العدد 1380 - الجمعة 16 يونيو 2006م الموافق 19 جمادى الأولى 1427هـ

أين تذهب أموال عمليات الخطف في العراق؟

فاضل البدري comments [at] alwasatnews.com
فاضل البدري

كثيرة هي مصادر التمويل المالي التي تعتمد عليها الجماعات المسلحة في العراق لتمويل عملياتها التي تكلف  

فمحطة تلفزيون «ايهاردي» الالمانية قالت في السادس من مايو/ أيار الماضي نقلاً عن مصار أمنية إن الحكومة الألمانية دفعت أكثر من عشرة ملايين دولار فدية لتحرير رجلين خطفا في العراق واحتجزا لمدة 99 يوماً، كما ذكرت مجلة «دير شبيغل» الألمانية أنه تم دفع فدية من أجل إعادة المهندسين إلى ألمانيا بعد دفع فدية زادت عدة ملايين من الدولارات عن المبلغ الذي دفع من أجل الإفراج عن الألمانية «سوزانا اوستهوف» التي احتجزت في العراق العام الماضي.

وعلى رغم اعترافنا بحق ألمانيا وغيرها من الدول بالعمل على تأمين سلامة مواطنيها في مثل هذه الحالات، فإن هذا الحق يجب أن يكون وفق قواعد الأخلاق الإنسانية والمواثيق الدولية التي لا تبرر مثل هذه الصفقات تحت أية ذريعة كانت، وعدم الخضوع لابتزاز جهات مجرمة. لذلك، من حق العراقيين أن يسألوا كل الدول التي دفعت فدية لإطلاق سراح مواطنيها: كم دفعت؟ ولمن دفعت؟ وأين ذهبت هذه الأموال؟ وأين استخدمت؟ ومن كان الوسيط؟ وغيرها من الأسئلة الأخرى التي مازالت بحاجة إلى أجوبة حقيقية تكشف جانباً من المستور.

أعتقد أن الإجابة على هذه الأسئلة ليست صعبة كثيراً، وخصوصاً إذا القينا نظرة خاطفة على الجهات التي كانت تقوم بعملية الاختطاف والأشرطة التي كانت تبثها وما تحتويه من مطالب ولغة لا تحتمل التأويل. فهذه الأموال لم تذهب لبناء جامع أو كنيسة أو مدرسة لرياض الأطفال أو حديقة أو ملعب لكرة القدم، بل ذهبت لشراء سيارات مفخخة انفجرت وسط أسواق شعبية في هذه المدينة العراقية أو تلك، أو عبوة ناسفة زرعت في محطة للحافلات، وربما دفعت أجورا للعصابات أو فرق الموت لتغتال الأبرياء وهم في طريقهم إلى أعمالهم، من دون أن تميز بين شيعي وسني، أو بين كردي وعربي، أو بين رجل وامرأة وطفل وشيخ.

لذلك لم تعد التصريحات التي تصدر عن هذه الدولة أو تلك، والتي تتحدث عن الحرص على وحدة وسيادة العراق، تنطلي على أحد، طالما استمرت المؤامرة على العراق، واستمر سيل هذه الأموال تحت يافطة فدية أو تبرعات إنسانية أو أي مسمى آخر، ليستمر معه سقوط عشرات العراقيين الأبرياء يوميا بين شهيد وجريح.

الطريق إلى مساعدة العراق قولاً وفعلاً لمن يريد، لا يمر عبر عقد الصفقات المشبوهة في الغرف المظلمة، بل من خلال تجفيف مصادر هذه الأموال التي تتدفق على العراق من الشرق والغرب، كما أن تتبع مصادر هذه الأموال ليس بالمهمة المستحيلة فيما لو توافرت النية الحسنة عند بعض الأطراف، وخصوصاً تلك التي تمر من خلالها. على هذه الدول ألا تنسى ما حصل في أفغانستان، وأن تعي الدرس جيدا حين كانت هذه الأموال نفسها تتدفق على ذلك البلد، وماذا كانت النتيجة... فالمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين؟

إقرأ أيضا لـ "فاضل البدري"

العدد 1380 - الجمعة 16 يونيو 2006م الموافق 19 جمادى الأولى 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً