أنماط الاستهلاك في البلدان العربية وأثرها على الموارد والبيئة هي موضوع التقرير السنوي الثامن للمنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد)، الذي بدأت مجموعة كبيرة من الخبراء العرب العمل عليه لإصداره في أكتوبر/ تشرين الأول 2015. وسيركز على أنماط الاستهلاك والإنتاج لثلاثة موارد رئيسية في المنطقة العربية، هي الطاقة والمياه والغذاء، التي هي على علاقة تلازمية مع تغير المناخ.
وأظهرت التقارير السبعة السابقة عن وضع البيئة العربية، التي أصدرها المنتدى منذ العام 2008، أن الإدارة الرشيدة للموارد ورعاية البيئة تتطلبان تعديلاً أساسياً في أنماط الاستهلاك. وهي حددت المشاكل والحلول بشكل شمولي، واتفقت على الأهمية الاستثنائية لترشيد إنتاج واستهلاك الطاقة والمياه والغذاء. وسيعتمد تقرير 2015 على نتائج هذه التقارير السابقة، ويركز على «كيف نحل المشكلة» بدلاً من «ما هي المشكلة».
وسيتضمن تقرير «أفد» لسنة 2015 استطلاعاً للرأي العام العربي حول أنماط الاستهلاك. وأعد فريق من الباحثين استمارة الاستطلاع، الذي يُجرى بالتعاون مع وسائل الإعلام الأعضاء في «أفد»، مع استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لاستقطاب أكبر عدد من المشاركين. وسيتم تحليل النتائج بالتعاون مع المؤسسة العربية للبحوث والدراسات الاستشارية (PARC) بحسب مقاييس «غالوب» العالمية. وسيعد فريق الخبراء دراسة خاصة عن نتائج الاستطلاع في كل بلد عربي، إضافة إلى النتائج الإقليمية التي ستنشر مع التقرير السنوي للمنتدى.
وتعبأ استمارة الاستطلاع عبر الموقع الإلكتروني لمجلة «البيئة والتنمية» www.afedmag.com. وسيتم تقديم ست بطاقات سفر وإقامة لستة مشاركين يتم اختيارهم بالقرعة لحضور المؤتمر السنوي للمنتدى في أكتوبر 2015.
وبدأت حملة الاستطلاع في 15 يناير/ كانون الثاني وتستمر حتى 15 مايو/ أيار 2015.
السلوك الاستهلاكي العربي
خلال العقود الأخيرة، أدى النمو السكاني السريع والهجرة من الأرياف إلى المدن ودعم الحكومات السخي للأسعار، إلى رفع الطلب على الطاقة والمياه والغذاء والموارد المحدودة الأخرى في المنطقة العربية. وشهدت أنماط الاستهلاك تغيرات دراماتيكية، مدفوعة بنمو اقتصادي وتقدم تكنولوجي وعوامل ثقافية واجتماعية. وفي كثير من البلدان العربية، وخصوصاً دول مجلس التعاون الخليجي، يزداد عدد السيارات على الطرق، وتزداد سفرات الإجازات والأعمال، ويتنامى اقتناء الأجهزة المنزلية وأجهزة الاتصال.
ولكن ثمة تباينات كبيرة بين البلدان في أساليب المعيشة وأنماط الاستهلاك. كذلك ثمة تباينات بين الأغنياء والفقراء، وبين المجتمعات الريفية والحضرية. وبحسب تقرير «أفد» لسنة 2013، تعاني المنطقة العربية من نقص كبير في القدرة الإنتاجية البيولوجية بسبب ندرة الأراضي المنتجة والموارد المائية المتجددة، وهذا وضع سيتفاقم نتيجة تغير المناخ.
تغيير عادات الاستهلاك لتعزيز الاستدامة يحتاج إلى جهود مستمرة للتوعية العامة. وهذا يشمل الجمع بين سياسات الحكومات واستراتيجيات قطاع الأعمال، وتشجيع المبادرات الفردية والمجتمعية، وإشراك المجتمع المدني والوسط الأكاديمي ووسائل الإعلام وقطاع الإعلانات. على الأفراد تغيير عاداتهم الاستهلاكية وأساليب معيشتهم باتجاه سلوكيات أكثر استدامة. فالفرد الذي يتبنى مبادئ الاستدامة يستهلك طاقة وماء أقل، ويولد نفايات وانبعاثات كربونية أقل.
لكن الاستهلاك يتأثر بعوامل اجتماعية واقتصادية وثقافية كثيرة. وتجدر الإشارة إلى ندرة الدراسات التطبيقية حول السلوك الاستهلاكي في البلدان العربية، وهذه فجوة يجب ردمها.
سيجمع تقرير «أفد» لسنة 2015 بيانات قطاعية حول أنماط الاستهلاك والإنتاج في المحاور الثلاثة التي يركز عليها، وهي الطاقة والمياه والغذاء، من خلال استطلاعات ودراسات ميدانية. وسيتم تحليل أنماط الاستهلاك والإنتاج في كل من هذه المحاور، وتحديد العقبات التي تعيق استدامتها. وستتضمن توصيات التقرير الإجراءات والسياسات اللازمة لردم الفجوة الحالية بين أنماط الاستهلاك واتجاهات الإنتاج والسياسات الحالية للحكومات، وصولاً إلى رفع الوعي العام وإطلاق نقاش مبني على المعرفة حول أهمية الاستهلاك والإنتاج المستدامين، كخطوة استراتيجية نحو تحقيق تنمية مستدامة من خلال التحول إلى اقتصاد أخضر.
استطلاع الرأي العام العربي حول أنماط استهلاك الطاقة والمياه والغذاء يستهدف الجمهور عموماً. وهو مصمم للتوعية الشعبية بكيفية تأثير تغيير أنماط الاستهلاك على كفاءة الموارد وحماية البيئة. ويتوقع أن يجتذب ما بين 150 و200 ألف مشارك.
ومن الأسئلة التي يتضمنها الاستطلاع وتتم الإجابة عنها بنعم أو لا: هل تعلم أن الاستهلاك الفردي للمياه والطاقة في بعض الدول العربية هو بين الأعلى في العالم؟ هل تستخدم أجهزة لتوفير المياه في البيت؟ هل تقبل أن تدفع سعراً أعلى للمياه والكهرباء والوقود، إذا تم التعويض عنه بتقديمات اجتماعية مباشرة (ضمان صحي، تعليم، تعويض نهاية خدمة)؟ هل تستخدم مصابيح موفّرة للطاقة في بيتك؟ هل تفضل المنتجات الغذائية المحلية أو المستوردة؟ كم مرة تشتري مأكولات سريعة كل شهر؟ هل أنت على استعداد لتغيير عاداتك الغذائية لتوفير الطاقة والمياه (مثلاً أكل الباستا بدلاً من الرز، أو السمك والدجاج بدلاً من اللحم الأحمر)؟
وإضافة إلى استطلاع الرأي العام، سيتم إجراء استطلاع محصور يشمل مجموعة مختارة من الصناعات لتقييم اتجاهات الإنتاج الحالية، ومدى التزامها بشروط الاستدامة بالاستخدام المتوازن للموارد في عمليات التصنيع.
وسيعتمد تقرير «أفد» لسنة 2015 بشكل رئيسي على نتائج الاستطلاعين، وعلى المعلومات الأساسية التي أوردتها تقارير «أفد» السابقة حول محركات الطلب وكفاءة الاستعمال، والعلاقة التلازمية المعقدة بين الطاقة والمياه والغذاء وتغير المناخ. وذلك لتحديد سياسات وتدابير للتحول إلى استهلاك مستدام ودور الجهات المعنية المختلفة في هذا التحول.
العدد 4542 - الخميس 12 فبراير 2015م الموافق 22 ربيع الثاني 1436هـ