على امتداد تاريخ ناتو، توقع الكثيرون نهاية الحلف، لكن وجود الحلف ظل ضروريًا ومرتبطًا بتطورات الأحداث وهو الآن على وشك أن يشهد تحولا آخر، حسبما قال الجنرال في الجيش الدنماركي كنود بارتلز الذي يشغل منصب رئيس اللجنة العسكرية في حلف ناتو، يوم 2 الشهر الجاري.
ويذكر أن رئيس هذه اللجنة، وهي أعلى سلطة عسكرية فيه، يدير الشؤون اليومية للجنة ويتصرف بالنيابة عنها، بحسب ما يذكر الموقع الرسمي للحلف.
وأشار بارتلز في حفل إفطار رعته مجموعة الكُتّاب المتخصّصين في شؤون الدفاع إلى أن تحوّل ناتو سيختلف اختلافا أساسيا عن تحوّله في الماضي.
فطوال تاريخه شهد الحلف تحولا عدة مرات. وانتقل من حلف كان يعتمد استراتيجية عمليات الانتقام الكبيرة إلى استراتيجية تتصف بالرد المرن. كما انتقل من كونه حلفًا غربيًا صغيرا موجهًا ضد خصم مشترك واحد إلى حلف يضم دولا متشابهة الأفكار وتتشاطر وتدافع عن قيم مشتركة. كما تحوّل من تحالف مكوّن من دول أوروبية ودول واقعة شمال المحيط الأطلسي إلى تحالف يخوض حربًا في وسط آسيا. وقد دمج قدرات جديدة مثل الدفاع الصاروخي وركز اهتمامه على نشاطات دفاعية جديدة مثل العمليات في الفضاء الإلكتروني.
التحوّل يجري في الوقت الراهن
يرى بارتلز أن هناك تحوّلًا جديدًا يجري في الوقت الراهن لكنه تحوّل يختلف في الأساس عن التحوّل الذي كان يجري في الماضي.
وقال بارتلز في مأدبة الإفطار: "إننا نعيش في عالم يجري فيه كل شيء عبر البريد الإلكتروني، ومواقع التواصل الاجتماعي، مثل تويتر وفيسبوك وغيرها. وهذا يعني أن التكيّف الطويل الأمد الذي لمسناه في تحولاتنا السابقة سيكون عملية متسارعة على الصعيدين العسكري والسياسي."
وأضاف أن التهديدات للحلف ستستمر، وفي حين يحتاج ناتو لأن يتطلع إلى المستقبل، سيحتاج أيضًا لأن يلقي نظرة على الماضي.
إن التحدي الذي تمثله روسيا باحتلالها لشبه جزيرة القرم الأوكرانية والتهديدات لشرق أوكرانيا ما هي إلا مثال واحد، بحسب ما ذكر بارتلز. وأضاف أن روسيا تشن ما يلقب الآن بحملة مختلطة ضد أوكرانيا. وهذه الحملة المختلطة تنطوي على استخدام خليط من القوات التقليدية، والقوات غير التقليدية، وحرب المعلومات.
الحرب المختلطة لسيت شيئًا جديدًا
قال بارتلز إن الحرب المختلطة ليست بالأمر الجديد. وأضاف: "لقد شهدتم كيف تعامل الاتحاد السوفييتي سابقًا مع فنلندا خلال الحرب الروسية-الفنلندية في الفترة 1939-1940. وإذا نظرتم بعد ذلك كيف استخدم الاتحاد السوفييتي قوته في ما أصبح لاحقا حلف وارسو. ولعلنا لم نكن نولي الموضوع اهتماما كافيا."
وقال الجنرال إن حلف ناتو على دراية بكيفية التصدي لمثل هذه الحملة وهو يضع الآن إجراءات مضادة لمختلف التكتيكات المتأصلة في الحرب المختلطة.
وأشار إلى أن إحدى المشكلات هي السرعة التي يتخذ بها الجانب الروسي قراراته. ثم أشار إلى أن "هذا ما يتصف به النظام حاليًا وهو تحد لتحالف أنشئ على أساس إجماع 28 دولة عضو. وهذا موضوع يجب أن يُبت فيه على المستوى السياسي، لكن قمة ويلز أوضحت أن الحلفاء مدركون للتحدي، وإنني واثق تمامًا من أن الحلفاء مستعدون لاتخاذ إجراء وفق ذلك حينما تدعو الحاجة."
وقال بارتلز إنه تطرق بالحديث عن هذا التهديد في فيلنيوس، عاصمة ليثوانيا، حيث عقد أحدث اجتماع للجنة الحلف العسكرية. وليثوانيا هي إحدى دول بحر البلطيق التي كانت في الماضي جزءا من الاتحاد السوفييتي وأصبحت هدفًا محتملا لحملة روسيا المختلطة.
وقال بارتلز: لقد عبرت عن أنه في حال اختارت دولة أو عدد من الدول أن تتحدى وحدة الحلفاء، فإنها ستواجه بالقوة الضاربة الكاملة لأقوى تحالف عسكري في العالم. وإنني ذكرت ذلك عن قصد- بكل جلاء وبكل ثقة في فيلنيوس- (عاصمة) إحدى دول بحر البلطيق."
يُذكر أن الجنرال بيتر بافيل رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة في جمهورية التشيك قد اختير ليخلف بارتلز في منصب الرئيس القادم للجنة ناتو العسكرية، فمن المقرر أن يترك بارتلز منصبه في حزيران/يونيو 2015—وفقا لموقع ناتو الرسمي.