العدد 1306 - الإثنين 03 أبريل 2006م الموافق 04 ربيع الاول 1427هـ

العوائد النفطية وهيكلة سوق العمل

علياء علي alya.ali [at] alwasatnews.com

تحظى سوق العمل باهتمام متزايد من قبل الأجهزة التخطيطية والتنفيذية المعنية بالنظر للمتغيرات الاقليمية والعالمية المتسارعة التي ستحدث من دون شك تغيرات نوعية وكمية هائلة في أنماط وهياكل ومهارات العمل في كل المجالات سواء الادارية او الفنية او اليدوية. لذلك لابد لهذه الأجهزة من التعاون مع القطاع الخاص - طبعا - لزيادة استثماراتها في برامج التنمية البشرية. وكون هذه الزيادة ترتبط بدورها بزيادة الايرادات الحكومية التي تتأثر بدورها بأسعار النفط، فلابد من محاولة القاء نظرة على واقع سوق العمل من خلال تطورات اسواق النفط، وهذا ما يسعى بعض المحللون في كلا القطاعين النظر اليه حديثاً من خلال الكثير من الدراسات والبحوث.

وابتداء، يعتقد الكثير من المحللين لدى تطرقهم إلى الواقع الراهن لسوق العمل أن هذه الأسواق لا تعاني من غياب الوظائف بل يمكن القول انها تعاني من سوء تنظيم العمالة. ولا يمكن لهذه المشكلة ان تحل من دون اتخاذ الخطوات اللازمة لاحلال العمالة الوطنية بدول العمالة الأجنبية. إن عملية الاحلال يجب ان تكون مدروسة ويتم تنفيذها ضمن استراتيجية واضحة ومحددة تأخذ في الحسبان الوظائف التي يستطيع ابناء وبنات البلاد ملأها حالياً وما يمكن ان تملأ في السنوات المقبلة مع اعتبار القوى العاملة التي ستضاف إلى سوق العمل في السنوات العشرين الآتية. أما ترك الامور على حالها من دون اتخاذ الخطوات الجريئة الضرورية سيفاقم مشكلة البطالة القائمة والناتجة عن سوء التنظيم. إن ما تتداوله وسائل الاعلام في الفترة الاخيرة بخصوص قيام دول الخليج بدراسة امكان فتح التوظيف للمواطن الخليجي في جميع دول الخليج يمثل خطوة ايجابية في الاتجاه الصحيح ولكن هذا لا يغني عن قيام كل دولة خليجية متفردة باتخاذ اجراءات مماثلة لتنظيم العمالة واشراك العامل الوطني في بناء الوطن. وهذا من دوره يتطلب نظاما مرنا يتماشى والمقاييس العالمية المتعلقة بطرق التدريس التي تساعد على الابتكار وتبتعد عن انظمة ومناهج الحفظ التي تتعامل في زمن لا يمت بأية صلة بالواقع المعاش وبالتأكيد بعيد كل البعد عن متطلبات المستقبل. أن على القائمين على انظمة التعليم في دول الخليج أخذ متطلبات التنمية المستقبلية في الحسبان وتوجيه التعليم واساليبه بما يستجد مستقبلا من تكنولوجيا متقدمة تتغير بصورة كبيرة وبسرعة تبلغ سرعتها بعض الأحيان حدا غير معقول.

وبالنظر للوفورات النفطية الحالية بسبب الارتفاع الجيد لأسعار النفط، يمكن القول بصورة عامة ان هناك فرصة ذهبية متاحة لدول الخليج في السنوات القليلة المقبلة لاستخدام جزء من هذه الوفورات في إعادة هيكلة أسواق العمل والتسريع ببرامج إحلال العمالة الوطنية محل العمالة الأجنبية بأقل الخسائر والكلف الاجتماعية والاقتصادية الممكنة.

ومثلما يمكن توجيه المداخيل المترتبة عن الزيادة في مشروعات استثمارية عالمية أو محلية يكون لها مردود جيد على بلدان الخليج، فإنه من الواجب توجيه جزء من هذه الأموال لتعليم وتدريب الإنسان الخليجي في مشروعات تعليمية وتدريبية كبيرة يكون لها مردود على زيادة كفاءة العاملية. ان العولمة وقوانين التجارة العالمية ستفرض اساليب تنافسية تفقد فيها بحق الميزة التنافسية التي كانت تتمتع بها. لذلك، فإن على هذه الدول إيجاد المناخ الملائم لحسن استخدام مواردها، وفي المقدمة منها الاستثمار في التنمية البشرية ووضع البرامج التأهيلية التي ترفع من الكفاءة المهنية للمواطنين وتحسين الظروف المهنية لعشرات الآلاف من الوظائف الصغيرة والمتوسطة التي يقتصر شغلها حاليا على العمالة الأجنبية لتشجيع العمالة الوطنية للإقبال عليها، علاوة على تشييد معاهد التدريب المهني والتقني ذات الجودة العالية التي تلبي الاحتياجات المتنامية لمختلف الأنشطة والقطاعات الاقتصادية النامية

إقرأ أيضا لـ "علياء علي"

العدد 1306 - الإثنين 03 أبريل 2006م الموافق 04 ربيع الاول 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً