العدد 4577 - الخميس 19 مارس 2015م الموافق 28 جمادى الأولى 1436هـ

مركز الأميرة الجوهرة يدعو إلى وضع خطة وطنية للتعامل مع الأمراض النادرة

يداً بيد يمسي القضاء على الأمراض النادرة هدفاً قابلاً للتحقيق

لاتزال الأمراض النادرة لغزاً يصعب فك شفراته، يتحير عموم الناس في فهم قائمته الطويلة، والتعامل مع تفرعات أمراضه الغريبة وغير الشائعة، ويبذلون جهداً لا يستهان به في سبيل الاهتداء لمن يتخصص في تلك الأمراض النادرة ويشرحها عبر الأبحاث الطبية والتفسيرات التي يسهل هضمها واستيعابها.

وعلى رغم التقدم الكبير في المعالجة الدوائية والجراحية، لاتزال العديد من الأمراض النادرة تفتقر للعلاج الشافي، وفي كثير من الأحيان لا يتم تشخيصها بشكل سليم، وكثيراً ما لا يكون لها علاج، أو يكون علاجها غير فعال.

وفي رحلة العناء الطويلة تؤدي الأمراض النادرة إلى أمراض مزمنة أو إعاقة أو موت مبكر، وهي عادة ما تنجم عن اضطرابات في الجينات، إذ يقدر أن 80 في المئة منها ينجم عن مشاكل في المادة الوراثية، أما البقية فتنتج عن عوامل أخرى، مثل العدوى أو الحساسية أو العوامل البيئية، واللافت أن 50 في المئة من المصابين بالأمراض النادرة هم من الأطفال.

جامعة الخليج العربي ومركز الأميرة الجوهرة الإبراهيم للطب الجزيئي وعلوم المورثات والأمراض الوراثية أطلقا أخيراً حملة توعوية بالتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي للأمراض النادرة تحت شعار (يوماً بعد يوم، يداً بيد)، كما انطلقت في الوقت ذاته سلسلة من الندوات التوعوية حول الأمراض النادرة بالتعاون والتنسيق مع وزارة التربية والتعليم ليتم تنفيذها في مجموعة من مدارس مملكة البحرين، كجزء من الاستراتيجية الساعية لتوعية أفراد المجتمع بطبيعة الأمراض النادرة.

أخصائية الوراثة الخلوية بمركز الأميرة الجوهرة الإبراهيم للطب الجزيئي وعلوم المورثات والأمراض الوراثية، والأستاذ المساعد للأمراض الوراثية كرستينا سكرايبنايك تؤكد أن معظم الأمراض النادرة هي جينية الأصل، وتصاحب المريض مدى الحياة، على رغم أن آثار بعضها قد لا تظهر جلياً إلا في عمر متأخر.

وتقول: «إن الأمراض النادرة تعرف على أنها الأمراض الوراثية التي تصيب شخصاً واحداً من بين كل 2000 شخص»، مشيرة إلى وجود 100 مليون شخص في العالم مصاب بمرض نادر، داعية إلى وضع خطة وطنية للتعامل مع الأمراض النادرة في البحرين، جراء أهمية تجميع الخبرات والاختصاصات الطبية المختلفة الموجودة في منظومة واحدة، وإنشاء فريق متخصص يعمل على إعداد سجل خاص بالأمراض النادرة كخطوة أولى يمكن البناء عليها لوضع خطة صحية وطنية للأمراض النادرة وتحسين الرعاية الطبية ونوعية الحياة للمرضى المصابين بالأمراض النادرة وعائلاتهم.

مؤكدة قدرة البحرين على قيادة تأسيس مشاريع مشابهة في دول الخليج العربي، والعالم العربي اللذين يفتقدان لإحصاءات دقيقة لهذه الأمراض، في حال نجاحها في إعداد خطة وطنية شاملة للأمراض النادرة في البحرين... مع كريستينا دار هذا الحوار حول الأمراض النادرة.

يوجد في العالم نحو 7000 مرض نادر، يعاني منه أكثر من 100 مليون من سكان العالم، فما هي الأمراض النادرة الأكثر شيوعاً في منطقة الخليج العربي؟ وكم تبلغ نسبتها بالنسبة لعدد السكان؟

- يوصف المرض بأنه نادر عندما يصيب أقل من واحد لكل 2000 شخص، ولكل مرض نادر ومزمن عواقب هائلة على العائلة بأكملها، ففي أوروبا وأميركا نحو 60 مليون شخص مصاب بمرض نادر، ولا توجد إحصائيات عن عدد المصابين بالأمراض النادرة في العالم العربي، ولكن يمكن تقدير العدد بنحو 15 مليون شخص مصاب بمرض نادر. ولا توجد أيضا إحصائية واضحة أو سجل يركز على الأمراض النادرة أو الأمراض الوراثية المختلفة في منطقة الخليج.

هناك بعض الأمراض نادرة في أجزاء معينة من العالم، ولكنها شائعة في منطقة الخليج ويرجع ذلك إلى زواج الأقارب، ومن هذه الأمراض المرض الاستقلابي والعصب العضلي وأمراض الدم الوراثية كالسكلر والثلاسيميا.

هل الأمراض النادرة وراثية بالضرورة؟ وهل صحيح أن أغلبها جيني المنشأ؟

- المنشأ الأساسي لمعظم الأمراض النادرة غير معلوم، 80 في المئة من الأمراض النادرة جينية المنشأ، ويرجع ذلك إلى تغير في الكروموزمات (أي المادة الوراثية) أو في جين محدد، إضافة إلى التعرض إلى العوامل البيئية المختلفة كالتدخين والرجيم أو التعرض للمواد الكيميائية قد تسبب حدوث مرض نادر بشكل مباشر أو قد تتفاعل هذه العوامل مع العوامل الجينية فتسبب الإصابة أو تزيد الحالة المرضية. أمثلة على هذه الأمراض هي الأشكال النادرة لحالات السرطان والاضطرابات المناعية والأمراض المعدية.

ما مدى الحاجة إلى خطة وطنية لمحاربة الأمراض النادرة؟

- إن الخطة الوطنية للأمراض النادرة تخلق إطاراً مؤسسياً كافياً وآليات لتوفير الوقاية في الوقت المناسب والتشخيص والعلاج الأمثل وتأهيل المرضى الذين يعانون من أمراض نادرة وتوفير العقاقير الفعالة.

الخطوة الأولى في تصميم استراتيجية السياسة الصحية لإنشاء وتنفيذ خطة الأمراض النادرة في البحرين هي أن تكون لدينا البيانات الصحية الواضحة حول الأمراض النادرة من خلال إنشاء سجل وطني للأمراض النادرة.

يعاني مرضى الأمراض النادرة من صعوبات تتعلق بالتشخيص الصحيح أو تأخر التشخيص، كما يحتاجون إلى رعاية طبية متخصصة تختلف عن غيرها من الأمراض، فهل تقلل التحاليل الطبية المتخصصة التي يقدمها مركز الأميرة الجوهرة من تلك الصعوبات، وهل يقدم الرعاية الصحية المطلوبة للمرضى؟

- مركز الجوهرة للطب الجزيئي وعلوم المورثات يسعى لتوفير الخدمات للمجتمع، ومساعدة الناس للوصول الى التشخيص المبكر والصحيح والإدارة والمشورة الصحيحة في الأمراض الوراثية، ونحن نقدم مجموعة واسعة من الفحوصات الخاصة بالأمراض الوراثية المختلفة، جزء منها يقام في المركز، وجزء بالتعاون مع مراكز متخصصة في الأمراض النادرة من العالم.

نساعد الكثير في تقديم التشخيص الصحيح، والعديد من الأمراض النادرة يمكن تشخيصها سريرياً، ولكنها تتطلب فحوصات جينية متقدمة للغاية، مثل مجموعة الجينوم الواسعة وفحص التسلسل الجيني، لتحديد مكان الخلل الجيني النادر أو الجين المسئولة عن الأعراض، وبعد التعرف من خلال الاختبار الجيني على الخلل الجيني، نقدم بالتالي المشورة الوراثية للمريض وعائلته، ووفقاً لنوع المرض والأعراض وأجهزة الجسم المعنية، ترسل حالة المريض إلى الزملاء المتخصصين في التعامل مع نوع المرض المشخص كطبيب أطفال، أو طبيب الأعصاب أو القلب أو العيون أو الطب الباطني أو والغدد الصماء أو أمراض النساء وغيرها. ونشرك المريض وأسرته مع مجموعات دولية مفيدة جداً تدعمه في إدارة حياته يوماً بعد يوم ومع المرض النادر.

كيف يمكن تجنب انتقال الأمراض النادرة إلى الأجيال القادمة، وما هي الجهود والخدمات التي يقدمها مركز الأميرة الجوهرة في هذا الصدد؟

- العديد من هذه الطفرات الوراثية يمكن أن تنتقل من جيل إلى آخر، وهذا يشرح سبب تواجد بعض الأمراض النادرة في عائلات معينة. المشورة الوراثية (قبل الزواج، وقبل الحمل)، والاختبارات الجينية، والتوعية والتعليم كلها أساليب تساعد الناس على فهم هذه الاضطرابات النادرة، وسبب وجودها في أسرهم وكيف يمكن منع تناقلها إلى الأجيال الأخرى.

من المهم جداً القيام بالتشخيص الوراثي ومعرفة الخلل الوراثي فإنه يفتح الطريق للإدارة الصحيحة لصحة الأجيال والعلاج من هذه الاضطرابات وسوف يسمح أيضاً للمستشار الوراثي بمساعدة العائلات لتجنب خطر تكرار الإصابة عن طريق التشخيص الوراثي ما قبل الحمل وسبل أخرى.

ومركز الأميرة الجوهرة للطب الجزيئي يوفر هذه الخدمات لعدد كبير من المصابين بالأمراض النادرة، وهناك مرضى تمت بالفعل مساعدتهم عن طريق معرفة التشخيص الصحيح للمرض النادر المصابين به، وتجنب خطر حمله للذرية المستقبلية.

ما هي الجهود التي يبذلها مركز الأميرة الجوهرة لزيادة الوعي بشأن الأمراض النادرة؟ وهل هي كافية لنشر التوعية المطلوبة؟

- ندعم كثيراً اليوم العالمي للأمراض النادرة، وقمنا بتنظيم سلسلة من المحاضرات والحلقات الدراسية والندوات والدورات للعاملين في القطاع الصحي (الأطباء العامين والأطباء المتخصصين) من أجل تحديث معرفتهم حول الأمراض النادرة والتعاون معاً من أجل التشخيص الصحيح والمبكر للمرضى المصابين بالمرض النادر. وقمنا أيضاً بتنظيم المحاضرات للمؤسسات العامة والعموم، وبعض الجمعيات وطلاب المدارس، ومن خلال مؤسسة EUROGENTEST جلبنا إلى البحرين المنشورات الإعلامية الخاصة التي أعدت خصيصاً للجمهور العام بهدف زيادة التثقيف والتوعية حول الأمراض الوراثية والطرق المتاحة الآن للوقاية منها والتشخيص والعلاج.

بدأنا الاحتفال باليوم العالمي للأمراض النادرة في البحرين في العام 2013، ونحن مستمرون في الدعم وتعزيز هذه الجهود، فمملكة البحرين هي واحدة بين 88 بلداً من جميع أنحاء العالم احتفلوا باليوم العالمي للأمراض النادرة في العام 2015.

نظمنا أيضاً حملة توعوية عامة في مجمع البحرين سيتي سنتر استفاد منها نحو 200 شخص شاركونا الاحتفال باليوم العالمي. وقام مجموعة من طلاب الطب من جامعة الخليج العربي بزيارة بعض المدارس في البحرين ورفع الوعي حول الأمراض النادرة وأهمية دعم جيل الشباب الى هؤلاء المصابين، ولانزال نحتاج إلى المزيد من الجهود، وبزيادة التعاون مع مقدمي الرعاية الصحية في البحرين يمكن أن نحقق بالفعل نتائج بناءه ونحدث تغييرات أفضل فيما يتعلق بالمصابين بالأمراض النادرة وأسرهم في البحرين.

نحن بحاجة إلى العمل الوثيق مع جميع زملائنا الذين يتعاملون مع مرضى الأمراض النادرة وأيضاً مع السلطات الصحية في المملكة لتنفيذ سجلات خاصة للأمراض النادرة، لإنشاء سياسة صحية وطنية وخطة وطنية لإدارة الأمراض النادرة.

تدعم المفوضية الأوروبية المبادرات التعاونية التي تركز على الأبحاث التي تعالج الأمراض النادرة، هل هناك تعاون بين مركز الأميرة الجوهرة و المفوضية الأوروبية؟

- نحن على علاقة جيدة مع جمعية «اليوروردس» وبعض الجمعيات العلمية ومختلف المؤسسات العالمية التي تركز على سياسة الأمراض النادرة والأبحاث والتشخيص، ونعمل بجد على توسيع مشاريع البحث وتطويرها في هذا المجال وعلى التعاون المستمر مع المؤسسات المتخصصة.

ما هي المشاكل التي يعاني منها الأشخاص المصابون بأمراض نادرة عادة؟ وما العلاجات التي يطرحها الطب الحديث؟

- يمكن للأمراض النادرة أن تؤثر على أي جزء أو عضو من أعضاء الجسم، وقد تكون مزمنة، أو تقدمية، وغالباً ما تكون أمراضاً تنكسية تهدد حياة المريض، وأعراض الأمراض النادرة تختلف ليس فقط في نوع المرض، بل أيضاً من مريض لآخر يعاني من المرض نفسه، نظراً للتنوع الواسع من الاضطرابات والأعراض الشائعة والمتشابهة نسبياً والتي يمكن أن تخفي اضطرابات نادرة أساسية.

الخطأ في التشخيص الأولي أمر شائع، المرضى يفقدون بعض الأحيان سنوات في البحث عن التشخيص الصحيح والإدارة الصحيحة، يشعرون بأنهم ضائعون محبطون وبلا أمل، وبإجراء التشخيص السريع يمكن للمريض الحصول على المعلومات الصحيحة والدعم والعلاج المناسب، فهناك بعض الأمراض النادرة لها أدوية متاحة، وتسمى العقاقير اليتيمة، وللحصول على هذه العقاقير اليتيمة يحتاج المريض أن يثبت صحة التشخيص له، أن يسجل تحت عهدة سلطة صحية من شأنها أن توفر الدواء، لأن جميع هذه الأدوية اليتيمة غالية الثمن ولا يمكن للمرضى وعائلاتهم التكفل بشرائها.

وفي ختام حديث كرستينا أكدت أن منظمة الصحة العالمية طلبت من بلدانها الأعضاء تخصيص المزيد من الأموال لمكافحة الأمراض المدارية النادرة التي تطال 1,5 مليار شخص في العالم، حتى يمسي القضاء عليها هدفاً قابلاً للتحقيق.

العدد 4577 - الخميس 19 مارس 2015م الموافق 28 جمادى الأولى 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً