العدد 4387 - الأربعاء 10 سبتمبر 2014م الموافق 16 ذي القعدة 1435هـ

"هيومن رايتس":45 شخصاً بينهم 17 من الأطفال قتلوا في 3 هجمات على مدارس غزة

القدس- هيومن رايتس ووتش 

تحديث: 12 مايو 2017

قالت هيومن رايتس ووتش اليوم الخميس (11 سبتمبر/ أيلول 2014) إن ثلاث غارات إسرائيلية انتهكت قوانين الحرب وتسببت في تدمير مدارس في غزة تأوي أشخاصا مشردين، وراح ضحيتها العديد من الضحايا المدنيين. وفيما يُعدُ جهد التوثيق الأول من نوعه لهذه الانتهاكات، أجرت هيومن رايتس ووتش تحقيقا في الغارات الثلاث التي تم شنها في 24 و30 يوليو/تموز و3 أغسطس/آب 2014، وتسببت في مقتل 45 شخصًا، منهم 17 طفلا.

وقال المستشار الخاص لدى هيومن رايتس ووتش فريد أبراهامز،: "شن الجيش الإسرائيلي غارات على ثلاث مدارس واضحة للعيان وهو يعلم أنها تأوي مئات الأشخاص، ما تسبب في مقتل العديد من المدنيين وإصابة آخرين بجروح. ولم تقدم إسرائيل أي تبرير مقنع لغاراتها على مدارس فيها أشخاص يبحثون عن الحماية، ولا للمجزرة التي نتجت عنها".

 

يبدو أن اثنين من الغارات الثلاث التي أجرت هيومن رايتس ووتش تحقيقات بشأنها، في بيت حانون وجباليا، لم تكن تستهدف أهدافا عسكرية، وكانت غير مشروعة وذات طابع عشوائي. كما كانت الغارة الثالثة في رفح غير متناسبة وعشوائية. وتُعتبر الهجمات غير المشروعة التي تنفذ عمدًا، أي بإصرار أو لا مبالاة، جرائم حرب.

وتلزم قوانين الحرب إسرائيل بإجراء تحقيق ذي مصداقية في إمكانية وقوع جرائم حرب، ومعاقبة المسئولين عنها بشكل مناسب. وقال الجيش الإسرائيلي إنه أنشأ "لجنة تقييمات لتقصي الحقائق" لـ"فحص الوقائع الاستثنائية"، خلال القتال الأخير، وإنه فتح 5 تحقيقات جنائية، وبينها على ما يبدو تحقيق في هجوم 24 يوليو/ تموز، لكن لدى إسرائيل سجلا طويلا من الإخفاق في إجراء تحقيقات ذات مصداقية في جرائم الحرب المزعومة، بحسب هيومن رايتس ووتش.

وفي إفادة إلى وسائل الإعلام، عرض الجيش الإسرائيلي صورا لما قال إنها كانت صواريخ مخبأة في وتم إطلاقها من مجمعات مدرسية. لم تكن أي من الصور من المدارس الثلاث التي تديرها الأمم المتحدة والتي حققت هيومن رايتس ووتش فيها حيث قتل الكثير من المدنيين.

ويبدو أن قذائف هاون إسرائيلية أصابت في الغارة الأولى، حوالي الساعة الثالثة فجرًا من يوم 24 يوليو/ تموز، مدرسة ابتدائية مختلطة في بيت حانون تشرف عليها الأمم المتحدة، وتسببت في مقتل 13 شخصًا، منهم ستة أطفال، وإصابة عشرات الآخرين بجروح.

قال شهود لـ هيومن رايتس ووتش إن القتال الذي شهدته المنطقة أجبر معظم اللاجئين في المدارس على المغادرة، ولكن بقي مئات الآخرين هناك. وكان أغلب هؤلاء ينتظرون الانتقال إلى مكان أكثر أمنًا لما سقطت قذيفتان وسط مبنى المدرسة، ربما قذيفتا هاون من عيار 81 مم أو 120 مم.

قال جمال أبو عودة، وعمره 58 سنة، إنه كان جالسًا خارج الفصل عندما سقطت إحدى القذيفتين. وأضاف: "قتل أغلب الناس وسط فناء المدرسة.. كانت هناك جثث ممزقة، خليط من أطفال ورجال وبنات ونساء، خليط من وجوه وأجسام". كما قال شهود إن قذيفة ثانية سقطت وسط الفناء بُعيد القذيفة الأولى، ثم سقطت قذيفتان أخريان بشكل متتال خارج مبنى المدرسة.

زعم الجيش الإسرائيلي أن مقاتلين تابعين لـ حماس "كانوا يتحركون بجانب" المدرسة. وبعد أن استهدفوا بصواريخ مضادة للدبابات، ردّ الجنود بإطلاق "العديد من قذائف الهاون باتجاههم". كما قال الجيش إن "قذيفة هاون خاطئة" أصابت فناء المدرسة، لما كان "خاليا بشكل كامل"، وهو ادعاء نفاه سبعة شهود ممن أجرت معهم هيومن رايتس ووتش مقابلات منفصلة.

وقال شهود إن ما لا يقل عن أربعة قذائف سقطت في دقائق معدودة على مبنى المدرسة ومحيطها بشكل دقيق، وهو ما يجعل من فرضية سقوط ذخائر فلسطينية على وجه الخطأ أمرًا مستبعدًا. كما أنه لم تكن توجد أي قوات إسرائيلية قرب المدرسة ربما تكون دفعت الفلسطينيين إلى استهدافها بقذائف هاون.

وفي 30 يوليو/ تموز، سقط ما لا يقل عن عشرة قذائف إسرائيلية على مدرسة البنات التابعة للأمم المتحدة في جباليا التي كانت تأوي أكثر من 3200 شخص. وتسبب القصف في مقتل 20 شخصًا، منهم ثلاثة أطفال. وتشير الأضرار وصور لبقايا الذخيرة الموجودة مكان الهجوم إلى أن إسرائيل استخدمت قذائف مدفعية عيار 155 مم، بما في ذلك قذائف دخان وإضاءة وقذائف شديدة الانفجار، وينتج عن هذه الأخيرة انفجار وشظايا وأضرار واسعة النطاق.

وقال سليمان حسن عبد الدايم، عمره 24 سنة، وكان لاجئا في المدرسة مع عائلته الموسعة، إن ثلاثة أفراد من عائلته لقوا حتفهم وأصيب خمسة آخرون بجروح أثناء الهجوم. ولما سمع الغارة الأولى حوالي الساعة الثانية فجرًا، فرّ إلى أحد الفصول الذي كانت ينام فيه نساء وأطفال، ثم سقطت قذيفة ثانية. كما قال سليمان: "شاهدت زوجتي وقد أصيبت في رأسها، فسحبتها إلى الخارج. ثم بحثت عن عمتي، فوجدتها وهي تقول "لا أستطيع أن أرى شيئا"، فسحبتها إلى الخارج أيضا. كما بترت سيقان إبراهيم ابن عمي".

قال الجيش الإسرائيلي إن مقاتلين فلسطينيين أطلقوا قذائف هاون "من مكان قريب" من المدرسة، ولكنه لم يقدم أي معلومات تدعم مزاعمه. وفي جميع الحالات يُعتبر استخدام القذائف المدفعية شديدة الانفجار قرب ملجأ مكتظ بالمدنيين هجومًا عشوائيًا.

كما يبدو أن صاروخا إسرائيليا موجها من طراز سبايك سقط قرب مدرسة للذكور تابعة للأمم المتحدة في رفح يوم 3 أغسطس/ آب حوالي الساعة العاشرة و45 دقيقة صباحًا، وتسبب في مقتل 12 شخصًا، منهم ثمانية أطفال، وأصاب ما لا يقل عن 25 آخرين بجروح. وكان في ذلك الوقت قرابة ثلاثة آلاف شخص يتخذون من المدرسة ملجأ.

وقال شهود لـ هيومن رايتس ووتش إن العديد من المدنيين، من بينهم أطفال، كانوا قرب بوابة المدرسة الأمامية يشترون الحلوى عندما أصاب صاروخ الجانب المقابل من الشارع، على بعد عشرة أمتار فقط. وقال الجيش الإسرائيلي إنه كان يستهدف ثلاثة من مقاتلي الجهاد الإسلامي على دراجة نارية "قرب" المدرسة، دون أن يقدم أي معلومات أخرى، بما في ذلك سبب مهاجمة الرجال أمام مدرسة تأوي آلاف الأشخاص المشردين وليس قبل أو بعد أن يصلوا إلى هناك.

إضافة إلى هذه الهجمات الإسرائيلية غير المشروعة، أفادت تقارير أن القوات البرية الإسرائيلية استولت على مدرسة واحدة على الأقل في غزة، هي مدرسة الذكور الثانوية في بيت حانون، مخلفة وراءها أغلفة الرصاص.

قالت هيومن رايتس ووتش إن على القوات المسلحة الوطنية والمجموعات المسلحة الكف عن استخدام المدارس لغايات عسكرية. حتى وإن كانت المدارس خالية من الطلاب، فإن استخدامها لأهداف عسكرية يجعلها عرضة للهجوم.

