العدد 1127 - الخميس 06 أكتوبر 2005م الموافق 03 رمضان 1426هـ

في الاستفتاء العراقي... الفقرة "ج" من المادة "61"

فاروق حجي مصطفى comments [at] alwasatnews.com

كاتب سوري

عندما صدر قانون إدارة الدولة العراقية الموقت قامت الدنيا ولم تقعد. بعض التنظيمات والتيارات الشيعية أبدت تحفظها تجاهها من خلال بيان صدر من قبلهم، والبعض الآخر سمى قانون إدارة الدولة بأنه "قانون بريمر"، ومنهم من قال إنه "كان هناك خبراء إسرائيليون" جاء بهم بول بريمر خصيصا لكتابة هذا القانون. الاتهامات كانت بالجملة إلى درجة أن قام المحللون السياسيون وبعض التيارات القومية والعروبية وبعض التيارات الشيعية والسنية، بعملية التشريح للقانون المذكور، وعلقوا عليه فقرة فقرة، وكان للفقرة "ج" من المادة "61" نصيب الأسد من الاتهامات من بين بنود القانون، إلى درجة سماها الكثير من "العروبيين" و"المتشددين" بفقرة "الأكراد"، أي ان الأكراد أصروا على وضع هذه الفقرة لإجهاض العملية السياسية، وبالتالي يبقى العراق على وضع غير مستقر. وفي رأي هؤلاء، ان هذا الوضع غير المستقر يستفيد منه الأكراد، مع أن الحقيقة تقول العكس، فعندما يستقر العراق يكون باستطاعة الأكراد إيجاد الشركاء الحقيقيين لبناء عراقهم الجديد "على كل هذا الموضوع مختلف ويحتاج إلى شرح واجتهادات أكثر". عندما يأتي الحديث عن البند "61"، كان ينطلق سيل من الشتائم، مع ان الأكراد كانوا يقولون ان هذه الفقرة ليست لحماية حقوق الكردي فحسب بل لحماية حقوق جميع الأطياف العراقية والأكراد منهم. للتذكير ان هذه الفقرة تنص بما معناه، على انه "إذا رفض ثلثا سكان ثلاث محافظات الدستور فإن الدستور سيرفض". من هنا لعب التأويل دوره، فاعتبروا ان تحديد ثلاث محافظات المقصود منه المحافظات الكردية "دهوك، اربيل، السليمانية"، ونسوا أو تناسوا أنه يحق لثلاث محافظات أينما كانت على طول الأراضي العراقية رفض الدستور، فربما ترفض محافظات الجنوب وربما ترفض محافظة في الجنوب وأخرى في الوسط وثالثة في الشمال. والحال ان هذه الفقرة فعلا أتى دورها لتحقق أماني البعض، ولكن ليس لتحقيق أماني الكرد. بمعنى آخر ان تفعيل هذه الفقرة ليس في مصلحة الأكراد، بل تأتي ضد مصلحتهم خصوصا في هذه المرحلة، لأنهم وجهوا شارعهم ليقولوا "نعم" لمسودة الدستور، لأنه "يضمن الحقوق المصيرية للشعب الكردي، ويجب أن نفتخر بأن الدستور قد تحقق فيه الكثير بالنسبة إلينا، من إقرار الفيدرالية واعتبار اللغة الكردية لغة رسمية، والبيشمركة قوة معترفا بها، والثروات الطبيعية سيتم توزيعها بشكل عادل في خدمة الشعب بعد أن كان يستثمر لاستعمال موارده ضدنا. وكذلك مسألة التمثيل الدبلوماسي لأنه سوف لن تكون هناك سفارة إلا ومعها ممثلية لإقليم كردستان. والشيء نفسه بالنسبة إلى مسألة السلطات وحال حدوث خلاف تكون الأولوية لدستور إقليم كردستان"، بحسب ما قال مسعود برزاني أثناء إحياء المهرجان الثقافي في دهوك. على كل أثبتت الأيام أنه على عكس ما كان يردد في الأوساط العربية عن الأكراد، فهم سوف لن يستفيدوا من هذه الفقرة، بل ربما الجهة المستفيدة الأكثر هي الجهة التي كانت قد وقفت في وجه العملية السياسية التي كانت تجري - ومازالت - في العراق، وهي جهة معروفة تروج لها قناة "الجزيرة" القطرية أكثر. هذه الجهة هي التي يصفها الإعلام العربي بـ "العرب السنة"، الأمر الذي يدعو إلى طرح عدد من الأسئلة، من قبيل: هل سيستخدم إخواننا السنة هذه الفقرة للحصول على حقوقهم "المفقودة"؟ وهل سيستخدم العرب السنة هذه الفقرة للطعن في مسودة الدستور؟ إذا كان الجواب بنعم، فلماذا اذا اعترضوا على هذه الفقرة من الأساس؟ ألم يكونوا يعرفون أنه سيأتي يوم وهم سيحتاجون إلى هذه الفقرة. أعتقد ان حاجة السنة إلى هذه الفقرة كشف ضعف موقف السنة وكشف قراءتهم الخاطئة للوقائع السياسية. هذه الفقرة كشفت كيف تسود السذاجة السياسية على الطبقة السياسية السنية. يبدو ان هذه الفقرة "ج" ستستخدم من قبل السنة، وهم يحتاجون إليها أكثر من أي طرف آخر، وربما أصبحت هذه الفقرة الورقة الوحيدة الآن بأيدي السنة لخوض معركة الاستفتاء التي ستتم أواسط الشهر الجاري. وما كان على السنة بالأساس أن يعترضوا على وجود مثل هذه الفقرة، إذ كان الأولى بهم أن يعرفوا مسبقا بأنهم هم من أكثر الأطراف احتياجا إليها فيما بعد، لأنهم - أي السنة - لعبوا دور المعارضة منذ البداية، ولم يدخلوا بالأساس في دائرة العملية السياسية منذ البداية العملية السياسية في العراق. بقي القول... إننا نعتقد ان التسرع في اتخاذ المواقف سبب كل الأزمات، مضافا إليه عدم قراءة حيثيات الواقع بالشكل المطلوب، كما ان "المواقف المسبقة هي من أكثر العقبات التي تقف في وجه التطور"، على حد تعبير السينمائي الكردي يلماز كوناي * كاتب سوري كردي

إقرأ أيضا لـ "فاروق حجي مصطفى "

العدد 1127 - الخميس 06 أكتوبر 2005م الموافق 03 رمضان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً