العدد 1295 - الخميس 23 مارس 2006م الموافق 22 صفر 1427هـ

الوطن للجميع... وللجميع حق الدفاع عن الوطن

هادي الموسوي hadi.ebrahim [at] alwasatnews.com

رياضة

«السلام هدف الدولة، وسلامة الوطن جزء من سلامة الوطن العربي الكبير، والدفاع عنه واجب مقدس على كل مواطن، وأداء الخدمة العسكرية شرف للمواطنين ينظمه القانون».

فقرة (أ) من المادة 30 دستور مملكة البحرين

مملكة البحرين القائمة على أساس نظام الدولة الحديثة، المشتملة على المناخ الديمقراطي الوليد، المنفتحة على الداخل والخارج بالشكل الذي يجعلها واحدة من أكثر البلدان في هذا الإقليم نيلا للإعجاب بعد أن كانت في العقود الثلاثة الأخيرة من أكثرها تعرضا للنقد من قبل المراقبين الدوليين والخبراء السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، في مجال حقوق الإنسان والانفتاح السياسي. وهي كغيرها من الأنظمة السياسية، لا يمكن أن تبلغ شأو الأداء المرضي لجميع مواطنيها أو المراقبين الموضوعيين في الداخل أو الخارج بشكل مطلق، كما أنها وان عملت على الوصول إلى قمة أدائها السياسي النوعي، فإنها لن تتمكن من المحافظة عليه كأعلى معدل على المؤشر البياني، لأن متطلبات الحراك السياسي الموسوم بالديناميكية وعدم الثبات، تفرضها طبيعة متطلبات اللعبة السياسية التي قلما ينجح فيها الممارسون السياسيون، دونما كبوات أو إخفاقات على صعيد الأداء العملي، وهي من الجدليات التاريخية التي لم تستطع أن تكذبها تجربة على مدى تاريخ الإنسانية.

فالاستحقاقات الوطنية المترتبة على الدولة والأفراد، باتت مجالا للتعاطي والسجال بين الطرفين، بدءا من الحقوق والواجبات السياسية، مرورا بالجانب الاقتصادي وما يرافقه من استحقاقات خدمية وحقوق مدنية، انتهاء بالاستحقاقات الأمنية والدفاعية على مستوى الوطن، في جانبي الأمن الاجتماعي والدفاع العسكري.

قبل عامين تقريبا، وفي ندوة لأحد المحاضرين عقدت في مجلس الشيخ الجمري، عن مشكلة البطالة، أثير إشكال التمييز في التوظيف في أجهزة وزارتي الداخلية والدفاع، وحرمان شريحة كبيرة من أبناء الوطن، من المشاركة في الخدمة العسكرية، لأسباب غير معلنة، وتم طرح مشكلة التوظيف في هاتين الوزارتين، واعتبر النقاش آنذاك، ان فتح باب التوظيف لهذه الشرائح من أبناء الوطن في هذين القطاعين سيساهم في حل جزء من مشكلة البطالة التي يعاني منها جزء كبير من المواطنين. حينها أشرت إلى «أنني اتفق على أن هذا التشخيص يساهم إلى حد ما في حل جزء من مشكلة البطالة، ولكن التشخيص يجب أن يستغرق في المشكلة الوطنية برمتها، والتي تمثل البطالة عنصرا من عناصرها ليس إلا. فبالنظر إلى المشكلة الوطنية الأساس، وبالتفكير الموضوعي، نتمكن من إصابة مكمن الخطأ، ومن ثم التحرك لمعالجة المشكلة الأساسية التي تنقسم إلى قسمين: قسم يخص الجانب المعيشي والوظيفي وربما الحقوقي، وقسم يخص الجانب الوطني والروحي والنفسي والإيماني لدى المواطنين. القسم الاول ذو بعد ذاتي للمشكلة، بينما القسم الثاني ذو بعد موضوعي.

عندما تتعلق المشكلة بالمصلحة المباشرة للمواطن بالذات، (البعد الذاتي للمشكلة)، يتداخل النفع والانتفاع من هذا الامتياز أو ذاك. ومن مقتضيات قيام الدولة بدورها كدولة مؤسسات؛ هو أن تسد باب التمييز والمحاباة لطرف دون طرف، وتغليب نموذج على نموذج، أو شريحة دون غيرها في القضايا المصيرية ذات الطابع الاستراتيجي.

أما عندما تتعلق المشكلة بمصلحة الوطن برمته، ومصلحة المجتمع والامن الوطني وسلامة المجتمع، (أي البعد الموضوعي للمشكلة)، فإن كل مواطن يملك الحق وعليه واجب التمتع بفرصة الدفاع عن وطنه من الخطر الداخلي والخارجي، سواء كان هذا المواطن أبيض أو أسود، فقيراً أو غنياً، من هذه الطائفة أو تلك، واذكر ما شئت من الثنائيات المتقابلة. والاقتصار على إيكال هذه المهمة لفئة دون أخرى، يحرم الصنف المقصي من نيل شرف الشهادة والتمتع بفخر الاستعداد والتضحية بالنفس من أجل الوطن، ما يحرمه من ممارسة دورٍ تاريخي إنساني شرعي، يحلم به كل غيور على وطنه وأمته ودينه.

إن على الدولة أن تنظر لرأس المال البشري في المملكة من خلال صورة أكثر وضوحا وشفافية، مجردا عن الطائفية والمحسوبية والمحاباة، فرأس المال هذا قيمة يجب استثمارها والمراهنة عليها، وصهرها في بوتقة واحدة لتعمل على تشكيلها من خلال الانصهار كقالب اجتماعي واحد، خصوصا إذا وضعنا في حسابنا أن مجتمع البحرين يتميز ببساطة تركيبته الاجتماعية، وتقارب انتماءاته الدينية ووحدة لغته العربية، كما أن امتداده التاريخي واحد، وعاداته وتقاليده إسلامية عربية شرقية، تجمع أهل البحرين على نمط سلوك إنساني إسلامي متجانس.

ففي حالات الرخاء تتمكن الإرادات من تحريك أوراق اللعبة كيفما شاءت، أما في حالات الشدة والمحنة فان الوقائع تضطر هذه الإرادات لتوظيف القدرات الاحتياطية بل والقدرات «غير الكفوءة» في هذا المجال أو ذاك لتغطية النقص والحاجة، ودفع ما لا يندفع إلا بالاستنفار العام، إذ إنه لا توجد خيارات في اللعبة ولا تحرك بوحي الرغبة والتشهي، والخيار الوحيد هو بذل كل ما هو متاح للتأثير في عملية دفع البلاء والخطر.

إذا كان المواطنون متساوين بحسب القانون، في الحقوق والواجبات، فان من مصاديق هذا المبدأ أن يتساوى المواطنون في التسلح بمهارات القتال والدفاع، ودمجهم في صفوف الجنود المدافعين عن الوطن.

إذا كان واقعنا اليوم يسع حال النزاع والاستئثار بهذا الموقع أو ذاك، ويتحمل حال التجاذب في السيطرة على هذه المسئولية دون تلك، فان ما قد يحدق بوطننا وشعبنا بل وإقليمنا كله بلا سابق إنذار، لا يسعه أي ترقيع للخطأ، ولا تسعه خطط الاستدراك الطارئ ولا محاولات لملمة تداعيات «الواقع الغلط».

وإذا كانت استراتيجية وإملاءات ووقائع سياسة الأمس، فرضت هذا المكون المترهل والمفضي إلى إقصاء طائفة بأكملها عن هذين القطاعين الاستراتيجيين؛ فان سياسة اليوم واستحقاقاتها تشير إلى أن الوطن وأحد والشعب واحد والمسئولية واحدة والمصير واحد. فلماذا تبقى سياسة الأمس تلقي بظلالها على سياسة اليوم؟

ما نركز عليه هو الجانب الموضوعي للمشكلة، أي استثمار رأس المال البشري من خلال تفعيل الفقرة (أ) من المادة 30 من الدستور «السلام هدف الدولة، وسلامة الوطن جزء من سلامة الوطن العربي الكبير، والدفاع عنه واجب مقدس على كل مواطن، وأداء الخدمة العسكرية شرف للمواطنين ينظمه القانون». فهل القانون الذي ينظم أداء الخدمة العسكرية ينطوي على ما لا يخطر على بال ولا يختلج في قلب بشر؟

كاتب بحريني

إقرأ أيضا لـ "هادي الموسوي"

العدد 1295 - الخميس 23 مارس 2006م الموافق 22 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً