العدد 1299 - الإثنين 27 مارس 2006م الموافق 26 صفر 1427هـ

خصخصة أم رهن مصائر العباد لرأس المال الأجنبي؟

عباس هاشم Abbas.Hashim [at] alwasatnews.com

في العام 1990 عندما غزا طاغية العراق صدام حسين دولة الكويت، أحس الكثير من الأجانب بالخطر الذي يحدق بهم، فبادر الكثير من هؤلاء من ذوي الكفاءة من فنيين وغيرهم بحزم أمتعتهم، واستقالوا من وظائفهم ليغادروا غير آسفين على الرواتب العالية التي يتقاضونها. الكثير من الوحدات الدولية (بنوك الإفشور) إما غادرت، وإما قلصت نشاطها إلى أدنى حد معتمدة على بعض المواطنين لتسيير أعمالها بتوجيه من مراكزها في الخارج. إحدى الشركات الوطنية لحسن حظها أنها بدأت منذ الثمانينات في بحرنة الوظائف بجد، وهذا حال دون توقف العمل في هذه الشركة الحيوية المهمة، إذ تركها في هذا الظرف الكثير ممن تبقى من الأجانب.

وإذا كانت هذه الأنشطة يمكن الصبر على اختفائها لفترة، غير أن ما تقوم به الحكومة هذه الأيام خلاف ذلك، ولم تعتبر من مثل هذه الحوادث عندما تضع مصائر العباد في أيد أجنبية فيما يتعلق بخدمات الكهرباء والماء... كيف؟ لقد قامت الحكومة وتحت دعاوى الخصخصة ببيع محطة الحد التي تعد أفضل محطة لتوليد الكهرباء والماء لثلاث شركات أجنبية، ولم تكتف الحكومة وهي في طور تجربة التحول نحو اقتصاد السوق بخصخصة من نوع آخر، كبيع المحطة على شكل أسهم للاكتتاب في البورصة، أو خصخصة إدارة المحطة فقط، أو تحويل العاملين فيها إلى مساهمين كما فعلت بريطانيا حين باعت 82 في المئة من أسهم مؤسسة فريت الوطنية للعمال أنفسهم، بل باعت محطة الحد كأصول بحرينية بكاملها وبمعداتها لهذه الشركات.

وتواردت أخبار عن تقديم إغراءات مالية إلى الموظفين البحرينيين كي يستقيلوا، ويتم بعد ذلك استجلاب موظفين أجانب لتشغيل المحطة، لأن هذه الشركات غير ملزمة بتوظيف المواطنين، وغير ملزمة بسقف معين للرواتب، وإحلال موظفين أجانب برواتب زهيدة أمر ضروري حتى تتمكن هذه الشركات من تقديم نفس الخدمات إلى الموطنين بالتسعيرة الحالية نفسها المدعومة من الحكومة، هذا الدعم الذي سيرتفع مع (تسليم الجمل بما حمل) إلى الأجانب.

وتحت عنوان خصخصة المواطنين، يقول رئيس نقابة الكهرباء سيدهاشم الموسوي، انه: «تم السماح لعدد من الشركات غير الوطنية ومستثمرين خليجيين ببناء محطة العزل التي تقع جنوبي محطة الحد لإنتاج الكهرباء والماء...» «هذه المحطة لا يوجد بين العاملين فيها بحرينيون، وإذا وجد البعض فإنهم لا يتعدون أصابع اليد».

ومع أن هناك الكثير من الأسئلة المهمة والخطيرة التي تحتاج إلى إجابة سنتركها لمقال أوسع، إلا أن السؤال المهم في هذا السياق، هو: ماذا لو أضرب هؤلاء العمال الأجانب مستقبلا أو هربوا نتيجة ظرف مفاجئ مشابه لحرب تحرير الكويت؟ ثم من أذن للحكومة بذلك كله، وهل البرلمان على علم بكل ما يحدث؟

إقرأ أيضا لـ "عباس هاشم"

العدد 1299 - الإثنين 27 مارس 2006م الموافق 26 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً