العدد 1301 - الأربعاء 29 مارس 2006م الموافق 28 صفر 1427هـ

آثار لابد من مواجهتها

علياء علي alya.ali [at] alwasatnews.com

أظهرت إحصاءات حديثة أن العمالة الأجنبية بدول مجلس التعاون الخليجي لاتزال في تزايد مستمر خلال السنوات الماضية، إذ تقدر بنحو 11 مليون عامل، وتتراوح نسبتها في بعض دول الخليج ما بين 60 إلى 80 في المئة من إجمالي قوة العمل، كما تظهر هذه الإحصاءات التزايد الحاد في حجم التحويلات المالية للعمالة الاجنبية التي تخرج من دول المجلس سنوياً، إذ قفزت خلال الأعوام من 1999 - 2004 من 15,3 مليار دولار إلى 28 مليار دولار وفقا للاحصاءات الرسمية، إلا أن هذا الرقم سيرتفع يشكل أكبر إذا ما أخذ في الاعتبار التحويلات التي تتم مباشرة من دون أن تمر بأي من القنوات الرسمية، ما يشكل استنزافاً دائماً لموارد التنمية بدول المجلس.

ولا شك أن أحد أسباب زيادة اعداد العمالة الأجنبية في معظم دول الخليج هو عزوف العمالة الوطنية عن العمل في بعض المهن، كما أن هذه العمالة تفضل العمل في المجال الإداري والدوائر الحكومية في حين أن العمالة الوافدة تقبل العمل في أعمال النظافة والخدمات ومنشآت القطاع الخاص كتجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق والبناء والتشييد والنقل والصيد والأمن والحراسة، كما أن بعض الدول الآسيوية كثيفة السكان تشجع رعاياها على الهجرة لدول الخليج، لأن مدخراتهم وتحويلاتهم تعتبر مصدراً مهماً وحيوياً من مصادر الدخل القومي لهذه الدول، بالإضافة إلى زيادة عمليات التسرب والوجود غير الشرعي للعمالة الآسيوية داخل اسواق العمل الخليجية واستمرار وجود أعداد كبيرة من العمال الآسيويين داخل أسواق العمل على رغم انتهاء المشروعات التي كانوا يعملون لديها.

إن زيادة الاعتماد على العمالة الوافدة له الكثير من الآثار السلبية على جميع مناحي الحياة في دول الخليج العربي، فالآثار السلبية في المجال الاقتصادي تشمل تضخم الموازنات المخصصة للانفاق الحكومي على الخدمات مثل الصحة والتعليم والأمن والاسكان والمواصلات والمياه والكهرباء، إذ تستفيد العمالة الوافدة أكثر من المواطنين انفسهم.

كما أدت انماط الاستهلاك المتنوعة للعمالة الوافدة إلى زيادة عدد المنشآت التي تلبي احتياجاتها وبالتالي تضاعف اعداد العمال الوافدين للعمل في هذه المنشآت وتترتب على زيادة اعدادهم إلى عجز الميزان التجاري للدول الخليجية المستقبلة للعمالة بسبب التوسع في عمليات الاستيراد من الخارج، بالإضافة إلى زيادة حصص التحويلات النقدية من الدول الخليجية إلى البلدان الآسيوية المصدرة للعمالة التي تمثل استنزافاً مستمراً للموارد الاقتصادية التي كان يمكن إعادة استثمارها لو أنها كانت تذهب إلى دول عربية أخرى، كما تسببت زيادة اعداد العمال الوافدين إلى انتشار البطالة بينهم وخاصة اذا كان استقدامهم يتم على شركات وهمية دون وجود حاجة فعلية لهم او استمرار وجودهم داخل سوق العمل بعد انتهاء تعاقداتهم ولجوئهم إلى بعض الأعمال الهامشية.

أما الآثار السلبية للعمالة الأجنبية في المجال الاجتماعي فإنها تتضمن انخفاض نسبة السكان الوطنيين إلى نسبة الحجم الكلي للسكان داخل الدولة ما يؤثر على هوية المواطنين الأصليين

إن جميع هذه الآثار بحاجة إلى رؤية جدية ومنهجية تأخذ بالاعتبار الحاجة الحقيقية - وليس القائمة على المتاجرة في العمالة الرخيصة - مع التعامل مع هذه الآثار بما يحافظ على مصالح المجتمعات الخليجية اقتصادياً واجتماعياً وحضارياً

إقرأ أيضا لـ "علياء علي"

العدد 1301 - الأربعاء 29 مارس 2006م الموافق 28 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً