العدد 1308 - الأربعاء 05 أبريل 2006م الموافق 06 ربيع الاول 1427هـ

خصخصة لتنمية الاقتصاد أم لتنمية التخلف؟

عباس هاشم Abbas.Hashim [at] alwasatnews.com

ما تقوم به الحكومة حاليا بعيدا عن الضجيج وفي غفلة من الناس، يثير الكثير من المخاوف ذات الحجم الكبير جدا. فالحكومة تقوم بخصخصة بعض القطاعات، إما بالاكتفاء بإيكال إدارتها فقط، كما حدث للموانئ بعقد لمدة 25 سنة مع شركة موللر الدنماركية، أو ببيع بعض المنشآت الحيوية بكامل أصولها، كالذي حدث لمحطة الحد. من أول المصائب التي يحدثها هذا الإجراء، إبعاد المواطنين نهائيا عن تسنم وظائف تحتاج لتقنية عالية، حاليا ومستقبلا، أما حاليا، فيتم ذلك عن طريق إحالة المئات من الأيدي العاملة البحرينية ذات الكفاءة العالية على التقاعد المبكر في المنشآت المستهدفة. وإما مستقبلا، لأن هذه الشركات الأجنبية التي بيعت عليها، ستجلب أيدي عاملة مرتفعة الكفاءة وذات دخل ضئيل يستحيل على البحريني منافستها. وفي التخلص من هؤلاء الكفوئين دليل على أن مشكلة العاطلين عن العمل لا تكمن في الكفاءة بقدر ما تكمن في اختلال هيكلي قد أصاب علاقات العمل في مقتل، ستعمل الخصخصة الحالية على تعميقه بشداة. بعض هؤلاء يقبلون بالبقاء في العمل مع الشركة الجديدة برواتب متدنية وهم فرحون، فلنفترض أن أحدهم راتبه ألف دينار من الفنيين المهرة الذين قضوا 25 عاما في العمل، هذا الموظف يقبل بالراتب الجديد الذي لا يزيد على 350 ديناراً... لماذا؟ لأن دخله بعد الخصخصة قد يفوق أو يتساوى مع دخله قبل ذلك... كيف؟

المسألة باختصار: تشتري له الحكومة خمس سنوات من صندوق التقاعد، ويمنحه الصندوق خمس سنوات لإلغاء الوظيفة، فيصبح مجموع السنوات التي قضاها في العمل 35 سنة بدل 25، وبدل أن يحصل على معاش تقاعدي قد لا يزيد على 40 في المئة من راتبه، يحصل الآن على 70 في المئة من الراتب بسبب السنوات العشر الجديدة، وفي هذا مأساة أخرى تضاف لمأساة الإفلاس الاكتواري الذي يعاني منه صندوق التقاعد على يد هذه الخصخصة. كذلك يتم صرف مبالغ راتب عن كل سنة لمن تم إحالته على التقاعد من هؤلاء (سواء قبل بالراتب الجديد مع الشركة الجديدة أم استقال)، وصاحبنا محل المثال الآنف الذكر سيحصل على 35 ألف دينار.

بعد كل هذه المميزات للموظف، لكم الحق بطرح السؤال الآتي: وما المشكلة إذاً؟ المشكلة أن هذه المنشآت الحيوية ذات الوظائف التقنية العالية لن يقبل بالعمل فيها مواطن فيما بعد، لأن الراتب الذي يناله الحاليون راتب متدن جدا، وقبلوا به بسبب أنهم يحصلون على 70 في المئة من الراتب القديم من صندوق التقاعد، إضافة للمنحة المالية العالية، وهذا طبعاً ما لن يتكرر للجيل المقبل. فأية تنمية هذه التي تتحدث عنها الحكومة الموقرة عندما يستبعد المواطن من تسنم الوظائف الفنية بعد أن استبعدته سياسة التمييز من الوظائف العليا، أليست تنمية للتخلف؟

إقرأ أيضا لـ "عباس هاشم"

العدد 1308 - الأربعاء 05 أبريل 2006م الموافق 06 ربيع الاول 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً