العدد 5320 - الجمعة 31 مارس 2017م الموافق 03 رجب 1438هـ

مركز بروكنجز: ريادة الأعمال محرّكٌ لخلق فرص عمل ولتحقيق نمو شامل في العالم العربي

قال تقرير صادر عن مركز بروكنجز الدوحة، إن ريادة الأعمال محرّكٌ لخلق فرص عمل ولتحقيق نمو شامل في العالم العربي.

وأعد التقرير الصادر في مارس/ آذار 2017، بسمة المومني، وهي زميلة غير مقيمة في مركز بروكنجز الدوحة، وأستاذة في العلوم السياسية في جامعة واترلو وكلية بالسيلي للشئون الدولية في واترلو بكندا.

وجاء في مقدمة التقرير، أن الحكومات حول العالم تواجه ضغطاً للتقليص من النفقات المالية ولخفض معدل البطالة، لا سيما بعد الأزمة المالية العالمية في العامين 2007 و 2008. وعلى مدى فترة مماثلة، جرى التركيز بشكلٍ متزايد على حاجة الحكومات إلى السعي وراء نمو شامل أكثر من مجرد التركيز على مؤشرات الاقتصاد الكلي، على غرار الناتج المحلي الإجمالي. وانعكست هذه التوجهات في الهدف الثامن من أهداف التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة، الذي يدعو إلى تعزيز النمو الاقتصادي المطرد والشامل للجميع والمستدام، والعمالة الكاملة، وتوفير العمل اللائق للجميع، ولا يتحقق النمو الشامل إلا حين يتحقق الازدهار الاقتصادي والمستدام على المدى الطويل ويطال طيفاً واسعاً من الناس. في هذه الحالة، يُعتبر النمو الاقتصادي ناجحاً حين يغطي مختلف القطاعات، ويضم مجموعات متنوعة من القوى العاملة، وحين يكون نتيجة للعمالة المنتجة (وليس الدخل الريعي فقط)، وكذلك حين يكون موجهاً من قبل السوق.

وظهر هذا الإجماع الجديد حول التنمية في وقت يحاول فيه العديد من الدول العربية التعامل مع الأسباب الرئيسية للثورات العربية. وبشكلٍ خاص، كان قلق الحكومات العربية يزداد إزاء الحاجة إلى تأمين عملِ لائق ومثمر، لا سيما لفئة الشباب من شعوبها، التي تعاني على الأرجح بطالةً أو بطالةً جزئية بمعدلات أعلى مما هي عليه في مناطق أخرى.

إلا أن المسألة ليست مسألة سهلة. خلال العقد الذي سبق الأزمة المالية العالمية والثورات العربية، كان النمو الذي شهدته الدول العربية نمواً في الاقتصاد الكلي وليس نمواً شاملاً. بالإضافة إلى معدلات النمو المنخفضة التي سجلها النمو الاقتصادي العالمي، وقد أثّر انخفاض سعر النفط سلبياً على اقتصاد الدول العربية، الأمر الذي أدى إلى تراجع الدخل بالنسبة للدول المصدرة للنفط والدول المستفيدة من التحويلات المالية من دول الخليج على حد سواء.

ويزيد الاضطراب السياسي والخلاف الإقليمي في عددِ من الدول العربية من حدة المعاناة الاقتصادية في المنطقة، وكذلك يفعل عجز العديد من الحكومات العربية وترددها في الاستمرار باستخدام القطاع العام لتحقيق الأهداف ذات الصلة بالتوظيف. وبالتالي، ليس غريباً أن معدلات البطالة بقيت مرتفعة في كلٍ من مصر واليمن والأردن والمغرب وليبيا وسوريا والضفة الغربية وقطاع غزة وتونس في الفترة الممتدة بين العامين 2004 و 2014.

وعليه، بدأت العديد من الدول العربية باستكشاف المبادرات الريادية كوسيلة لتسهيل خلق فرص عمل وتحقيق نمو اقتصادي شامل. إلا أنه في الوقت الذي تبنّت فيه المنطقة الخطاب المشيد بفوائد ريادة الأعمال، وقفت المصالح السياسية والاقتصادية والاجتماعية - الثقافية المترسّخة في وجه هذه الجهود. وبالتالي، يتعين على المنطقة خلق النظام البيئي ecosystem الضروري لاستمرار ريادة الأعمال، ونعني بذلك بيئة سياسات متكاملة تشجع الشركات الصغيرة وتتيح استمرارية المشاريع الريادية ونجاحها. ولكن، لا تزال العديد من التحديات تعيق رواد الأعمال العرب من بذل أقصى قدراتهم.

رواد الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم: محركات النمو الشامل

في الوقت الذي لا تزال الدول النامية، بما في ذلك العربية منها، تعاني قدرات مالية محدودة تصعّب عليها خلق فرص عمل واستيعاب الوافدين الجدد إلى سوق العمل، نمت جاذبية إدراج ريادة الأعمال ضمن أدوات خلق فرص عمل. وعموماً، يُعتبر رواد الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم على نطاق واسع عاملاً حيوياً في النظم الاقتصادية الوطنية، لا سيما وأنهم يخلقون فرص عمل من إجمالي الوظائف بنسبةٍ أعلى من تلك التي يخلقها أرباب العمل الآخرون. في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تشكل الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم 80 إلى 90 في المئة من إجمالي الشركات في القطاع الرسمي.

تدعم الأبحاث الملاحظة العامة القائلة إنّ ريادة الأعمال يمكن أن تشكل مولداً جوهرياً لفرص العمل. في حين تخلق الأنشطة الريادية بشكلٍ متنوع بعض فرص العمل الجديدة على المدى القصير، أثبتت وقائع من أوروبا والولايات المتحدة، على نحوٍ أكثر إثارة للإهتمام، أن المنافسة التي تخلقها المؤسسات الجديدة يمكن أن تحلّ محل الشركات غير الفعالة. يوازن خلق فرص عملٍ في خلال العام الأول من حياة الشركة خسارة فرص العمل التي توفرها تلك الشركات والشركات الجديدة التي تفشل في الاستمرار، وذلك من خلال تأمين زيادة صافية في الوظائف للاقتصاد الكلي على المدى الطويل.

وعلى مستوى السياسات العامة للدول، يمكن لهذه الآثار الإيجابية على التوظيف أن تساعد الحكومات العربية على خلق فرص عمل، لا سيما بالنظر إلى الوضع السيء لفئة الشباب فيها في أسواق العمل. في الدول العربية، يصل معدل مشاركة الشباب في القوى العاملة إلى نحو 30 في المئة مقابل 46 في المئة في بقية دول العالم.

أولويات الإصلاح: التحديات التي تواجه رواد الأعمال في العالم العربي

لا بدّ أن يشكل الترويج لنظام بيئي يغذي رواد الأعمال أولوية سياسية مهمة بالنسبة للحكومات التي تسعى إلى تطوير اقتصادها أكثر. إلا أنه ورغم تركيز السياسات المتزايد على قيمة ريادة الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، لا تزال السياسات المحلية في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعطي الأولوية للشركات الأكبر حجماً. ويساعد ذلك على تفسير استحواذ الشركات الكبيرة على 10 إلى 20 في المئة من إجمالي المؤسسات ومسؤوليتها عن 60 إلى 80 في المئة من وظائف القطاع الخاص في المنطقة.

وتشمل التحديات التي تعيق رواد الأعمال المنافسة من قبل الشركات الكبيرة، والعوائق التنظيمية والاجتماعية - الثقافية، وصعوبة الحصول على رأس المال. تجسد رأسمالية المحاسيب السائدة في دول العالم العربي العديد من هذه التحديات.

ويواجه رواد الأعمال تحديات كبيرة في هذه البيئة، لا سيما وأن المؤسسات الكبيرة التي لها مصالح وعلاقات سياسية تدفع بها إلى خارج السوق أو تمنعها من الدخول إليه.

وفي السياق ذاته، يبقى الحصول على التمويل أمراً غاية في الصعوبة بالنسبة لرواد الأعمال والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم في العالم العربي، الأمر الذي يعيق قدرتهم على المنافسة. وفي بعض الحالات، تُستبعد الشركات الصغيرة والمتوسطة عن عمليات الشراء لأن المناقصات للفوز بعقود حكومية مربحة تتطلب إيداعات ضخمة.

استناداً إلى بعض التقديرات، ثمة حاجة إلى ما يقارب 160 – 180 مليار دولار لمساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم لتحسين مشاريعها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ثيواجه رواد الأعمال في المنطقة أيضاً صعوبات لجهة توسيع مشاريعهم والارتقاء بها. وفي استطلاع للرأي شمل نحو 1000 رائد أعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أشار كثيرون أنهم يواجهون عوائق تحد من قدرتهم على تحسين أعمالهم، بما في ذلك تسويق منتجاتهم وخدماتهم، وإيجاد التمويل، وتوظيف المواهب المناسبة، والعثور على شركاء للتوسع في دول وأسواق جديدة.

ومن العوائق الأخرى التي تواجه نضوج المشاريع، نذكر الإنفاق الحكومي المنخفض على البحث والتطوير وانخفاض براءات الاختراع.

توصيات السياسة: تحسين النظام البيئي اللازم لريادة الأعمال

لقد حققت عدد من برامج ريادة الأعمال الإقليمية نجاحاً متواضعاً في عددٍ من الدول العربية. وتساعد بعض المبادرات الإقليمية المثيرة كإنجاز العرب، جرامين – جميل، صلتك، ومضة، أو أويسيس، على تحريك عجلة نظام بيئي داعم لرواد الأعمال إلى الأمام. وقد ازداد عدد المبادرات في العالم العربي التي تدعم ريادة الأعمال بسرعة كبيرة منذ أوائل القرن الواحد والعشرين، علماً أن أغلبها مدعوم من القطاع غير الحكومي (62 في المئة)، وتسجل دول كالأردن ولبنان عدداً كبيراً من المبادرات الريادية للفرد الواحد، على عكس الكويت والجزائر ومصر التي تُعتبر متقاعسة على الصعيد الإقليمي.

وتتزامن هذه الزيادة في المبادرات مع اتجاه العديد من الشباب العرب نحو فكرة إنشاء مشاريع جديدة. وفي استطلاع تناول الشباب العرب في 16 دولة، رأى 67 في المئة منهم أن جيلهم كان أكثر ميلاً إلى إنشاء مشاريع جديدة من الجيل السابق. وقد أجمع الشباب الجزائري والمصري والتونسي وشباب الضفة الغربية وقطاع غزة في استطلاع شامل آخر على أنه «في بلدي، يُعتبر إنشاء مشروع جديد خياراً مهنياً جيداً» (83.2 بالمئة في المتوسط)، وهي نسبة أكبر من تلك المسجلة في كل الدول النامية (70.9 في المئة) والدول الأوروبية (62.2 في المئة) التي شاركت في الاستطلاع.

على نحو مماثل، وبشكلٍ عام، تنتمي أعلى نسبة إقليمية من الشباب المؤمن أن «الأشخاص الذين ينشئون مشاريع جديدة ناجحة يحققون مكانة عالية» إلى المنطقة العربية.

أخيرا،ً في استطلاع ثالث تناول الشباب العربي، 15 في المئة أرادوا البدء بمشروع جديد خلال العام التالي، مقارنة بـ 4 في المئة من الشباب الأميركي.

الإصلاح التنظيمي

بهدف تسهيل ريادة الأعمال، لا بدّ أن تحرّر الحكومات العربية البيئة التنظيمية وأن تخفف القوانين أمام الوافدين الجدد إلى عالم الأعمال. فمن أجل تشجيع الشركات الناشئة، من الضروري، على سبيل المثال، أن تكون تكاليف تسجيل الشركات الجديدة ولترخيصها منخفضة والوقت الذي يتطلبه ذلك أقصر. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للحكومات إنشاء مراكز شاملة الخدمات للحصول على المعلومات والخدمات الحكومية من أجل جعل البيئات التنظيمية أكثر ملاءمةً لريادة الأعمال.

فمن خلال تحرير البيئة التنظيمية، سيتقلّص إلى حد كبير العديد من مزايا المحسوبية الممنوحة للرأسماليين من أصحاب العلاقات النافذة. في بعض الدول، كمصر، سيصعب إصلاح الدولة الراعية في القطاعين الإنتاجي والريعي لأن سيطرة الدولة متأصلة في النظام الاجتماعي والسياسي والاقتصادي. ولكن حيث تتوفر الإرادة السياسية والإقرار بضرورة التغيير الاقتصادي لتحقيق إمكانات الشعب، يمكن للحكومات أن تسخّر الدولة من أجل التنمية الاقتصادية. صحيح أنّ بعض المقاومة ستواجه هذا التحرير في البداية، إلا أنّ الفوائد السياسية الناتجة عن فرص التوظيف ستفوق تلك الناتجة عن دعم المحسوبيات التي تؤمن نمواً أقل فأقل شمولاً.

التغيير الاجتماعي - الثقافي والتعليم

يواجه رواد الأعمال الطموحون عوائق اجتماعية - ثقافية في جميع أنحاء المنطقة. ويعتبر التعليم أساسياً من أجل تعزيز هذا النوع من التغييرات الاجتماعية – الثقافية الضرورية بناء نظام بيئي مؤاتٍ لريادة الأعمال.

فغالباً ما تغيب برامج المتعلقة بريادة الأعمال عن مناهج المدارس والجامعات، كما وأنّ برامج الأعمال تعلّم الطلاب كيف يصبحون موظفين بدلاً من أرباب عمل. عبر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يقدّم 10 في المئة فقط من الجامعات برامج أكاديمية تركز على ريادة الأعمال، الأمر الذي يسلّط الضوء على الحاجة الملحة إلى خلق نظام بيئي إيجابي لريادة الأعمال في التعليم الرسمي.

الحصول على القروض والتمويل

يُعتبر تأمين التمويل تحدياً رئيسياً يواجهه رواد الأعمال في العالم العربي. وحيث يتوفر التمويل للشركات الصغيرة، يميل أن يكون مصدره من شركات رأس المال المغامر وأيضا الاستثمارية، بدلاً من القروض المصرفية رغم انتشار هذه الأخيرة.

وبالتالي، يتعين على الحكومات في المنطقة أن تخلق حوافز للمصارف لكي توفّر قروضاً متاحة أكثر أمام رواد الأعمال. في أغلب الأحيان، يجد رواد الأعمال في العالم العربي صعوبة في الحصول على القروض المصرفية بسبب معدلات الفائدة المرتفعة والمتطلبات الصعبة المفروضة على الأصول المباشرة التي تضر عملاء المصارف الأصغر والأحدث. وما يزيد هذه القروض تعقيداً هو الحواجز التنظيمية المذكورة أعلاه وارتفاع معدلات الفساد المستشري في الحكومة وغياب الشفافية في القواعد والقوانين التي تنظّم تشغيل الأعمال، الأمر الذي يجعل رواد الأعمال عرضة لمضايقة مسؤولي الحكومة الذين يسعون وراء الرشوة.

يتعين على الحكومات كذلك أن تمكّن موارد تمويل بديلة، كصناديق رأس المال والمستثمرين الملائكة، والتمويل الجماعي وبرامج تسريع الشركات لتوسيع أنشطتها. وتفيد بعض الدلائل أنّ التمويل أكثر انتشاراً في بعض الدول العربية مما هو عليه في دولٍ أخرى.

ولا بد أن تحرص الحكومات على أن يكون التمويل وفرص التعاقد واضحة أكثر لرواد الأعمال. حتى عندما تكون خيارات الإقراض متاحة أمام رواد الأعمال، غالباً ما يُساء فهم البرامج أو مُعلن عنها بطريقة سيئة. وعلى نحوٍ مماثل، تُستبعد الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم عن عقود القطاع العام بسبب عدم الإعلان عن الفرص أمام العامة أو المؤسسات الأصغر حجماً.

إمكانية أكبر للوصول الإقليمي والتكامل والتجارة

بالإضافة إلى تحسين النظام البيئي الداخلي لرواد الأعمال، يمكن للحكومات العربية أن تدعم رواد الأعمال أيضاً من خلال زيادة التكامل الإقليمي وتسهيل التجارة بين دول المنطقة. من شأن هذه الخطوة أن تساعد رواد الأعمال الساعيين إلى توسيع أعمالهم. رغم التشابهات الثقافية واللغوية بين شعوب الشرق الأوسط، تبقى هذه المنطقة، المنطقة الأقل تكاملاً في العالم حين يتعلق الأمر بالوصول والتعاون الاقتصاديين. وبينما أُطلقت بعض المحاولات لتحسين العلاقات الاقتصادية الراهنة، لا بدّ من دعم هذه المحاولات أيضاً.

وشكل مجلس التعاون الخليجي أهم مثال على التكامل في المنطقة. فقد نجح المجلس في إقامة اتحاد جمركي وتوحيد التعرفة الجمركية، وهو حالياُ يدرس فكرة العملة الموحدة. وقد رفع مجلس التعاون الخليجي بشكلٍ كبير الوصول الإسمي إلى الأسواق الإقليمية والتجارة بين دول الخليج، إلا أن ذلك لا يشكل إلا نسبة صغيرة جداً من مجموع صادراتها، نظراً إلى اعتمادها الكبير على صادرات الطاقة إلى الأسواق الخارجية. بالإضافة إلى مجلس التعاون الخليجي، كان لاتفاقية التجارة الحرة التي عُقدت برعاية الجامعة العربية في العام 1977 والتي أسست لاتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى (جافتا) مساهمة أيضاً في زيادة تجارة السلع عبر المنطقة، إلا أنه لا بدّ من القيام بالمزيد من العمل من أجل التكامل على مستوى الخدمات والمعارف.

لسوء الحظ، لا يزال الوصول الاقتصادي والتكامل والتعاون بين دول المنطقة محدوداً، ويعزى ذلك جزئيا إلى الخلاف السياسي. إلا أن الأهم من ذلك، لا تزال عوامل هيكلية تعرقل هذه الجهود.

خاتمة

لقد أصبحت الحاجة الاقتصادية الملحة لخلق فرص عمل واضحة بعد الثورات العربية التي جعلت معدلات البطالة المرتفعة هماً سياسياً يضغط بشدة على الحكومات العربية. وقد تفاقم هذا الوضع بسبب الاضطرابات السياسية المستمرة في المنطقة والضغوطات المالية المتنامية، بالإضافة إلى النمو الضئيل الذي يشهده الاقتصاد العالمي.

صحيح أنّ البرامج التي تعزز ريادة الأعمال وتدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة ليست حلاً سحرياً لكافة مشاكل البطالة في العالم العربي، إلا أنها يمكن أن تساعد الدول على تأمين وظائف وتعزيز النمو الشامل بشكلٍ يتماشى مع الهدف الثامن من أهداف التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة.

من السهل تبرير الأهمية الاقتصادية لتعزيز ريادة الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم. بشكلٍ خاص، يمكن لرواد الأعمال وللشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم أن تساهم، بالإضافة إلى خلق فرص عمل، في تعطيل المشكلة السائدة في المنطقة المتمثلة في رأسمالية المحاسيب.

للأسف، ليس من السهل تعزيز نظام بيئي من شأنه أن يدفع بعوامل التغيير المحتملة إلى الأمام.

في الواقع، لقد اعترفت العديد من الحكومات العربية بفوائد ريادة الأعمال، إلا أنه يتبقّى أن تتأكّد من وجود النظام البيئي المناسب لنجاح رواد الأعمال.

تتطلب التغييرات في السياسة العامة الضرورية لخلق هذا النظام البيئي إرادة سياسية قوية وجهوزية لتحدي المصالح السياسية والاقتصادية الراسخة. يُعد الضغط على المصارف لتوسيع فرص التمويل المتاحة أمام رواد الأعمال، وتحسين الوصول إلى السوق من خلال سلاسل إمدادات إقليمية متكاملة، وإزالة الحواجز غير الجمركية مسائل مُسيّسة إلى حدّ كبير في العالم العربي. ولذلك كان من الصعب تطبيق إصلاحات السياسة في هذه المناطق.

ولكن في نهاية المطاف، في حال أرادت الحكومات العربية خفض البطالة والضغوط المالية، يتعين عليها أن تقوم بما هو ضروري لتمكين رواد الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم.

العدد 5320 - الجمعة 31 مارس 2017م الموافق 03 رجب 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً