أحيت سفارة دولة فلسطين لدى مملكة البحرين الذكرى الـ66 للنكبة بوقفة حاشدة في مقرها بالعاصمة المنامة، تخللها بعض الكلمات الخطابية، بحضور السفراء العرب وممثلين عن الأمم المتحدة ومجلس النواب البحريني، وأعضاء من السلك الدبلوماسي المعتمدين وعدد من أبناء الجالية الفلسطينية في مملكة البحرين ومن المنطقة الشرقية للمملكة العربية السعودية.
واستهلت الوقفة التي رفع فيها علم فلسطين وعلم البحرين وصور وشعارات تجسد حق العودة بدقيقة صمت على أرواح شهداء القضية الفلسطينية من مناضلين فلسطينيين وعرب وأجانب من جميع أنحاء العالم.
وفي بداية الوقفة رحب سفير دولة فلسطين لدى مملكة البحرين طه عبد القادر بالحضور، متوجهاً بالتحية والتقدير لمملكة البحرين الشقيقة ملكاً وحكومة وشعباً ولهذا البلد الطيب الذي غمر شعب فلسطين كل فلسطين بالمحبة وخاصة الجالية الفلسطينية التي تعيش بين أهلها بوئام ومحبة واطمئنان، متمنياً للمملكة التقدم والازدهار والأمن والأمان موجهاً التحية لصاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة.
وقال السفير الفلسطيني : إننا في الذكرى الـ66 للنكبة هذه الذكرى الأليمة في الوجدان والحاضر الفلسطيني نؤكد أن حق العودة هو حق تاريخي وشرعي وقانوني ثابت وغير قابل للتصرف مستمد من القانون الدولي المعترف به عالمياً، هذا الحق الذي لا يسقط بالتقادم وبمرور الزمن ومهما طالت المدة التي حرمنا فيها من العودة إلى ديارنا، موضحاً أن هذا الحق فردي وجماعي تكفله قرارات الأمم المتحدة خاصة القرار رقم 194 لعام1948.
وطالب السفير عبد القادر المجتمع الدولي بالعمل الجاد وفق قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية وبالضغط على إسرائيل لينال شعبنا الفلسطيني حريته ويحقق عودته ولنقيم دولتنا الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها الأبدية القدس الشريف.
ونوه السفير عبد القادر أن شعبنا الفلسطيني في الوطن والشتات ومعه كل الأحرار في العالم وهو يحيي هذه الذكرى هذا العام، عام التضامن الدولي مع شعبنا كما أعلنته الأمم المتحدة، يثبت للقاصي والداني بأنه لن يهدأ ولن يستكين حتى يحقق طموحاته بالحرية والاستقلال وهو ما يزال يناضل على خطى الشهيد الرمز ياسر عرفات، وخلفه الرئيس محمود عباس المتمسك بالثوابت الوطنية، رغم الضغوط الأمريكية والابتزاز الإسرائيلي في هذا الوقت العصيب الذي تتعرض فيه القدس المحتلة لأعتى سياسة تهويد وبطش ويزداد الاستيطان ويشتد الحصار المفروض على المحافظات في الضفة وغزة وتتصاعد وتيرة الممارسات الإجرامية الإسرائيلية التي تستهدف البشر والحجر والشجر وكل ما هو فلسطيني وفي ظل المؤامرة التي تحاك ضد المخيمات الفلسطينية في وقت يخوض فيه أسرانا الإداريين الأبطال إضراباً مفتوحاً عن الطعام، ولن يتحقق السلام دون الإفراج عن جميع الأسرى القابعين في سجون الاحتلال.
وأستدرك السفير الفلسطيني أن شعبنا في ظل كل ما يتعرض له وقيادتنا الفلسطينية فإنه لدينا عدة خيارات وجميعها مفتوح ومشروع ومنها والحصول على عضوية المؤسسات الدولية الـ63 وكذلك خيار المقاومة الشعبية ويعتبر هذا العام هو عام هذه المقاومة الشعبية المباركة لأن شعبنا يئس من المماطلة والانتظار.
بدوره أكد سفير المملكة المغربية لدى مملكة البحرين أحمد رشيد خطابي الذي يترأس عاهل بلاده لجنة القدس، في كلمته أن قضية فلسطين تهم جميع العرب والمسلمين منوهاً أن ذكرى النكبة كانت ولا تزال ذكرى أليمة وقاسية جدا بكل أبعادها الأخلاقية والقانونية لأنها بالنهاية عملية استبدال قسري لشعب يملك الأرض بمجموعة من اليهود الذين كانوا في بقاع العالم، تم تجميعهم على ارض فلسطين الطاهرة، مؤكداً أن هذه المؤامرة انكشفت بفضل قوة إرادة الشعب الفلسطيني وبفضل صموده ونضاله أدرك العالم إن هذا الاستبدال كان عملية للتطاول على ارض الغير والاستيلاء بالقوة على ارض شعب عريق هو الشعب الفلسطيني، فالعالم بأسره أدرك مشروعية القضية الفلسطينية وان الشعب الفلسطيني عانى من العن أشكال الاحتلال في تاريخ البشرية، وهو ما توج هذا العام بإعلان أن هذه السنة هي سنة التضامن مع الشعب الفلسطيني بقرار من الأمم المتحدة فالإرادة الدولية واضحة في هذا الباب ففلسطين هي لأهلها الشعب الفلسطيني الذي نحيي صموده رغم كل الصعاب التي تواجهه لكنه هذا الشعب يبرهن دوماً وفي كل يوم عن إرادته الصلبة للوصول إلى مبتغاه بالدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وبهذه المناسبة نريد أن نهنئ الشعب الفلسطيني على المصالحة التي تمت في المدة الأخيرة وهي مؤشر وعلى وحدة الصف ورأب الصدع للمضي قدما في بناء الدولة الفلسطينية الوطنية.
وأضاف السفير خطابي ان في هذا الإطار هناك توحيد للجهود العربية والإسلامية وبصفة أساسية بتنسيق كامل مع المجتمع الدولي، ولجنة القدس هي لجنه دائمة منبثقة عن منظمة العالم الإسلامي وتعمل وفق رؤية واستراتيجية واضحة قائمة على الفعل الميداني الملموس يتمثل فيما يمكن أن نقدمه فعلاً للشعب الفلسطيني من مساعدات وأعمال خيرية في المجال العمراني والتعليمي والاجتماعي وبشكل نقدم من خلاله شيئاً ملموساً لهذا الشعب وخصوصا المقدسيين الذين هم في أمس الحاجة لمثل هذا التضامن.
وأشار السفير المغربي أن رئيس لجنة القدس العاهل المغربي الملك محمد السادس ترأس في معية الرئيس محمود عباس منذ فترة مضت الدورة الـ20 للجنة القدس والتي تمخضت عنها قرارات عملية ومهمة جدا للقضية الفلسطينية التي هي قضية الجميع المغرب العربي وكل المنطقة العربية ومسلمين وكل الذين يؤمنون بمبادئ الحق والعدل ولابد لهذا الشعب أن يستعيد حقوقه ويقيم دولته المستقلة فوق أرضه المحررة وعاصمتها القدس الشريف، موجهاً التحية لفلسطين ولشعبها وللسفير الفلسطيني وللجالية الفلسطينية المقيمة في البحرين قائلاً "نحن قلوبنا معكم وكل إمكانياتنا المتواضعة في العالم العربي رهن إشارتكم".
بدوره أكد ممثل الأمين العام، مدير مركز الأمم المتحدة للإعلام ببلدان الخليج السفير نجيب فريجي، في كلمته أن ذكرى النكبة تتيح فرصة للتأمل في الحالة الحرجة التي يواجهها الشعب الفلسطيني وللنظر في مساهمات المجتمع الدولي ومسؤولياتنا كحكومات أو منظمات دولية أو منظمات للمجتمع المدني، لتحقيق السلام في الشرق الأوسط وهو أفضل سبيل لتحقيق جانب من طموحات الشعب الفلسطينيين الذي ظل الشعب الوحيد على وجه الأرض الذي تحتل أراضيه في انتهاك صارخ للقانون الدولي والأعراف ذات الصلة.
ودعا فريجي المفاوضين الإسرائيليين والفلسطينيين للعمل معاً نحو الهدف المتفق عليه المتمثل في التوصل إلى تسوية شاملة وسلمية لجميع قضايا الوضع الدائم، داعياً في الوقت ذاته المجتمع الدولي أن يقدم الدعم للطرفين في هذا المسعى الطموح للوفاء بالحل القائم على الدولتين، وبذلك يتم وضع حد للنزاع. كما يجب على جميع الأطراف أن تتصرف بطريقة مسؤولة والامتناع عن الأعمال التي تقوض احتمالات نجاح المفاوضات.
وعبر فريجي عن القلق البالغ من جراء استمرار نشاط إسرائيل الاستيطاني الخطير للغاية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إذ أن الإعلان عن بناء الآلاف من الوحدات السكنية الجديدة لا يمكن أن يتوافق مع هدف التوصل إلى حل الدولتين ويهدد بانهيار المفاوضات.
وتعد المستوطنات انتهاكا للقانون الدولي وتشكل عقبة في طريق السلام. ويجب أن تتوقف جميع الأنشطة الاستيطانية في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
ولن يعترف المجتمع الدولي بالتدابير التي تحكم مسبقا على قضايا الوضع النهائي.
كما أكد فريجي أنه لا يمكن القبول بأن يتواصل تشريد الفلسطينيين من خلال هدم المنازل في المنطقة (جيم) في الضفة الغربية والقدس الشرقية. وتتسم التطورات في القدس الشرقية بأهمية خاصة، حيث تم في هذا العام وحده، هدم نحو 100 من المباني، مما أدى إلى تشريد 300 شخص. ويواجه مئات غيرهم من الفلسطينيين خطر التشريد لأن منازلهم بنيت دون تصاريح بناء صادرة إسرائيل. وهذا ما يبرز أهمية حصول الفلسطينيين على نظام عادل للتخطيط وتقسيم المناطق.
وعلى المجموعة الدولية أن تكرس مسؤوليتها في ضمان بأن تفي إسرائيل بالتزاماتها بحماية السكان في ظل الاحتلال.
ونوه فريجي لدور وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) التي تعد شريان الحياة بالنسبة للملايين من الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية والمنطقة، مؤكداً أنها لا تزال تواجه صعوبات مالية خطيرة. مشدداً في هذا السياق على نداء الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي دعا جميع الجهات المانحة، بما في ذلك الجديدة منها، إلى تقديم أو زيادة المساهمات من أجل الحفاظ على العمليات الحيوية والتي لا غنى عنها التي تضطلع بها الأونروا.
كما أشاد فريجي بالمصالحة الفلسطينية مشيراً إلى التطلع إلى تغلب الإخوة الفلسطينيين على الانقسامات من دون تأخير لمصلحة الوحدة الوطنية الكفيلة بمجابهة المحنة الفلسطينية.
مشدداً أن الهدف في أعين الأمم المتحدة فيضل واضحا وهو وضع حد للاحتلال الذي بدأ عام 1967 وإقامة دولة فلسطين ذات السيادة والمستقلة والقابلة للبقاء على أساس حدود عام 1967، تعيش جنبا إلى جنب في سلام مع دولة إسرائيل الآمنة. ويتعين أن تخرج القدس من المفاوضات باعتبارها عاصمة الدولتين، مع وضع ترتيبات للأماكن المقدسة تكون مقبولة للجميع. وإيجاد حل متفق عليه لملايين اللاجئين الفلسطينيين في جميع أنحاء المنطقة.
وطالب فريجي المجتمع الدولي بالعمل معا لتحويل التضامن الذي يتم التعبير عنه في هذه المناسبة إلى عمل إيجابي من أجل ضمان حق الشعب الفلسطيني في السلام والعدالة و حقه مشدداً أنه ليس بوسعنا أن نتحمل خسارة الفرصة السانحة.
من جانبه نقل النائب في مجلس النواب البحريني أحمد الساعاتي "نيابة عن رئيس وأعضاء مجلس النواب تحيات شعب البحرين ودعمه وتضامنه مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة" معبراً عن ثقة الجميع بالعودة إلى فلسطين محررة وقد أقيمت الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، مؤكداً أن النكبة هي الجرح الغائر الذي يستنزفنا يوميا حيث ضاعت فلسطين في مثل هذا اليوم قبل 66 سنة، مستدركاً أن هذه الوقفة الرمزية في مملكة البحرين وإحياء الشعب الفلسطيني في وطنه وفي الشتات للذكرى الأليمة لدليل بأننا سنناضل وسنواصل سوياً حتى تعود فلسطين.
واكد الساعاتي خطورة وضع القدس بعد زيارته لها مطلع هذا العام في ظل الخلافات العربية العربية و مشاعر الاطمئنان بصمود الشعب الفلسطيني القوي في وجه الاحتلال الإسرائيلي في كل المناطق أمام المستوطنات وأمام الجنود الإسرائيليين مؤكدا كذلك بان القضية الفلسطينية موجودة في كل ضمير وفي كل بيت في البحرين".