العدد 1320 - الإثنين 17 أبريل 2006م الموافق 18 ربيع الاول 1427هـ

للمنصفين فقط

مجيد ميلاد comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

الزلة التي تورط بها الرئيس المصري تحتاج إلى تأمل لأنها مرتبطة بالعقلية السائدة في بلدنا وبإصرار وترصد من بعض الصحافيين، ممن يثيرون تلك النعرة فيضحك الناس عليه أكثر مما يؤخذ على محمل الجد وإن كان نائباً. أتصور أن حديث الرئيس المصري ليس عابراً ولم يفلح تبرير السفير المصري بأن شيعة البحرين ليسوا معنيين. ولست أرغب في اقتفاء أسباب تبني العقلية الرسمية لمثل هذه الأفكار، لأنها مهما تحمل من أسباب لا يمكن على الإطلاق أن ترمي تهمة الخيانة بعواهنها على طائفة تحمل في مذهبها أرقى معاني الولاء للأرض الإسلامية التي يسكنونها، ويدافعون عن أوطانهم بأرواحهم، وإلا ما الذي يجبرهم على البقاء مع ما يرون من ظلم نقيع واضطهاد فظيع، يلعب بهم الفقر ويتلقفهم القهر؟ إن كل إنسان مسلماً كان أو كافراً يحن لموطنه، من من الشيعة يسافر ويتمنى ألا يرجع إلى وطنه البحرين؟!

أعلم قطعاً أن المتهمين للشيعة بعدم الولاء لا يصدقون أنفسهم وما هي إلا لعبة سياسية خبيثة. فكيف لا يملك البحريني الأصيل ولاء لأرضه بينما اختلط دم المتجنس حديثاً بولاء البحرين، فهو المخلص الوحيد للبلد، وهو الذي امتلأ قلبه حباً للوطن في ليلة وضحاها، لو تسأله عن مناطق البحرين وأسمائها لما عد لك خمس مناطق بأسمائها الصحيحة، بالله عليكم أيها السادة هذا يحمل ولاء وذاك الشيعي لا يملك ما تملكه بعض الطيور من حب لأعشاشها وبعض الحيوانات لمساكنها.

الولاء أو (التقليد الفقهي) للفقيه خارج حدود البحرين سبب رئيسي لفقد الشيعة ولاءهم لأوطانهم، مع العلم أن الشيعة لا يمنعهم تقليد الفقيه أياً كان موطنه فهم لا يطلبون جنسية. ولم يكن يشك أحد في ولاء الشيعة قبل الثورة في إيران، لاسيما عندما صوتوا لصالح الحكم العربي في البحرين، وما تفسير ذهاب الأمير الراحل (رحمه الله تعالى) للسيد الحكيم آنذاك، وكان المرجع الأعلى للشيعة، أقولها صريحة وبملء الفم: لا يمكن للشيعة في أية بقعة كانوا أن يخنقوا حبهم للمرجع الأعلى، أياً كان موطنه، يقوم مقام الإمام المعصوم، والتقليد عند الشيعة ليس وليد الثورة الإيرانية، وللعلم أن أكثر الشيعة في البحرين اتجهوا في تقليدهم بعد السيد الخوئي إلى السيد السيستاني (أدامه الله تعالى)، وبما أن السيد السيستاني تدخل في السياسة، ما قد يسبب تحول ولاء الشيعة من إيران إلى العراق! فهذه التهمة جاهزة بعلبتها فائقة التعليب.

عندما نقول إن الشيعة يقلدون مرجعهم الأعلى نعني أنهم يتبعونه في أمر دينهم ودنياهم، وليسوا خونة سافكي دماء لا يهمهم دم المسلم وعرضه وماله، ولا يعني أنهم أهملوا أوطانهم، ولا يعني أن مساحة الاختيار ضاقت عليهم، والمرجع الأعلى يحدد الحكم الشرعي وعلى المكلف أن يدرّس واقعه الموضوعي، ولو أصبح التقليد يدل على عدم الولاء للوطن لكان الشيعة أيدي سبأ.

المسلمون اليوم في العالم عندما يأخذون دينهم من الشيخ القرضاوي أو سيد طنطاوي أو علي جمعة أو عبدالعزيز بن باز، هل هم لا يحملون ولاء لأوطانهم؟ وهل يقبل هذا الكلام شخص منصف؟

من المفترض أن يحكم الإنسان عقله في اصدار الأحكام وتوزيع التهم، إلى أين يريد اخوتنا في الدين أن يصلوا، إلى إخراج الشيعة من البلد وتصبح أصولهم إيرانية؟ أم ضاق الوطن بوجود الشيعة الذي ثبت سمو عقلياتهم ونقاوة دينهم وصفاء إيمانهم، وظهر عياناً حرصهم الشديد على مصلحة الوطن والمواطن أي مواطن؟ والله إنها لزفرةٌ وحسرةٌ أن يكتب أحدنا مدللاً على ولائه لوطنه الحبيب البحرين

إقرأ أيضا لـ "مجيد ميلاد"

العدد 1320 - الإثنين 17 أبريل 2006م الموافق 18 ربيع الاول 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً