في استفتاء مطلع كانون الاول/ديسمبر تبقى نتائجه غير واضحة.
وفي حال موافقة قاعدة الحزب الاشتراكي الديموقراطي يتوقع ان تنتخب ميركل في 17 كانون الاول/ديسمبر من قبل مجلس النواب (بوندستاغ) على رأس حكومة "ائتلاف كبير" لولاية ثالثة من اربع سنوات.
وقالت الامينة العامة للحزب الاشتراكي الديموقراطي اندريا نالس ردا على اسئلة الصحافيين في اعقاب المفاوضات "ان الصفقة التي تم التفاوض بشأنها مع المسيحيين الديموقراطيين" هي "حزمة (تدابير) يمكننا عرضها على نشطائنا وبامكاننا الموافقة عليها".
وقد وافقت ميركل على تقديم تنازلات كبيرة من شأنها ان تساعد على ازالة تحفظات ناشطي الحزب الاشتراكي الديموقراطي في التحالف مع حزب من اليمين.
واكدت نالس التوصل الى موافقة على وضع حد ادنى للاجور في المانيا يبلغ 8,50 يورو في الساعة اعتبارا من العام 2015، على ان يطبق على كافة القطاعات اعتبارا من 2017. لكن ثمة تفاصيل عديدة تبقى بحاجة للتوضيح.
وقالت ميركل "ارحب بالتوصل الى اعلان تطبيق (الحد الادنى للاجور) في الاول من كانون الثاني/يناير 2015"، مذكرة بان هذا الاجراء لم يطلبه الاتحاد المسيحي الديموقراطي ولا فرعه البافاري.
وسيتحدد الحد الادنى ب8,50 يورو في الساعة. لكن العديد من الفروع التي لديها اتفاقات بشان اجور اقل من ذلك قد تنجو من تطبيق الاتفاق الجديد حتى 2017. وقالت المستشارة "اجد اننا توصلنا الى تسوية عادلة. تصرفنا بما يؤدي الى ان يمثل ذلك فرصة وليس تهديدا بخسارة وظائف".
وكان الحزب الاشتراكي الديموقراطي جعل من تبني هذا الاجراء الاساسي في برنامجه الانتخابي شرطا ضروريا لاي اتفاق ائتلافي. وهذا الحد الادنى للاجور يعد سابقة في المانيا حيث كان يعود حصرا الى الشركاء الاجتماعيين تسوية المسائل المتعلقة بالاجور.
ومن شأن هذا التدبير تحسين القدرة الشرائية لملايين من اصحاب الاجور.
وبحسب المعهد الالماني للابحاث الاقتصادية (دي اي في) فان 5,6 مليون شخص، اي 17% من اصحاب الاجور الالمان، يكسبون حاليا اقل من 8,50 يورو.
وهذه الزيادة في الرواتب ستذهب ايضا في اتجاه ما طلبته مؤخرا منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية وصندوق النقد الدولي لتحفيز استهلاك الاسر في المانيا. كما ابدى الاتحاد الاوروبي وفرنسا والولايات المتحدة قلقا ايضا من سياسة الاجور المقيدة جدا التي تزيد القدرة التنافسية لالمانيا على حساب شركائها.
فبعد اكثر من شهر من المحادثات وفي ختام جلسة مفاوضات استمرت سبع عشرة ساعة انتهت مع الفجر، تمكن الحزب الاشتراكي الديموقراطي من الحصول ايضا على خطة لتحسين معاشات التقاعد لاصحاب الاجور المتدنية وربات البيوت وكذلك امكانية التقاعد في سن الثالثة والستين (بدلا من 67) للذين عملوا 45 عاما.
وستكلف كافة التدابير الاجتماعية والاستثمارات المرتقبة (خاصة في مجال التعليم والبنى التحتية) في مشروع "الائتلاف الكبير" 23 مليار يورو بحلول 2017 وسيتم تمويلها بدون زيادات في الضرائب او المس بهدف خفض الدين العام بحسب المفاوضين.
واعرب الامين العام للاتحاد المسيحي الديموقراطي هرمان غروهي عن ارتياحه خصوصا لاستبعاد زيادات الضرائب كما يرغب الحزب الاشتراكي الديموقراطي. وقال ان "النتيجة (التي تم التوصل اليها) جيدة لبلادنا وهي تحمل بشكل كبير بصمة المسيحيين الديموقراطيين".
وقد حقق الحزب الاشتراكي الديموقراطي مكاسب ايضا في ما يتعلق بمطالبه الاجتماعية الكبرى مثل امكانية منح جنسية مزدوجة للاطفال الاجانب الذين يولدون على الاراضي الالمانية.
كما اتفق هذا الحزب مع الاتحاد المسيحي الديموقراطي والاتحاد المسيحي الاجتماعي بشأن ضريبة السيارات لتمويل الطرق السريعة.
وكانت ميركل قادت حكومة "ائتلافية كبيرة" اثناء ولايتها الاولى من 2005 الى 2009.
وعدل القادة المحافظون والاشتراكيون الديموقراطيون عن اعلان تشكيلة الحكومة المقبلة في انتظار اجراء استفتاء داخل الحزب الذي يفترض ان يحصل على ست حقائب وزارية مقابل تسع حقائب للمحافظين.
ويعتزم الحزب الاشتراكي الديموقراطي استشارة اعضائه المقدر عددهم ب470 الفا بين 6 و12 كانون الاول/ديسمبر، اي قبل يومين من الموعد المرتقب لاعادة انتخاب ميركل للمستشارية.
ومنذ بدء المفاوضات مع المحافظين وعد رئيس الحزب الاشتراكي الديموقراطي سيغمار غابرييل باستشارة قاعدة الحزب بشأن اي اتفاق على تشكيل ائتلاف حكومي لرفع تحفظات العديد من الناشطين.
وقال غابرييل "لقد كسرنا احد المحرمات بالفعل".
واعلن استاذ علم السياسة في الجامعة الحرة في برلين غيرو نوغيباور "هناك رابح وهو ميركل. انها تحصل على تحالف كبير". وراى ان "الحزب الاشتراكي الديموقراطي سيقلق حيال قدرته على اقناع اعضائه بان النتيجة التي تم التوصل اليها تتوافق مع امالهم".
وكانت اول تجربة مع حكومة ميركل ادت بالنسبة للحزب الاشتراكي الديموقراطي الى تسجيل اسوأ نتيجة في تاريخه في الانتخابات التشريعية في 2009 (23%).
لذلك فان فكرة ان يحكم مع المحافظين لا تثير مطلقا الحماسة داخل الحزب الذي ما زال تحت وقع ارث اصلاحات دولة العناية التي اطلقها قبل عشر سنوات غيرهارد شرودر الذي شوهت صورته "الاجتماعية" بشكل دائم.