العدد 1285 - الإثنين 13 مارس 2006م الموافق 12 صفر 1427هـ

كراهية الحياة وثقافة الموت

منى عباس فضل comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

كي يتطور الإنسان لابد أن يمتلك جرأة نقد الذات. لعل أفضل منهج طرح فلسفيا هو منهج الفيلسوف ديكارت في نظرية التشكيك والمساءلة. لا مقدسات في الحوار. نظرية صائبة وتزيد أهميتها في القضايا الثقافية الفرعية والسياسية وغيرها. هذا اليوم سأطرح بعض الأسئلة الفكرية والسياسية. العقل ينمو من خلال آلية النقد الذاتي على طريقة قول الإمام الصادق(ع): من استوى يوماه فهو مغبون. أكبر اشكالية هي حشر الدماغ في زنزانة مؤدلجة بحجم الميليمتر ثم اعطاء مفاتيحها للحزب أو الداعية أو المثقف. كي يتغير واقع أي أمة تحتاج إلى عدة أدوات معرفية:

1- ثقافة منفتحة على المعارف الإنسانية.

2- جرأة النقد العلمي وعدم تأجير العقل.

3- عدم التعصب والبحث عن إضاءات الآخرين.

4- الإنتاج العلمي وترجمته إلى مشروعات انمائية تصب في خدمة الناس والمجتمع.

5- انتهاج المنهج الوسطي والاعتدال في الحب والبغض ثقافياً وسياسياً.

6- العمل على تفتيت بنى التخلف الايديولوجي أو السياسي أو الثقافي المتكدسة على مفاصل وعي الجمهور والعمل على خلق عقل سياسي وثقافي جيد لصناعة إنسان جديد خال من أمراض وعقد الفقر والقهر السياسي والتعصب الديني مع العمل على تأسيس ثقافة الحياة لأن حب الحياة والتركيز على السعادة في الدنيا وأهمية المرح والترفيه والجمال تكاد تكون غائبة عن الخطاب الإسلامي وكأن هناك قطيعة بين الدنيا والآخرة! يبقى الخطيب يركز على ثمار الجنة والمستمع بطنه يتضور جوعا ليس عنده خبز له ولأطفاله. يعيش محروما يرى أهل الدنيا يتقلبون في نعيمها وهو عليه أن يعيش في عالم آخر إلى أن يصاب بالعقد وأمراض سيكولوجية من حسد وحقد وكراهية وانتقام من الآخرين. يجب في الخطاب أن نعزز حب الدنيا الإيجابي الذي يقود إلى الآخرة انطلاقا من قول الإمام علي (ع): «اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً». هذا خطاب توازني وسطي اعتدالي. سؤال مهم: الآيات القرآنية لا تذكر السماء الا مرتبطة ومتصلة بالأرض في أكثر من 200 آية. ذلك أن لارهبانية في الإسلام. التصوف هو تقاعد ذهني وجرجرة عقول البشر بعيدا عن التوازن الدنيوي قد تقودهم في نهاية المطاف الى شرعنة الرذيلة كي ينسجموا مع بشريتهم بسبب الضغط الايديولوجي المبالغ فيه الذي هو في النهاية صناعة بشرية بسبب تضخم احتياطات الفرد المتشدد وليس احتياط الدين أو الإسلام. تتعجب في مجتمعنا عندما تسمع أن شابا لا يشاهد التلفاز ولا يذهب الى المطعم ولا الى المتنزه ولا الى البحر أو النادي للترفيه ولا يسافر الى دول ذات طبيعة خلابة ولا يزين مظهره ويمقت الأفلام ولو كانت هادفة ولا يحب النشيد بلا موسيقى، فضلاً عن أن تكون بموسيقى ويكره اللبس الحديث ولو كان بشكل لائق باعتباره تشبهاً بالافرنجية الكافرة وهكذا. هذا حكم بالاعدام والاعمال الشاقة. هناك ضوابط إسلامية، ولكن تجد هناك طبائع متشددة منفرة تخلق عقداً في البشر. نحن بحاجة الى مفكرين كالكواكبي ومحمد عبده ورشيد رضا والأفغاني ومحمد اقبال وعلي شريعتي ومحمد الغزالي لنقوم بتصحيح الفكر الديني وإعادة تحريك المياه الجديدة لنسعد البشرية دنيا وآخرة.

إقرأ أيضا لـ "منى عباس فضل"

العدد 1285 - الإثنين 13 مارس 2006م الموافق 12 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً