العدد 1045 - السبت 16 يوليو 2005م الموافق 09 جمادى الآخرة 1426هـ

ماذا يحدث في الأصالة؟

يوسف البنخليل comments [at] alwasatnews.com

الصورة الضبابية التي تعيشها الأوساط الإسلامية حاليا إزاء ما يشهده التنظيم الرئيسي للتيار الإسلامي السلفي في البلاد لها الكثير من الدلالات والمؤشرات. فالحديث عن استقالة أبرز قياديي السلف النائب الشيخ عادل المعاودة يشير إلى وجود تحول داخل التيار السلفي البحريني.

ولكن قبل ذلك فإنه من الأهمية بمكان استعراض ما طرأ على تيار السلف العام منذ حدوث التحول التاريخي وموافقته على أن يكون طرفا رئيسيا في تفاعلات النظام السياسي البحريني. فبعد أن ظهر التوجه داخل التيار لممارسة دور سياسي وفق مبررات وقائية دينية صرفة بدأ شكل من أشكال الفئوية بالظهور وسط التيار السلفي العام الذي يمثله تيار المعاودة وليست التيارات السلفية الأخرى، وقامت هذه الفئوية على أسس براغماتية وايديولوجية.

فالفئات التي قامت على أسس براغماتية كانت هي الأقرب من أعضاء كتلة الأصالة، وبعض قيادات السلف، ومثل هذه الفئة كانت تحمل الكثير من الطموحات للعب دور سياسي مقابل التيارات الأخرى، ولكن واقع النظام السياسي وطبيعة تركيبته المعقدة حال دون تحقيق طموحاتها المختلفة التي تتراوح بين تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين، والسعي نحو خلق مناخ مناسب يتوافق مع الشريعة الإسلامية من خلال فرض جملة من القوانين والتشريعات للمحافظة على الآداب والأخلاق العامة، ومحاربة الفساد والانحلال الأخلاقي وإيقاف انتشار الخمور وغيرها. وما يميز هذه الفئة أنها كانت الأكثر تحررا إزاء مفهوم الديمقراطية ولديها قابلية أكثر إيجابية تجاه مفاهيم المشاركة السياسية.

أما الفئة الأخرى التي ظهرت على أسس ايديولوجية، فكانت ملتزمة في سلفيتها، وطرأ على موقفها تجاه الديمقراطية تحرر محدود للغاية، وفق توجه القيادات السلفية الذين يمثلون الفئة الأولى، ولذلك فإنه يبدو أن مسألة المشاركة السياسية كان موضوعا غير محسوم بالنسبة لها، وكانت عملية دخولها في السياسة مجرد اختبار هدف للتأكد من قدرة التيار في التأثير على النظام السياسي من أجل نيل مكاسب معينة، ولكنها واجهت الواقع، واكتشفت اليوم بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على تأسيس أول تنظيم سياسي إسلامي سلفي في دول مجلس التعاون الخليجي "تأسست جمعية الأصالة الإسلامية في السابع من مايو/ أيار 2002" أن الجهود السابقة التي بذلت لم تتكلل بالنجاح، وأن جميع المكاسب التي تحققت لم تتعد المكاسب المادية والمعنوية التي حظي بها أعضاء كتلة الأصالة البرلمانية داخل مجلس النواب. ولذلك هددت هذه الفئة قبل فترة في اجتماع الجمعية العمومية للأصالة، وطالبت أعضاء الكتلة البرلمانية بالاستقالة في ظل عدم تحقق المطالب الرئيسية للتيار عبر المؤسسة التشريعية.

ما يهمنا الآن، هو تحديد الخلل الذي خلق حال الانقسام داخل التيار السلفي العام، ودفع رئيس الأصالة الشيخ عادل المعاودة لتقديم استقالته التاريخية لاحقا؟

باعتقادي ان الخلل الرئيسي في جمعية الأصالة تمثل في فصل الدين عن السياسة، والمقصود ليس علمانية غربية، وإنما هو خلل في إدارة التنظيم السياسي، فالسلفيون لم يتمكنوا من تسييس تيارهم العريض الذي يقدر ببضع آلاف من المواطنين، وقاموا بجعل جمعية التربية الإسلامية معنية بالشئون الدينية والخيرية للتيار، في الوقت الذي انشغل فيه أعضاء الكتلة بالعمل السياسي دون غيرهم من قواعد التيار. وهنا ظهرت الإشكالية، فالذين يصنعون مواقف السلف السياسية هم قلة، ولا يتجاوز عددهم أعضاء الكتلة أنفسهم وبعض القيادات السلفية، في حين مازال المئات من السلفيين يمارسون أنشطتهم الدينية والخيرية الاعتيادية. ولم تقتصر هذه الإشكالية على القواعد والنخب، وإنما امتدت لتشمل حتى جمعية الأصالة التي لم تتمكن من إقامة فعاليات سياسية منذ تأسيسها.

وللحديث صلة..

العدد 1045 - السبت 16 يوليو 2005م الموافق 09 جمادى الآخرة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً