العدد 4447 - الأحد 09 نوفمبر 2014م الموافق 16 محرم 1436هـ

المعرض الفني الكوري الشمالي في بريطانيا لن يتجاوز الدعاية

مسئول في السفارة في أحد أجنحة المعرض
مسئول في السفارة في أحد أجنحة المعرض

الوسط (فضاءات) - جعفر الجمري 

تحديث: 12 مايو 2017

ما لم تستطع تحقيقه الأنظمة الشمولية في الشرق خصوصاً من خلال آلتها الدعائية والإعلامية، في تغيير الصورة الراسخة لدى العالم عن أدائها السياسي والحقوقي، لن يستطيع القيام به الفن والسينما وحتى كرة القدم!

سبق موسوليني كثيرين ممن اتخذوا القمع أسلوباً وأداء في السيطرة على الأمور في بلدانهم، يوم أن أنشأ مع نجْله "سينيسيتا"، في ثلاثينيات القرن الماضي، والتي كانت بمثابة "هوليوود" على الجانب الآخر من البحر الأبيض المتوسط؛ ليطل من خلالها على العالم مقدّماً نفسه باعتباره أحد رعاة الفنون؛ على رغم عدم إنكاره بأنها تأسَّستْ لأغراض دعائية.

لا جديد يمكن أن يقدّمه معرض فني أقامته سفارة كوريا الشمالية في إحدى ضواحي غرب العاصمة البريطانية (لندن)، في تغيير الصورة التي ترسّخت عن أداء النظام هناك، وتعامله مع شعبه من جهة، واتجاهه إلى العصيان المفتوح على الهيئات الأممية التي تضبط مثل ذلك العصيان، بتكديس الأسلحة النووية من جهة أخرى.

ربما يقدّم الفن صورة أخرى للوجه المتوحش والقبيح، إذا كان فيه شيء من استقلال في التوجّه. لكن كيف يمكن لذلك الاستقلال أن يتحقق في ظل احتواء ومصادرة كل شيء؟

المعرض نفسه لم يخْلُ من الدعاية أيضاً. لا يمكن لنظام بتلك المواصفات أن ينظِّم معرضاً في دولة أوروبية هي على النقيض من قِيَمها من دون أن يصرَّ على حضور مكثّف لأبرز زعمائه ومؤسسيه ورموزه، عبر بورتريهات شكّلت جزءاً من الأعمال. ناتالي أولاه حضرت المعرض، وكتبت تقريراً نشر في صحيفة "الإندبندنت" البريطانية يوم الثلثاء الماضي (4 نوفمبر/تشرين الثاني 2014)، هنا ملخص لبعض ما جاء فيه.

الأول وسيكون الأخير

في أحد شوارع ضاحية في غرب العاصمة البريطانية (لندن)، تستضيف سفارة كوريا الشمالية معرضاً فنياً من المؤكد أنه سيجذب الزوَّار؛ لكن ليس للَّوحات التي تحويه بحسب ما كتبت ناتالي أولاه، فهو الحدث الأول من نوعه - وعلى الأرجح - وسيكون الأخير.

افتتحت السفارة أبوابها للجمهور صباح يوم الثلثاء الماضي. وفي حين أن معظم السفارات الأجنبية تحتل المباني الكبرى في المثلث الذي يضم: بلجرافيا، نايتسبريدج، كنسينغتون في العاصمة (لندن)، تجنَّبت كوريا الشمالية مثل هذه "التجاوزات"، من الانحطاط الغربي، كما تراها، وفضّلت بدلاً من ذلك إقامته في منزل بالضواحي يبعد قليلاً عن شارع جانيرسبري في إيلينغ، غرب لندن محوِّلة جزءاً منه بشكل منفصل ليكون مساحة للمعرض.

هناك العديد من الشائعات بشأن سبب توقيع القائد الأعلى لاختيار هذه البقعة في البلاد من مدينة لندن لتكون سفارة لبلاده، أول تلك الشائعات وهي الأكثر إقناعاً، أن مطار هيثرو يمكن الوصول إليه في أقل من نصف ساعة انطلاقاً من الموقع الذي تم اختياره، فهل ينبغي طردهم منه؟ تم شراء المبنى للمرة الأولى في العام 2003 بمبلغ وصل إلى مليون و 300 ألف جنيه إسترليني، ويحوي سبع غرف نوم. المبنى قد لا يكون متواضعاً في مستوياته المعيشية، ولكن بالنسبة إلى بلد اشتهر بتماثيله الأثرية والمعمارية، فإنه خيار غير متوقع لسفير أجنبي.

مشاهد من الحياة في لندن

ومع ذلك، فإن الأعمال في المعرض، الذي يصور مشاهد من الحياة في لندن كما رسمت من قبل فنانين من كوريا الشمالية، يبدو معها الأمر محبَّباً ولطيفاً ويبعث على الارتياح، كما كنتَ تتوقع من بلد هو واحد من أكثر البلدان قمعاً في العالم.

تم تركيب شاشات كبيرة، بغرض إبراز الأعمال، انتصبت على طول جدران ردْهة ماغنوليا وصولاً إلى غرفة الاستقبال الرئيسية؛ ما جعلها تُخفي جزئياً خِزَانات تحتوي على كميات من مجلّدات الكتب. العاملون في السفارة يرتدون سترات موحّدة يُومئون بأدب في توجيههم لنا نحو موقع المعرض، والذي يمكن العثور عليه عبر نقاط تتمركز في خمس غرف معيشة مضاءة أسقفها. الطريق إليها يمر عبر ستائر باللون الأصفر الشاحب ازدانت بلمسات من البُقع، من دون أن ننسى أن التوتر رافقنا بطول الردهات وصولاً إلى الموقع.

على الجدار الخلفي، صور تعلو رؤوسنا تبدو غير مرئية لكيم جونغ - إيل وكيم جونغ أون، وهما يبتسمان. ثمة صورة يمكن تخزينها في الذاكرة للفنانين المشاركين في المعرض وهم يرتدون الشارات، وقد وقفوا أمامنا في خط مستقيم، متزامناً ذلك مع تقديم تولّاه القيِّم على المعرض، ديفيد هيذر، مع بدء افتتاحه.

هيذر حاول إقناع كوريا الشمالية أن تسمح بمعرض للأعمال الفنية مصدرها محترف الفن بمانسوداي في بيونغ يانغ، وتنظيم رحلة لعدد من الفنانين يتم اختيارهم لإنتاج أعمال رداً على الثقافة البريطانية. حققت الرحلة نتائج كأي ملصق دعائي يحوي مشاهد فيها الكثير من اللِّين بتركيزها على أطفال يقطفون الزهور أو يلعبون في الشارع. إحدى اللوحات فيها تصورات حالمة، على غرار الانطباعية هي عبارة عن لقطة لمجموعة من الناس مشغولين بهواتفهم خارج فرع لـ "كافيه كونشرتو" في منطقة "كوفنت غاردن" بلندن. ستكون أكثر دقة حين توصف بأنها عبور جاك فيتيريانو مع توماس كينكيد للوصول إلى جيل "أبل"، وما أحدثته في العالم بتقنيتها السبَّاقة، وإلهامات أفكارها المؤثرة في عالم اليوم، وبذلك التنويع الذي لا يخلو من الرفاهية، وتيسير الحياة في الوقت نفسه.

يذكر، أن جاك فيتيريانو رسّام اسكتلندي، من مواليد 17 نوفمبر/تشرين الثاني 1951، ترعرع في المدينة الساحلية الصناعية "Methil". نشأ في فقر مع والدته ووالده وشقيقه الأكبر. كان البيت عبارة عن كوخ لعامل منجم. تقاسم السرير مع شقيقه وتناوبا على تبادل ارتداء جزء من ملابسهما. في سن العاشرة، دفعه والده إلى امتهان توزيع الصحف والحليب، وتنظيف النوافذ، وامتهان أي عمل من شأنه كسب المال. عمد والده إلى الاستيلاء على نصف دخْلِه.

عُرفت أعماله بالطابع الدرامي، والكثير من السحر والجمال، مع قدرة على المزاوجة بين الحاضر والماضي. استقى أفكار لوحاته من عدد من الروايات والمشاهد الدرامية والأفلام العالمية عموماً. اشتهر وعرف عالمياً أكثر ما عرف بلوحته "الساقي المغني"، والتي سجّلت رقماً قياسياً في بيعها.

أما توماس كينكيد، فهو فنان أميركي، من ساكرامنتو، بولاية كاليفورنيا. ولد في 19 يناير/كانون الثاني 1958. تخصَّص في المواضيع الواقعية والريفية. يعدُّ واحداً من أكثر الفنانين الأميركيين الذين يتمتعون بتسويق مكثّف للأعمال التي ينجزها؛ بحيث تدَّعي الشركة الموكولة بتلك المهمّة، بأن منزلاً من كل 20 في الولايات المتحدة يضم صيغة من أعمال كينكيد، وذلك من خلال الصور المطبوعة، والمنتجات المرخَّصة. وصف نفسه بأنه "مصوّر الضوء".





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً