العدد 4325 - الخميس 10 يوليو 2014م الموافق 12 رمضان 1435هـ

الموسوي يعيد إنتاج النظر والتناول في "الدعاء مشروع تغيير"

الوسط (فضاءات) - جعفر الجمري 

تحديث: 12 مايو 2017

الكتب التي تبحث في الدعاء وفلسفته ومصادره، صيغة من حيث هو لغة، وقيمة ومعنى وموضوعاً، وارتباطه بالدّين الذي نعرف ونؤمن بالدرجة الأولى؛ تكاد تحصر هذا الأمر وفي اللاوعي أحياناً بها؛ ولا تتردد في التصريح به على هيئة كتب وأبحاث، وذلك من حيث ضيق أفق التناول والحصر فيه، وكأنه موقوف على ملّة دون أخرى؛ بحسب بعض الرؤى، بينما هو في الديانات السماوية حاضرٌ ومقيم ومؤثر، ولا نتجاوز القول بأنه موجود حتى في الاعتقادات الأرضية؛ والوثنية من تلك الاعتقادات؛ إذ لا ديانة إلا ولها إله تتوجّه إليه وتتوسل، تلك الواسطة المراد منها الطلب. تدعو بغاية الطلب لتحقق أمر أو دفعه.
وفي الذهاب إلى تعريفات الدعاء لغة نقف على قول الزمخشري فيه: "دعوت فلاناً وبفلان: ناديته وصحت به، وما بالدار داعٍ ولا مجيب، والنادبة تدعو الميت: تندبه، تقول: وازيداه. ودعاه إلى الوليمة، ودعاه إلى القتال، ودعا الله له وعليه، ودعا الله بالعافية والمغفرة والنبي داعي الله.
وفي "لسان العرب"، لابن منظور: "الدعاء: الرغبة إلى الله عز وجل، دعاه دعاء ودعوى، حكاه سيْبويه، في المصادر التي آخرها ألف التأنيث.
وفي قاموس "الفيروزآبادي" "الدعاء: الرغبة إلى الله تعالى، دعاه دعا ودعوى".
قال ابن بري: قوله في اللغة الثانية: أنت تدعوين لغةٌ غير معروفة. وفي باب الدال والعين وما يثلثهما يقول الفيومي: ودعوت الله أدعوه دعاء: ابتهلت إليه بالسؤال، ورغبت فيما عنده من الخير، ودعا المؤذن الناس إلى الصلاة، فهو داعي الله، والجمع دعاة وداعون، مثل قاضي وقضاة وقاضون.
وفي ملاحظة الشيخ محمد رشيد رضا، أن الدعاء في أصل اللغة النداء والطلب، وهما قسمان: عادي وعبادي.
وجعل العادي ما كان موجهاً من الداعي إلى مثله من الطلب، وكان المدعو قادراً على تلبية طلبه بمقتضى الأسباب العادية.
أما العبادي فهو ما توجه به الداعي إلى من يعتقد أن له سلطاناً وقدرة فوق الأسباب المألوفة.
والمراد بالدعاء في اصطلاح الشرع: سؤال العبد ربه حاجته.
والدعاء في صيغته النصية القرآنية هو المرجع فيما ينشأ ويصاغ من أدعية على لسان البشر، من الأنبياء والأتقياء والصالحين، ولا يخرج دعاء ضمن الفهم الديني عن مظلة المعنى في تلك الصيغة توسلاً وابتهالاً وتضرّعاً.
في هذا السياق، يأتي كتاب سيد هاشم سيد حسن الموسوي "الدعاء مشروع تغيير"، في طبعته الأولى العام 2014، إذ ابتدأه بمقدمة تناولت حركة التطور وضرورته في الحياة طلباً للأفضل، رابطاً ذلك بتطور النفس من مرحلة "انغماسها في اللهو إلى مرحلة العودة إلى الله، ومن وسائل تلك العودة الدعاء، بحسب طرحه.
بعد المقدمة، والإهداء والتوطئة التي بدأها بتساؤل: لماذا البحث الموضوعي في شرح الأدعية؟ متناولاً التفسير الترتيبي للقرآن (من حيث ترتيب السور)، والتفسير الموضوعي، وهو الفحص والدرس الذي يتناول موضوعاً معيناً وكل ما يتعلق به من الآيات، مبدياً انحيازه للثاني منه، يتوزع فهرس الكتاب على الموضوعات الآتية، بحسب ترتيبها: من أُعطى الدعاء لم يُحرم الإجابة، القرآن الكريم، الموت، القلب المحجوب، ضعف الإنسان، حاجة الإنسان بين العطاء الإلهي والعطاء الإنساني، الهروب من الله وإلى الله، النار غضب الله، المرض حينما يكون لطفاً، اللطف الإلهي في توفيق المطيعين وإمهال العاصين، الخلوة والرقابة الاجتماعية، الاستعاذة من الشيطان، الخير والاختيار واتخاذ القرار، الاستغفار، الاعتذار.. أنواعه ونتائجه، البكاء، الذكر اللفظي والذكر القلبي والعملي، الصلاة على محمد وآل محمد، حقيقة السعادة، المستقبل الأخروي للأسرة، السجود، وغيرها من الموضوعات.
الكتاب هو الإصدار الأول للموسوي، ولكل تجربة أولى مثالبها والثغرات، ولا مجال هنا لحصرها؛ والموسوي هنا لم يأتِ بجديد في هذا المبحث. بدا الكتاب إعادة إنتاج لتجارب وإن جاء في صيغته وشكله معبّراً عن المحصّلات المعرفية التي أحاط بها الموسوي، والأدوات.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 6:33 ص

      يقول آية الله السيد كمال الحيدري عن الدعاء:

      إن الهدف الأعظم من وراء التزود بثقافة الدعاء (ليس قضاءَ الحوائج)، فذلك (أمر عرضي) عند العارفين بالله.
      وإنما الهدف الأعظم و الحقيقي هو (نيل القرب من الله)، ونيل القرب ليس مقرونا بالضراء و أو الشدة ليتوقف الدعاء عند ذلك.
      أي التواصل مع الخالق و نيل القرب هو أعم و أوسع من قضاء الحوائج

اقرأ ايضاً