العدد 1055 - الثلثاء 26 يوليو 2005م الموافق 19 جمادى الآخرة 1426هـ

الإخوان والسلف: الأدوار المتبادلة

يوسف البنخليل comments [at] alwasatnews.com

بالنظر إلى تجارب التيار الإسلامي السني في البلدان العربية فإنه من الواضح للغاية أن جماعة الإخوان المسلمين لديها منهجها الذي تسير عليه وفق ثوابت معينة، ولكن ما يميز تجربة كل جماعة في بلد عن أخرى الممارسة والتي تعد المعيار الأساسي للمقارنة بين أداء جماعات الإخوان في البلدان العربية وغير العربية. وبالمقابل فإن جماعات السلف لها ما يميزها تماما عن جماعات الإخوان، لأن الأولى تعمل وفق منهج فكري متوافق وعام، وتبقى الاجتهادات والممارسات مرهونة بالتفسيرات السلفية طبقا لظروف كل بلد وخصوصيته، والاهم من ذلك أن التفسيرات المبررة لجميع ممارسات السلف قائمة على التحليل الذي يتميز بالجمود الشديد.

في التجربة البحرينية لم تختلف أوضاع جماعة الإخوان ممثلة في جمعية الإصلاح وتنظيمها السياسي المنبر الوطني الإسلامي، وكذلك الحال بالنسبة إلى جماعة السلف الرئيسية ممثلة في جمعية التربية الإسلامية وتنظيمها السياسي جمعية الأصالة الإسلامية عن تجارب الجماعتين في البلدان العربية عموما.

إلا أنه ثمة ظاهرة بدأت بالبروز تدريجيا مع زيادة الخبرات التراكمية لدى جماعتي الإخوان والسلف بعد أن ظهر لهما دور لافت على صعيد التأثير في تفاعلات النظام السياسي. فقد ظهرت حال من تبادل الأدوار بين الجماعتين، فإذا كان السلف يحملون مواقف متشددة إزاء المشاركة السياسية، ومواقف داعمة بدرجة كبيرة للسلطة، ونظرات متحفظة على إقامة علاقات مع التيارات الأخرى، وخصوصا الشيعية منها، فإن الوضع اختلف تماما بعد دخول جمعية الأصالة الإسلامية إلى العملية السياسية، وحصولها على كتلة مؤثرة داخل المؤسسة التشريعية، فماذا حدث؟

لقد تفاعل السلف مع التحولات المهمة التي شهدها النظام السياسي البحريني منذ مطلع الألفية الجديدة، وأدركوا أهمية الحصول على دور بارز في تفاعلات النظام، والقدرة على التأثير في الحراك السياسي، فضلا عن إعادة النظر في المواقف إزاء القوى السياسية الأخرى، والتي أدرك السلف أن متطلبات عملهم التنظيمي تحتم عليهم التعامل مع جميع القوى حتى لو كانت مختلفة مذهبيا وفق مبررات تتعلق بالضرورة التنظيمية والمصلحة الوطنية. ويظهر التحول الأخير في الانقلاب الفكري الذي ظهر لدى الصف الثاني من التيار السلفي - إذ توجد القيادات الشابة - والتي أعلنت قبل فترة موقفها من السلطة، وأكدت تحفظها على عدم جدية السلطة في تطبيق الشريعة، وإزالة أسباب الفساد الأخلاقي في البلاد. مثل هذه التحولات طبعا دفعت إلى حدوث تغييرات في مستوى قمة الهرم القيادي داخل تيار السلف.

أما على صعيد جماعة الإخوان، فإن الوضع لم يختلف كثيرا عما حدث في السلف، فقد تغيرت مواقف التيار المرنة إزاء جملة من القضايا، وأصبحت قياداته أكثر تشددا في مواقف كثيرة. ويمكن الإشارة هنا إلى مسألتين، الأولى تتعلق بالعلاقة مع القوى السياسية الأخرى، التي يلاحظ تراجعها، حتى أصبحت علاقة التيار اليوم هي أضعف ما تكون من أي وقت مضى مع التيارات والقوى السياسية الأخرى، خصوصا فيما يتعلق بالمواقف والتنسيقات الاستراتيجية والتكتيكية. والمسألة الأخرى تتعلق بالموقف من السلطة، فمن المعروف أن تيار الإخوان لديه تحفظات إزاء التعامل مع السلطة وتقبل مواقفها، إلا أن تحركات كثيرة أخيرا كانت محل تساؤل عن تغير موقف التيار من السلطة، حتى أصبحت قضية موالاة الإخوان أقوى بكثير مما كان يحمله السلف سابقا في العلاقة ذاتها.

مسألة تبادل الأدوار بين تيار الإخوان والسلف هي ظاهرة جديدة لا أعتقد أنها موجودة في أنظمة سياسية أخرى غير النظام السياسي البحريني، ولذلك فهي جديرة بالاهتمام والدراسة، وكذلك المتابعة للتعرف على مستقبل الحراك السياسي في ظل استمرار قوة التيارين داخل النظام

العدد 1055 - الثلثاء 26 يوليو 2005م الموافق 19 جمادى الآخرة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً