العدد 4117 - السبت 14 ديسمبر 2013م الموافق 11 صفر 1435هـ

بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني وعيد الجلوس .. البحرين تسير على الدرب وتمضي قدما في طريقها بقيادة جلالة الملك المفدى

المنامة – بنا (كتب: محمد شحات عبدالغني)  

تحديث: 12 مايو 2017

تحتفل مملكة البحرين بأعيادها الوطنية يومي السادس عشر والسابع عشر من ديسمبر/ كانون الأول احياءً لذكرى قيام الدولة البحرينية الحديثة في عهد المؤسس احمد الفاتح ككيان عربي اسلامي عام 1783 ميلادية، والذكرى الثانية والاربعين لانضمامها في الامم المتحدة كدولة كاملة العضوية، والذكرى الرابعة عشرة لتسلم حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى حفظه الله ورعاه لمقاليد الحكم.

وفي ذاكرة شعب هذا الوطن الكريم أيام مجيدة لا تُنسى أعطت لها الدولة كل اهتمام وتقدير، أيام لا يمكن أن يتجاهلها أو يغض الطرف عن فحواها ودلالاتها أحد، إذ تعد رسالة قوية تعزز من قيم الولاء والانتماء لأرض المملكة، ومقياسا لما تم إنجازه في فترات سابقة من عمر البلاد، ومعيارا لمدى التقدم الذي يمكن أن تحققه القيادة الرشيدة للبحرين وشعبها في حاضره ومستقبله القريب والبعيد.

ولعل أكثر هذه الأيام أهمية التي يقدرها شعب البحرين، ويجلها إجلالا يناسب المكانة التي تحظى به في قلوبهم، هو اليوم الوطني الذي يرنو إليه الجميع بشغف باعتباره إعلانا جهوريا بميلاد الدولة وحضورها، سيما أنه يتزامن مع عيد جلوس حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى ال خليفة عاهل البلاد المفدى، والذي يتطلعون إليه هو الآخر للاحتفال بالمناسبتين معا، ليس فقط لأنهما يعكسان الاحتفاء بما تحقق من طموحات وآمال في سبيل النهضة على مدار السنوات الماضية، ولا بسبب كونهما يمثلان تجسيدا حيا للحلم الذي يتشبثون به في الرقي، وإنما لأنهما يقدمان سجلا حافلا بما تحقق وما يُنتظر تحقيقه، ويرسخان من أركان الهوية البحرينية كدولة عربية مسلمة منذ فتحها عام 1783، ووشائج الصلة التي تربط مواطني هذه الأرض وقيادتها منذ آلاف السنين.

اليوم الوطني وعيد الجلوس لا يمكن اعتبارهما إلا مناسبة واحدة تستحق كل إعزاز وتقدير وجهد، مناسبة تحتفل بها البحرين وقيادتها الرشيدة اليوم لتؤكد أنها سائرة على الدرب الذي خطته لنفسها بعيدا عن الأهواء، وأنها ستمضي قدما في طريقها رغم كيد الكائدين في مشروعاتها الإصلاحية وخططها وبرامجها التنموية التي نذرت نفسها لها لتسمو بهذا الوطن وشعبه الكريم إلى المكانة التي ترجوه له في مصاف الدول الكبرى المتقدمة وفق نهج قويم لن تحيد عنه، وبرنامج عمل يستند إلى دعائم متينة قوامها أن مشروع الإصلاح الذي دشنه العاهل المفدى هو حجر الزاوية وشرط أساسي للنجاح التنموي في المجالات كافة.

وواقع الأمر أنه لم يكن ممكنا أن تحقق البحرين ما حققته خلال العام المنصرم إلا باتباع عدة مبادئ مثلت رؤية قيادتها الرشيدة لتوسيع ديمقراطيتها الوليدة وتعميق جذورها لتصل بنتائجها المختلفة، الاجتماعية منها والاقتصادية، فضلا عن السياسية، إلى كل مكونات المجتمع البحريني بكافة فئاته وشرائحه ومستوياته.

ولعل من بين أبرز هذه المبادئ الحاكمة الجهود الدؤوبة لتفعيل شراكة الدولة مع المجتمع باعتباره عنصرا حيويا لنجاح أي عمل في الخطط والمشروعات المتبناة، والذي كان نبراسا للدولة تعمل وتهتدي به منذ ما قبل استقلالها وحتى الآن.

ولا شك أن إرساء مملكة البحرين لهذا المبدأ القويم الذي يمكن تلمس ملامحه في توجيهات جلالة العاهل المفدى السديدة ورعاية الحكومة الموقرة برئاسة سمو رئيس الوزراء لها، في كافة برامجها وفعالياتها وسلوكياتها، الداخلية منها والخارجية، لا شك أنه يؤكد الكثير من الأشياء، كما يفسر العديد من النجاحات، لعل أبرزها الإصلاحات الديمقراطية الجذرية والشاملة التي قامت بها المملكة في غضون هذه الفترة القصيرة في عمر الشعوب، والتي تتواصل حتى اليوم، بداية من إصلاح النظم الانتخابية والتعديلات الدستورية وتوسيع صلاحيات المجلس الوطني واستمرارية قيامه بدوره والأعباء المنوطة به دون انقطاع، وغير ذلك الكثير مما تعكسه إنجازات مختلف القطاعات والمجالات كما سيلي بيانه.

ولقد ساهم في إبراز هذه النجاحات وتحسين مردودها أنها كانت بمشاركة فاعلة من جانب المجتمع أو ممثليه من الأفراد وجمعيات المجتمع المدني وفعالياته التي يقوم بها في الكثير من المناسبات، والتي كان من شأنها ـ حسب دارسي العلوم السياسية والنظم المقارنة ـ ضمان استمرارية الاحترام العام لقواعد اللعبة السياسية، وتلاشي مبررات معارضتها، وقناعة الجميع بمواصلة العمل من أجل تعزيز ممارسة العملية الديمقراطية وتبني قيمها التي لا يمكن لها أن تستقر وتترسخ قواعدها إلا إذا كان الجميع يشارك فيها بفاعلية وتحظى بالقبول والتوافق العام في أوساطهم.

وبقدر أهمية مشاركة المجتمع للدولة في إدارة الشأن العام، حظي المبدأ الثاني الحاكم لرؤية المملكة بالأهمية ذاتها، بل وفاقها في تقدير كثير من المراقبين، علاوة على التقارير الدولية والسمعة الحسنة التي اكتسبتها المملكة في تقييماتها..

ويرتبط هذا المبدأ الحاكم بالجهد الحكومي المبذول من أجل بناء مؤسسات قوية لأداء العمل المنوط بها على أكمل وجه، وبحيث تكون قادرة في الوقت ذاته على الوصول بخدماتها للمواطنين والمقيمين على السواء، ولم تقتصر مثل هذه المؤسسات على السياسية منها فحسب، كما قد يثور لدى البعض، وإنما الاقتصادية والاجتماعية أيضا باعتبار أن بناء المؤسسات كالبرلمانات والجمعيات والقضاء والأجهزة الإدارية والتنفيذية وغير ذلك، واستكمال مقوماتها التنظيمية والإدارية وتوفير ما يلزم لها للقيام بدورها، كفيل بأن يحقق للمشروع الإصلاحي والتنموي للعاهل المفدى النجاح المطلوب.

ويبدو من المهم هنا الإشارة إلى القرارات والإجراءات والفعاليات التي استهدفت دعم وبناء المؤسسات في المملكة خلال العام المنصرم، والتي لا يتسع المجال هنا لذكرها جميعا، وإن كان يمكن الإشارة لأبرزها من قبيل إعادة تشكيل المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان وتعيين صاحب الملكي الامير سلمان بن حمد ال خليفة ولي العهد نائب القائد الاعلى نائبا أول لرئيس مجلس الوزراء لتطوير أداء أجهزة السلطة التنفيذية وتشكيل الهيئة العليا للإعلام والاتصال والمجلس الأعلى للبيئة ومفوضية حقوق السجناء والمحتجزين واختيار صاحب السمو الملكي الامير خليفة بن سلمان ال خليفة رئيس الوزراء الموقر للفوز بالجائزة الأوروبية للشخصية العالمية في العلاقات الدولية 2013 الممنوحة من اتحاد الاقتصاديين والإداريين العرب في الاتحاد الأوروبي وغير ذلك الكثير.

وقد ساعدت كل هذه الإجراءات في تكوين وصياغة العناصر الرئيسية التي تتشكل منها بنية وتجربة الديمقراطية البحرينية ذاتها، والتي كان بمقدورها الوفاء باستحقاقات عملية التنمية من جميع جوانبها، من تعليم وصحة ومشاركة وحرية وغير ذلك، وإنهاض المجتمع والارتقاء به، وإتاحة الفرص لفاعليه في التحرك والمناقشة والأخذ والرد بشأن الأداء العام، ناهيك بالطبع عن بناء القدرات الوطنية في القطاعات المختلفة ورفع قدراتها عندما تتعاطى مع الآليات والمؤسسات والتقارير الدولية المعنية بهذه القضايا.

وبجانب الشراكة المجتمعية وبناء المؤسسات الوسيطة منها وغير الوسيطة وتفعيل قدراتها، حيث يوجد في البحرين العديد من هذه الآليات التي تشمل الصحف ووسائل الإعلام والجمعيات والنقابات وغير ذلك في العديد من القطاعات، لم تغفل القيادة الرشيدة عن مبدأ مهم يعد أساس التواصل بين مكونات المجتمع المختلفة، وركن أصيل من أركان مفهوم الديمقراطية الشاملة التي تبنتها، والتي لا تنصرف إلى قيم الترشح والانتخاب فحسب، وإنما تتجاوز ذلك لتشمل الحكم الجيد والرضا العام وفعالية الأداء والشفافية والمكاشفة والمحاسبة والمساءلة وغير ذلك..

وهذا المبدأ يعرفه المتخصصون بأنه قدرة الدولة على توزيع الموارد وتلبية احتياجات الناس من خلال السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي توسع من الخيارات والبدائل المتاحة أمامهم، سيما منهم الفئات الضعيفة ذوي الاحتياجات الخاصة وغير القادرة على التأثير مثل: المرأة والطفل والمعوقين وكبار السن وذوي الدخل المحدود، وغير هؤلاء.

ويبدو من المهم هنا إبراز عدة مؤشرات تعكس نجاح البحرين والسياسات المتبعة فيها على تلبية الاحتياجات المجتمعية عامة، واحتياجات هذه الفئات بشكل خاص على مختلف المستويات القانونية والاجتماعية والتربوية والثقافية، منها جهود تطوير الاقتصاد الوطني الذي يعد الأكثر تنوعا في الخليج وأحد أكبر الاقتصادات في تحقيق معدلات نمو عالية خلال 2013، ومد مظلة الدولة الرعائية والاجتماعية ورفع سقفها لتشمل حتى المقيمين، وجهود الأجهزة واللجان المعنية بشؤون المرأة والطفل لإقرار وسن تشريعات تحمي حقوقهم كالمرسوم بقانون رقم 32 بشأن حقوق الطفل، وتدشين الاستراتيجية الوطنية للطفولة للسنوات الخمسة المقبلة، وعضوية المملكة في لجنة حقوق الطفل الأممية للفترة 2013 -2017..

يضاف إلى ذلك ارتفاع مشاركة المرأة في اقتصاد المملكة حتى عام 2020 بنسبة 5% لتصل إلى 45.6% بالمقارنة مع مستواها في الوقت الحالي، وذلك حسب دراسة لمجلس التنمية الاقتصادية الذي أشار إلى نمو عدد النساء في سوق العمل جزئيا وانخفاض معدل البطالة في صفوفهن وارتفاع عدد السجلات التجارية المسجلة باسمهن إلى 29%، وغير ذلك من مؤشرات تعكس جميعها مدى نجاح سياسات الدولة وارتفاع النتائج التي حققتها.

يضاف إلى ذلك إنجازات عديدة أخرى في مجالات الصحة والتعليم للجميع، إذ فازت البحرين خلال عام 2013 بعضوية المجلس الدولي الحكومي لبرنامج المعلومات للجميع، والمجلس الدولي الحكومي لتنمية الاتصال، فضلا عن جهود مكافحة الإتجار بالأشخاص واحترام كرامة الفرد والعمال الأجانب وكفالة الحريات الدينية للمواطنين والمقيمين على السواء.

إن مملكة البحرين كانت وستظل دولة مستقلة ذات سيادة، وهي تجربة تثبت منذ فتحها عام 1783 أنها بأيد أمينة برؤية قيادتها الثاقبة في إشراك مجتمعها في الشأن العام وبناء مؤسساتها وتجذر سياستها وتعميق نتائجها لتصل للجميع، واحتفالها اليوم بعيدها الوطني وعيد جلوس العاهل المفدى هو احتفاء بذكرى تلك المناسبة والتجربة المجيدة.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً