يرى خبراء ان التوصل الى اتفاق حول الملف النووي بين طهران والقوى الكبرى في 24 تشرين الثاني/نوفمبر سيعود بالفائدة على الاقتصاد الايراني وشركائه الاجانب لكن التساؤل يبقى حول اثره على الاستقرار الاقليمي.
واعتبر الدبلوماسي الاميركي السابق والخبير في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن مارك فيتزباتريك انه الى جانب كونها تسوية تاريخية لمسالة توتر العلاقات الدولية منذ اكثر من عشر سنوات، فان مثل هذا الاتفاق سيشكل عامل سلام و"اثباتا على ان الجمع بين القوانين والضغوطات اتاح منع تزايد عدد الدول التي تملك السلاح النووي. وهذا امر مهم".
وتجري ايران ومجموعة 5+1 (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين الى جانب المانيا) مفاوضات جديدة في فيينا هذا الاسبوع بهدف التوصل الى اتفاق قبل انتهاء مهلة 24 تشرين الثاني/نوفمبر. لكن لا تزال هناك عراقيل بحسب الاميركيين والفرنسيين. وما بين الفشل والنجاح، هناك حل تحديد مهلة جديدة.
ويشتبه الغرب واسرائيل في ان ايران تسعى لامتلاك السلاح الذري وهو ما تنفيه طهران مؤكدة ان برنامجها النووي سلمي لكنه يتطلب تطوير قدرات تخصيب اليورانيوم. وتريد القوى الكبرى التاكد من الطابع المدني لهذا البرنامج مقابل رفع العقوبات الدولية المفروضة على ايران.
لكن مارك دوبوفيتز المتخصص الذي يدير مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات في واشنطن لا يشاطر فيتزباتريك تفاؤله. وبالنسبة اليه فان الدول السنية المجاورة لايران لن تكون لديها اية ثقة في اتفاق يترك ايران الشيعية تواصل انشطة تخصيب اليورانيوم التي يمكن ان تؤدي الى المدى الطويل الى صنع قنبلة ذرية.
وقال "من غير الوارد ان يتغاضى السعوديون عن السماح في احد الايام لايران بتخصيب اليورانيوم على اراضيها. يمكن للسعوديين ان يشتروا اعتبارا من اي لحظة صاروخا نوويا مهما في ايدي الباكستانيين (...) ويمكن للاتراك والمصريين ان يقوموا بالمثل. ليس لديهم ثقة لا في هذا الاتفاق ولا بالولايات المتحدة" التي "سبق ان قالت انها لن تسمح بالتخصيب لكنها غيرت سياستها بالكامل".
من جهته راى الفرنسي برنار اوركاد الباحث في المركز الوطني للابحاث العلمية في باريس ان عودة ايران التي تضطلع بدور بارز في لبنان وسوريا والعراق، الى الساحة الدولية ستشكل "لحظة مرعبة لدول الخليج" وكذلك لاسرائيل.
وستقوم اسرائيل بكل شيء لمنع الكونغرس الاميركي من رفع العقوبات وعلى المستوى الاقليمي يجب توقع عملية خلط اوراق كبرى.
ويخشى علي فائز المتخصص في الشؤون الايرانية في مجموعة الازمات الدولية الا يؤدي اتفاق الى تهدئة التوترات.
وقال "طالما ان ايران تعتبر نفسها مطوقة من القوات الاميركية وتشعر بانها دون مستوى منافسيها الاقليميين في مجال الاسلحة التقليدية، ستواصل دعم مجموعات مختلفة في المنطقة لمنع وقوع هجمات على اراضيها".
وتوقع اوركاد احتمال ان يتجه منافسو ايران مثل السعوديين "في بادىء الامر نحو تقديم الدعم مجددا الى داعش" تنظيم الدولة الاسلامية السني الذي استولى على مناطق واسعة في العراق وسوريا.
ويضيف ان ايران "التي عملت حتى الان فقط على التصدي للمتطرفين السنة سيكون عليها ان تعمل على ايجاد موقع بناء اكثر، موقع مرجعية او اشراف" على غرار ما قامت به تركيا قبل سنوات حين تباهت امام العرب بنموذج "التعايش الناجح بين الاسلام والديموقراطية".
ويتابع "اليوم ايران خارج اللعبة، لكن في حال اصبحت في المستقبل طرفا عاديا على الساحة فان السعوديين سيجدون انفسهم في مواجهة دولة عظمى مع نخبة مفكرين ونساء مثقفات وطبقة بورجوازية متوسطة. ان توازن القوى سيتيغر".
وعلى الصعيد الاقتصادي فان رفع العقوبات سيترك تاثيرا سريعا على ايران وعلى ارباح الشركات الاجنبية التي تطمح لموارد وسوق تعد حوالى 80 مليون نسمة كما يقول الخبراء.
وقد حضرت ايران انواعا جديدة من العقود لجذب المستثمرين الاجانب لا سيما المجموعات النفطية. كما ان شركات الطيران تترقب دخول هذه السوق في بلد اصبح اسطوله قديما جدا. والافاق هي نفسها في قطاعات السيارات او المصارف التي يشلها حاليا نظام العقوبات الدولية.