العدد 1292 - الإثنين 20 مارس 2006م الموافق 19 صفر 1427هـ

الدور الكردي في العراق هل يفتح العلاقات بين العرب والأكراد؟

فاروق حجي مصطفى comments [at] alwasatnews.com

كاتب سوري

كثيراً ما تردد قبل سقوط النظام العراقي المخلوع، ومن بعده أيضاً، ان الأكراد انفصاليون، وانهم ينتظرون الفرصة ليعلنوا انفصالهم عن العراق، وان إصرارهم على الفيدرالية ما هو إلا بداية لانفصالهم عن العراق، وتحوله إلى دويلات. وقد أثبت الزمن خطأ هذه التصورات، على الأقل حتى اللحظة الراهنة، فكل من الأكراد والشيعة أصروا على النظام الفيدرالي بسبب ما لحق بهم من جور وظلم جراء تسلط نظام مركزي مفرط في مركزيته، ولأن العراق جرب لعقود نظاما مركزيا يهمش دور الفروع والمحافظات، ولم يستفد من شيء غير خلق الانقسامات بين مكونات الشعب الواحد وترسيخ وتكريس ثقافة الطائفة والروح المناطقية على حساب دولة التعايش المشترك.

إن كلامنا هذا ليس عن تاريخ العراق ونظام حكمه، بل عن دور الأطياف العراقية، خصوصاً الكردية منها. وفي ظني ان الأكراد أثبتوا للمراقبين سوء موقف البعثيين والقوميين الأتراك عندما أثبتوا حسن نيتهم في بناء العراق كدولة نموذجية في المنطقة، مرتكزة على نظام ديمقراطي اتحادي، تتمسك فيه الأطراف مع المركز كدوران الدم في الشرايين وعودته إلى القلب، اعتقاداً منهم أنه النظام الذي يتيح للجميع العيش بأمان واستقرار، ولا يشعر أي طرف بأنه مهمش ومقصى، بل انه يرتكز على التفاعل بين مكونات الشعب جميعاً، إذ تتقاسم الخيرات وتتبادل الخبرات. وقد رأى الأكراد أن من مسئوليتهم الأخلاقية والوطنية أن يلعبوا دور التوازن في الطيف العراقي، فوقفوا إلى جانب الشيعة عندما كان الشيعة يعيشون على مفترق الطرق من حيث سياسة الإقصاء والتهميش ضدهم، والآن يقفون إلى جانب السنة لأن هناك من يعمل على تهميشهم إذ يساورهم الآن الشعور بالاقصاء. ومن مسئولية الاكراد، ومن مسئولية العلمانيين والليبراليين أيضاً، أن يلعبوا الآن دوراً متوازناً، سواء على مستوى المشهد الاجتماعي أو السياسي، فالمشهدان يسودهما الانقسام الواضح، وهناك من يلعب لتعزيز الانقسامات.

الدور الكردي يبقى مقبولا إذا أتيح لهم ذلك، لذلك نرى أن الرئيس جلال الطالباني لم يقف إلى جانب السنة أو حتى مع إياد علاوي عندما اعتبرا ان الحوار الاميركي الايراني بشأن العراق تدخلاً في الشئون الداخلية، لأنه يرى من مصلحة العراق التحاور مع من له علاقة بالشأن العراقي الداخلي، حتى يخرج العراق من محنته ويؤدي دوره كدولة وليس ككانتونات متحاربة، يديرها أناس غرباء .

إن ما يفعله الأكراد، وفي مقدمتهم البرزاني والطالباني، يصب في خدمة العراق، كما أرى، وهو ما يمهد لبناء عقد اجتماعي جديد بين العرب والأكراد جميعاً، وهو ما يخلق الاستقرار ويمهد لثقافة التعايش المشترك

إقرأ أيضا لـ "فاروق حجي مصطفى "

العدد 1292 - الإثنين 20 مارس 2006م الموافق 19 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً