قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن هناك بواعث للقلق تعتري قانون العدالة الانتقالية المزمع إرسائه في تونس للنظر في انتهاكات حقوق الانسان منذ أكثر من نصف قرن، أساسا بشأن مدى استجابته للمعايير الدولية في ضمان محاكمة عادلة للمتهمين.
وقالت المنظمة في تقرير لها تحصلت وكالة الأنباء الألمانية على نسخة منه اليوم الجمعة (23 مايو / أيار 2014) عبر مكتبها في تونس إن على السلطات التونسية أن تضمن استقلالية الدوائر المتخصصة التي أنشأها قانون العدالة الانتقالية، واستجابتها للمعايير الدنيا الدولية للمحاكمة العادلة.
وقال إريك جولدستين، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش "قد تكون للدوائر المتخصصة مساهمة فعالة في محاسبة الأشخاص المتورطين في انتهاكات خطيرة أثناء فترة حكم بن علي وتحقيق العدالة للضحايا.
ولكن لن تكون هذه الدوائر ذات جدوى إلا إذا توفرت لها شروط الفاعلية والاستقلالية والعدالة".وكان المجلس الوطني التأسيسي قد تبنى قانون العدالة الانتقالية في كانون أول/ديسمبر 2013 والذي ينص على إحداث دوائر متخصصة في منظومة المحاكم لمحاكمة الجرائم الخطيرة المرتكبة بين تموز/يوليو 1955 وكانون أول /ديسمبر2013.
وعهدت وزارة العدل في آذار/مارس الماضي إلى لجنة تقنية بمهمة صياغة مرسوم متعلق بكيفية عمل هذه الدوائر. لكن المنظمة لاحظت بعض بواعث القلق بقانون العدالة الانتقالية والمتعلقة بحق المتهمين في الحصول على محاكمة عادلة في الدوائر المتخصصة الى جانب ضمان محاسبة المسؤولين السامين.
وقالت إن من بواعث القلق تلك هي إعطاء الدوائر المتخصصة صلاحية النظر في "الانتهاكات" المتعلقة بتزوير الانتخابات والدفع إلى الهجرة الاضطرارية، وهي أعمال غير مجرمة لا في المجلة الجزائية التونسية ولا في القانون الدولي.
كما لاحظت أن القانون يقترح إمكانية إعادة محاكمة شخص ما بتهم جنائية تتعلق بنفس الجرم، وهو انتهاك لأحد أهم مبادئ سلامة الإجراءات التي يكفلها القانون الدولي.
وطالبت المنظمة في تقريرها بأن يضمن المرسوم اختيار قضاة لدى الدوائر المتخصصة يكونون مستقلين عن السلطة التنفيذية.
وقالت "يجب أن يحدث المرسوم وحدات تحقيق ونيابة عمومية قادرة علي تحديد سياسة تتبعات وتحقيق أقصى قدر من المساءلة على الانتهاكات الخطيرة مع احترام معايير المحاكمة العادلة".
وأضافت "كما يجب أن ينشئ المرسوم إطارا لحماية الضحايا والشهود وموظفي القضاء من أي تخويف أو انتقام محتملين".
ودعت هيومن رايتس المشرعين في تونس الى سن تشريعات تحدد مسؤولية القيادة في المجلة الجزائية التونسية حتى يتسنى للدوائر المتخصصة محاكمة المسؤولين السامين بأجهزة الدولة والمتورطين في انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان.
وقالت المنظمة إن غياب الأحكام القانونية التي تجرم مسؤولية القيادة عن القانون التونسي ساهم في صدور أحكام تبدو أنها مخففة في حق بن علي وبعض القيادات العليا بسبب إشرافها على القوات التي قامت بقتل عشرات المتظاهرين أثناء الانتفاضة التونسية.
وكان القضاء العسكري في تونس أصدر في (نيسان/أبريل الماضي) أحكاما بالإفراج عن قيادات أمنية بارزة في حكم بن علي مثل وزير الداخلية رفيق الحاج قاسم ومدير الأمن الرئاسي الجنرال علي السرياطي في قضايا شهداء وجرحى الثورة، بعد أن استوفوا عقوبات سجنية بثلاث سنوات وهي مدة الإيقاف التي قضوها في السجن منذ القاء القبض عليهم بتهمة قمع المظاهرات.
وأثارت الاحكام انتقادات واسعة لدى أحزاب سياسية ومنظمات من المجتمع المدني دفعت المجلس التأسيسي الى المطالبة بسحب قضايا شهداء وجرحى الثورة من القضاء العسكري وإعادة النظر فيها امام محاكم أخرى متخصصة.