خصصت صحيفة "إنترناشيونال نيويورك تايمز" في عددها يوم الأربعاء (30 يوليو/ تموز 2014)، تقريراً كتبه الصحافي رافاييل مايندر، تناول فيه واحداً من أكبر الكنوز الاثني عشر الإسبانية المدرجة على قائمة الكنوز لديها. إنه كهف ألتاميرا، الذي يقع في سانتايلانا ديل مار في شمال غرب إسبانيا، ويعدّ من أوائل الكهوف المزيّنة برسوم الحيوانات المكتشفة في العالم.
اكتشف الكهف الإسباني مارتشيلينو ساوتيولا في العام 1868، وحاز أهميته في العام 1875؛ عندما اكتشفت ابنة ساوتيولا ذات التسع سنوات رسوم ثيران على سقفه، إلا أن أقدم الرسوم لم يتأكد تاريخها إلا في العام 1900.
يشتهر الكهف برسوماته الممثلة لحيوانات متعددة الأنواع، تشتمل على ثيران، وغزلان، وبيزون (جنس ينتمي إلى فصيلة الأبقار ضمن مجموعة البقريات، ويضم نوعين حيّين يعيشان في قارتي أميركا الشمالية وأوروبا)، يرجع تاريخها إلى العصر الحجري القديم. هنا أهم ما جاء في التقرير:
كهف ألتاميرا في شمال إسبانيا يحتوي على بعض من أروع الأمثلة في العالم، تلك المتعلقة بفن العصر الحجري القديم. لسنوات، جاء الزوّار لرؤية ثيران البيزون، والخيول، إضافة إلى علامات غامضة رسمت ونُحتت على الحجَر الجيري قبل 22 ألف عام. لكن في العام 2002 أقدمت وزارة الثقافة الإسبانية الداعمة للكهف على إغلاق الكهف أمام الجمهور، عندما بدأت بعض الطحالب والعفن يظهران على بعض اللوحات الجدارية. ويعود الضرر إلى وجود الزوّار، واستخدام الضوء الاصطناعي الذي يساعد على رؤية الأعمال.
تمّت الآن إعادة افتتاح الكهف بشكل جزئي، وهنالك نقاش يتم إحياؤه بشأن ما إذا كان موقعاً كهذا ينتمي إلى عصور ما قبل التاريخ، يمكنه أن يصمد أمام الزوّار في العصر الحديث.
منذ أواخر فبراير/ شباط 2014، تم السماح لمجموعة من خمسة زوّار عشوائيين في الأسبوع، يرتدون سترات واقية داخل الكهف، وذلك كجزء من دراسة علمية هدفها تحديد "ما إذا كان شكل من أشكال حضور الجمهور الزائر يتوافق بشكل كافٍ للمحافظة على ألتاميرا.
وقال مدير المتحف التابع إلى الكهف، خوسيه أنطونيو لاشيراس، في مقابلة أجريت معه في مكتبه، إن ألتاميرا ملْك حكومي، وتدعمه وزارة الثقافة.
وعلى رغم ذلك، حذّر لاشيراس بعض العلماء الذين قاموا بدراسات مستفيضة على ألتاميرا، ودعموا إغلاقه في العام 2002، حين أعربوا عن غضبهم بسبب دراسة إمكانية إعادة فتح الكهف. ويقول أولئك العلماء، إن السياسيين يريدون استخدام الكهف لتشجيع السياحة، وفي ذلك تهديد محتمل يواجهه.
من جانبه، قال الأستاذ والباحث في مجلس البحوث الوطنية الإسبانية سيساريو سايث خيمينيز: "تشير جميع البيانات إلى هشاشة الكهف، وسيعاني من عدوى فطرية إذا تم فتحه للزيارات".
وأضاف "نحن على يقين من البيانات التي بحوزتنا، ولا نفهم الجدل بشأن ألتاميرا، ذلك الذي برز لأسباب سياسية أكثر منه لأسباب تقنية أو علمية".
وكان "ألتاميرا" مصدراً للجدل منذ اكتشاف اللوحات فيه أول الأمر في العام 1879 من قبل عالم النبات والآثار، مارتشيلينو ساوتيولا، خلال زيارة استكشافية مع ابنته. وعلى مدى عقود، تم رفض اكتشافه، واعتبر معظمه وهمياً. ولكن في العام 1902 أكّدت دراسة فرنسية أن لوحات ألتاميرا المنحوتة باللونين الأسود والأحمر تنتمي إلى عصور ما قبل التاريخ، ومن وقتها تحوّل ألتاميرا إلى وجهة سياحية رئيسية. وبحلول سبعينيات القرن الماضي، جذب الكهف أكثر من 150 ألف شخص سنوياً.
وتم إغلاق الموقع في العام 1979 للسماح بتحقيق مطوّل لتحديد مدى الأثر الذي يمكن للسياحة أن تحدثه على الكهف، ومن ثَم تمّت إعادة فتحه، ولكن مع تقييد حصة الزوّار بحيث لا تتجاوز 8500 زائر سنوياً. وفي العام 2002، كان ألتاميرا مغلقاً تماماً، مع السماح لزوّار عُرض عليهم بدلاً من ذلك الوصول إلى متحف قريب يحتوي على نسخة طبق الأصل من جزء من الكهف، بما في ذلك غرفة رئيسية تتضمّن رسومات. ومنذ إغلاق الكهف الأصلي، استقبل متحف كهف ألتاميرا ونسخته 205 آلاف زائر في العام الماضي (2013).
العلماء الذين يعارضون أي نوع من إعادة فتح الكهف يقولون، إن الزوّار يغيِّرون مستويات درجات الحرارة والرطوبة وثاني أكسيد الكربون؛ ما يساعد على انتشار الجراثيم على جدران وسقف الكهف، بينما تعمل تيارات الهواء الناجم عن حركة الزوار على تآكل الجدار مخلّفة الرواسب على السطح.