العدد 1112 - الأربعاء 21 سبتمبر 2005م الموافق 17 شعبان 1426هـ

سورية والاتهامات الأميركية - العراقية!

فايز سارة comments [at] alwasatnews.com

.

مضى أكثر من عامين على إطلاق أول الاتهامات الأميركية - العراقية عن دور سوري في تسهيل مرور العرب والأجانب إلى العراق للقيام بعمليات ضد القوات المتعددة الجنسيات العاملة في العراق وخصوصا الاميركية، إضافة إلى القيام بعمليات التفجير والتفخيخ التي تستهدف المدنيين في أنحاء مختلفة في العراق. وعلى رغم مرور كل هذا الوقت بما شهده من تطورات ومتغيرات في السياسة السورية إزاء الوضع في العراق، فإن الاتهامات تتجدد. وقد شاركت في الموجة الأخيرة من التهديدات وزيرة الخارجية الأميركية وسفير واشنطن في العراق إضافة إلى وزير الدفاع العراقي، كما غمز الرئيس العراقي جلال الطالباني إلى قناة سورية وموقفها حيال الوضع في العراق ودورها في موضوع المتسللين خلال زيارته للولايات المتحدة أخيرا. وطوال أكثر من عامين، حاولت سورية القيام بخطوات تخفف من حدة الاتهامات الأميركية - العراقية فيما يتعلق بموقفها الإجمالي من الوضع في العراق وخصوصا في موضوع وقف تسلل العرب والأجانب إلى العراق عبر الحدود السورية، والأمر في هذا، كان يتضمن أمرين مهمين، أولهما تخفيف حدة الضغوط الأميركية على سورية، والتي كانت تتخذ من الموقف السوري إزاء العراق مادة وسببا لها في جملة أسباب أخرى، والثاني خلق أساس لعلاقات سورية - عراقية تكون بديلا للأساس الذي كانت تقوم عليه تلك العلاقات في زمن النظام السابق، بحيث يعاد بناء وترتيب العلاقات بين البلدين في جوانبها السياسية والاقتصادية وغيرها في وقت تحتاج فيه سورية لمثل هذه العلاقات. وقد سارت الخطوات السورية في التعاطي مع الملف العراقي وموضوع المتسللين في مسارين اثنين، الأول منهما إعلان سياسات، والثاني اتخاذ إجراءات تطبيقية. وفي المسار الأول، تواصلت الإعلانات عن استعداد سوري للتباحث والحوار مع الولايات المتحدة ومع الحكومة العراقية وللتعاون في موضوع الحفاظ على الأمن في العراق، واتخاذ كل الترتيبات الكفيلة بمنع العبور غير الشرعي إلى العراق عبر الأراضي السورية. وتتصل بهذا المسار إعلانات سياسية سورية أخرى منها إعلان مخاوف سورية من تسلل مسلحين من العراق إلى سورية، كما يتصل بها تصعيد لهجة أن دمشق تتابع حربا ضد الإرهاب في سورية، ما يجعلها بصورة عملية - وإن يكن بصورة غير مباشرة - في خندق محاربة الإرهاب مع كل من الولايات المتحدة والعراق. وقد وفرت هذه الإعلانات التي صدرت عن مختلف المستويات السياسية الأرضية للقيام بخطوات إجرائية سورية لمنع تسلل العرب والأجانب إلى العراق، وكان في سياق هذه الإجراءات إجراء مفاوضات سورية - عراقية خلال زيارة وزير الداخلية العراقي السابق لدمشق العام الماضي، أدت إلى اتفاق بين الجانبين يهدف إلى تعاون أمني، يكون منع المتسللين في صلبه، لكن هذا الاتفاق لم يتم توقيعه، بفعل موقف الجانب العراقي وعدم متابعته، ثم تبع هذه الخطوة تعزيز الوجود الأمني السوري على خط الحدود بإقامة المزيد من مراكز المراقبة، ثم تمت إقامة جدار ترابي يحد من إمكان التسلل عبر الحدود، وترافق مع تلك الخطوات مطالبة سورية بتلقي أجهزة حديثة تدعم مراقبة الحدود التي يبلغ طولها أكثر من ستمئة وخمسين كيلومترا. والإجراء الأكثر أهمية في سياق الخطوات السورية، كان إعلان السلطات اعتقال مئات من الأشخاص العرب والأجانب الذين كانوا في الطريق إلى العراق لمقاتلة الأميركيين وشن عمليات هناك، وقد زادت السلطات على ما سبق قيامها بتسليم عشرات العرب من هؤلاء إلى بلدانهم بعد إجراء التحقيقات معهم. وعلى رغم الخطوات السورية وتتابعها، فقد استمرت الاتهامات الأميركية - العراقية، وهو أمر يؤكد الطابع السياسي للاتهامات، وخصوصا أن الاتهامات تتجاوز الحديث عن أي دور للأميركيين وللعراقيين في تأمين الحدود على الجانب العراقي، وهذا يعني فيما يعنيه، تحميل سورية المسئولية بصورة منفردة، على رغم أن الأمر ليس كذلك، وتأكيد أن أيا من الخطوات والإجراءات السورية المتواصلة في سياق ما تم القيام به، لن يوقف استمرار الاتهامات، ويتطلب الأمر اتخاذ خطوات أخرى لإخراج سورية من دائرة الاتهام. ويمكن الوصول إلى ذلك من نقطتين متلازمتين، الأولى، تأكيد سوري بأن المسئولية عن أمن الحدود، ليست مسئولية طرف واحد، وإنما مسئولية طرفي الحدود، والثاني طلب تدخل طرف ثالث، يكون من شأنه التحقق من الإجراءات المتخذة وتدقيقها، وهذا إن لم يمنع استمرار الاتهامات ضد سورية من الجانبين الأميركي والعراقي، فإنه سيوفر على الأقل سندا دوليا للموقف السوري في رفض الاتهامات

العدد 1112 - الأربعاء 21 سبتمبر 2005م الموافق 17 شعبان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً