احتفل الاتحاد الأفريقي يوم 25 مايو / أيار بمرور 51 سنة علي تأسيسه، في وقت تقع فيه القارة رهينة موجة من العمليات الإرهابية، دون أن يفعل الإتحاد الأفريقي شيئا يذكر لمواجهة هذه الظاهرة المتصاعدة، وفقا للعديد من الخبراء الأفارقة.
يشرح المحلل السياسي المستقل، إيفلين مويو، لوكالة إنتر بريس سيرفس، في تقرير أعده "جيفري مويو" أن "الصراعات غير المحلولة التي تنتشر في جميع أنحاء القارة، تضع كفاءة الاتحاد الافريقي على المحك. أعتقد أننا لا نحتاج إلى عالم صواريخ ليقول لنا ما الذي يريده الاتحاد الافريقي علي ضوء الهجمات الإرهابية في شرق وغرب أفريقيا".
يكفي التذكير بأن الجماعة المتطرفة الصومالية حركة الشباب، قد وشنت حملة ترهيب في البلاد وعبر شرق أفريقيا، من خلال هجمات إمتدت إلي كينيا المجاورة، حيث حصد هجوم 21 سبتمبر / أيلول 2013 على المركز التجاري "ويست جيت" في نيروبي، أرواح أكثر من 67 شخصا إضافة إلي ما يزيد عن 175 جريحا. وأعلنت حركة الشباب الصومالية، ذات الصلة بتنظيم القاعدة مسؤوليتها عن هذا الهجوم.
كذلك فقد شهدت مدينة مومباسا الساحلية في كينيا، التي تعتبر وجهة سياحية شعبية، عددا من الهجمات الإرهابية علي أيدي حركة الشباب، مما حمل حكومات المملكة المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا علي إصدار تحذيرات لمواطنيها بعدم السفر الى تلك المنطقة.
وفي غرب أفريقيا، اهتزت أرجاء المنطقة في موجة من عدم الاستقرار، بسبب مجموعة بوكو حرام المتطرفة ومقرها في نيجيريا. هذه الجماعة -المرتبطة بتنظيم القاعدة- إستأثرت علي الاهتمام الدولي بعد اختطافها 276 تلميذة في شيبوك بولاية بورنو الواقعة شمال شرق نيجيريا، في 14 أبريل / نيسان الأخير.
وفي غضون ذلك، تكافح الحكومة النيجيرية لاحتواء هجمات بوكو حرام التي هاجمت أيضا الدول المجاورة بما فيها الكاميرون. وهناك مخاوف من عدم الاستقرار أيضا في أجزاء من الدول المجاورة، من تشاد والنيجر إلي بنين وغانا وحتى جمهورية أفريقيا الوسطى.
في هذا الشأن، يعرب المحلل السياسي، مالفيرن تيغيري، عن إعتقاده بأن الاتحاد الافريقي لم يفعل شيئا يذكر لاحتواء تهديد الإرهاب في القارة.
"نحن أمام حالة أعار الاتحاد الافريقي لها أذنا صماء لشدة الهجمات الإرهابية التي تنتشر في أنحاء غرب أفريقيا. لقد قتلت حركة الشباب 72 شخصا يوم 21 سبتمبر عام 2013 في المركز التجاري الكيني... ماذا فعل الاتحاد الافريقي تجاه ذلك؟ هل مذبحة كل هذه الأعداد من الناس مجرد شيء تافه؟".
وأضاف لوكالة إنتر بريس سيرفس: "هناك هجمات إرهابية في كينيا، هجمات إرهابية في نيجيريا، وهجمات إرهابية في الصومال أيضا...وكلها دول أعضاء في الإتحاد الافريقي. لم يصدر أي حل واضح من قبل الإتحاد الأفريقي لاحباط مثل هذه الأفعال، وهذا يوهن كيان الإتحاد الأفريقي حقا".
لكن المحلل السياسي الزيمبابوي المستقل، مايكل موانزا، يري الأمور من زاوية مختلفة. فيقول لوكالة إنتر بريس سيرفس: "لقد لعب الاتحاد الافريقي -منظمة الوحدة الأفريقية سابقا- دورا محوريا في إنهاء الاستعمار وحكم الأقلية في أفريقيا. وكان الاتحاد الافريقي هو من وفر الأسلحة والتدريب والقواعد العسكرية للدول الافريقية المستعمرة التي كانت تقاتل من أجل الاستقلال".
ويذكر أن منظمة الوحدة الأفريقية قد تأسست منذ أكثر من نصف قرن في اثيوبيا، وبالتحديد يوم 25 مايو 1963 وكانت مكلفة بحل النزاعات الاستعمارية. ثم تم استبدالها بالاتحاد الافريقي يوم 26 مايو/ أيار 2001.
هذا ويشاطر دبلوماسي تنزاني في زيمبابوي -شريطة عدم الكشف عن هويته- موقف الخبير موانزا، قائلا: "ليس كل شئ سيئ في الاتحاد الافريقي. لقد لعبت المنظمة دورا في عملية التوسط لتأسيس حكومة الوحدة الوطنية في زيمبابوي في عام 2009، وبذلك إستقر السلام والاستقرار إلى البلاد التي كانت علي وشك الانزلاق إلى الفوضى".
ويضيف: "وفي عام 2011 ساعد الاتحاد الافريقي على الإعتراف بزعيم المعارضة، الحسن واتارا، كرئيس لساحل العاج بعد أن رفض الزعيم، لوران جباجبو، تسليمه السلطة بعد خسارته في الانتخابات".
أما المراقب السياسي الزيمبابوي دينيس نيكادزينو، فقد أشار إلي أن الإتحاد الأفريقي "غالبا ما لا يلجأ إلى استخدام القوة لتحقيق الهدوء في حالات النزاع، لكنه يستخدم الحوار.. ولا حرج في ذلك".
بيد أن الناشط الإجتماعي الرواندي، زوتابيا غوندوراما، يعرب عن شعوره بأن الاتحاد الافريقي دخل في حالة تراخي على مر السنين، وترك العالم المتقدم ليعلب دور المنقذ في الصراعات الأفريقية.
وشرح لوكالة إنتر بريس سيرفس، أنه "على مر السنين، سحب الاتحاد الافريقي يده وإعتاد علي وجود قوى عظمى تتدخل في صراعات القارة. وهذا هو السبب وراء عدم تدخل الاتحاد الافريقي على الفور لوقف زحف بوكو حرام، في حين نشرت الولايات المتحدة واسرائيل وفرنسا قوات عسكرية على الحدود بين تشاد ونيجيريا للمساعدة في العثور على الفتيات المختطفات".
ومن جانبه، ربط إرنست مودزينغي -المحلل السياسي ومدير المركز الإعلامي في زيمبابوي- الصراعات المستعرة في أفريقيا بالتوزيع غير المتكافئ للموارد المحلية في القارة. وقال لوكالة إنتر بريس سيرفس أنه "على الرغم من وجود الاتحاد الافريقي، إستمرت أفريقيا تشهد النزاعات التي تسببها حكومات غير فعالة مع عدد قليل من أولئك الذين يستفيدون الناس من الموارد الطبيعية للقارة".
وختاما وتعليقا علي الإحتفال الدولي بـ "يوم أفريقيا" في 25 مايو الجاري، تقول كاثرين مكواباتي -مديرة شبكة حوار الشباب وهي منظمة تروج للديمقراطية في زيمبابوي- أن هناك القليل مما يمكن الاحتفال به.
وتضيف لوكالة إنتر بريس سيرفس: "لدينا قيادة أزمات في أفريقيا حيث يعتقد بعض القادة أنهم مفوضين للحكم إلي الأبد وأن الأهالي يرغبون في تجديد قيادتهم، مما أدى لأن لا يري كثير من الناس أي مبرر للاحتفال بيوم أفريقيا".