ذكرت الأمم المتحدة، في ثلاث مناسبات غير متصلة، أن مجموعات فلسطينية مسلحة قامت بتخزين أسلحة في مدارس أخرى مغلقة أثناء الصيف ولم تُستخدم لإيواء مدنيين. وبذلك تسببت المجموعات المسلحة في جعل هذه المدارس أهدافا مشروعة للهجمات الإسرائيلية، وانتهكت حصانة المنشآت التابعة للأمم المتحدة. ولا توجد أي مزاعم بأن المدارس الثلاثة التي حققت فيها هيومن رايتس ووتش كانت تستخدم لأهداف عسكرية.

يتعين على جميع أطراف النزاع المسلح في غزة اتخاذ جميع التدابير الكفيلة بتقليص تعرض المدنيين إلى الخطر. وتمنع قوانين الحرب الهجمات التي تستهدف مدنيين أو أملاك مدنية، والتي ليس لها هدف عسكري محدد أو التي هي ذات طابع عشوائي، أو التي تعرض المدنيين إلى خطر غير متناسب مع الغاية العسكرية المراد تحقيقها. وتعتبر المدارس أماكن مدنية لا يجب مهاجمتها إلا إذا تم استخدامها لأهداف عسكرية، مثل مقرات للقيادة العسكرية أو لتخزين الأسلحة.

وأخبر الجيش الإسرائيلي هيومن رايتس ووتش أنه أنشأ لجنة تقييم لتقصي الحقائق لـ"لفحص الوقائع الاستثنائية" أثناء النزاع الذي استمر لسبعة أسابيع، برئاسة قائد الفيلق الشمالي بقوات الدفاع الإسرائيلية الميجور جنرال نوعام طيبون،وتضم أفرادا لم يكونوا في تسلسل القيادة أثناء العمليات القتالية. وقال الجيش إن 44 حادثة كانت قد أحيلت إلى اللجنة بحلول 10 سبتمبر/ أيلول.

كما أعلن مكتب المدعي العام العسكري الإسرائيلي في 10 سبتمبر/ أيلول أنه فتح تحقيقات جنائية في 5 وقائع، من بينها هجوم وقع في 24 يوليو/ تموز على مدرسة للأنروا وتسبب في مقتل 15 شخصا. وقال الجيش إن الهجوم كان "من مكان قريب من مدرسة تابعة للأنروا في خان يونس"، لكن وسائل إعلام إسرائيلية أفادت أن الحادثة المشار إليها كانت مدرسة بيت حانون.

ولم تف تحقيقات سابقة أجراها الجيش الإسرائيلي في جرائم حرب مزعومة ارتكبتها قواتها بالمعايير الدولية للتحقيقات ذات المصداقية والمحايدة والمستقلة، بحسب هيومن رايتس ووتش.

ويتعين على لجنة تقصي الحقائق التي أنشأها مجلس حقوق الإنسان مؤخرًا التحقيق في الغارات التي استهدفت مدارس وراح ضحيتها مدنيون، ورفع توصيات متابعة لمجلس الأمن.

كما قالت هيومن رايتس وووتش إنه يتعين على الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن يطالب المحكمة الجنائية الدولية على وجه السرعة ببسط ولايتها على الضفة الغربية وغزة لمحاكمة الجرائم الخطيرة التي ارتكبها كلا الطرفين.

ربما تكون إسرائيل والمجموعات الفلسطينية أيضا مسئولة عن الأضرار التي لحقت بالمباني التي تستخدمها الأمم المتحدة، بما في ذلك المدارس وغيرها من المنشآت التي توفر ملجأ للأشخاص المشردين. وتتمتع هذه البنايات بحماية بموجب اتفاقية سنة 1946 بشأن امتيازات وحصانات الأمم المتحدة، وإسرائيل طرف فيها.

بعد حرب 2008ـ2009 على غزة، حملت لجنة لتقصي الحقائق تابعة للأمم المتحدة إسرائيل وحماس وغيرها من المجموعات المسلحة مسؤولية الأضرار التي لحقت بمباني الأمم المتحدة. ودفعت إسرائيل للأمم المتحدة مبلغ 10.5 مليون دولار كتعويض على الأضرار.

قالت الأمم المتحدة إن عدد القتلى الفلسطينيين في الحرب الأخيرة بلغ 2131 شخصا، من بينهم 501 طفلا. واستنادًا إلى منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسيف، كان 70 بالمائة من الضحايا من بين الأطفال دون سن 12 سنة.

قال فريد أبراهامز: "يتعين على إسرائيل تجاوز مجرد التبرير وتقديم تفسيرات دقيقة للهجمات التي شنتها على هذه المدارس الثلاث التي تأوي مئات الأشخاص المشردين. كما يتعين عليها وضع حدّ لثقافة الإفلات من المحاسبة بمعاقبة كل من ينتهك قوانين الحرب".





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً