العدد 1381 - السبت 17 يونيو 2006م الموافق 20 جمادى الأولى 1427هـ

على ضوء موازنة ... الخدمات الصحية في تدهور وتحتاج لمزيد من الإنفاق

عباس هاشم Abbas.Hashim [at] alwasatnews.com

هناك مفارقة عجيبة تميز بعض البلدان النامية عن البلدان المتقدمة وتثير استغراب الباحثين، إذ ترتفع نسبة النفقات على القطاع العسكري والتسلح من إجمالي الناتج القومي لبعض الدول النامية مقارنة مع الدول المتقدمة، وضآلة هذه النسبة في مجالات مهمة كالصحة مثلاً، مع إنها أحوج ما تكون لصرف مزيد من المال على هذا القطاع المهم. ففي ذلك وقاية مبكرة تحول دون استنزاف الدولة لموازنتها فيما بعد على مقاومة مرض وبائي قد استفحل نتيجة الإهمال الأولي، أو إنفاق مبالغ طائلة على مريض بالسرطان وصل مراحله النهائية بسبب قلة العناية المبكرة من قبل المركز الصحي، كما يحدث كثيرا من الأحيان في بلدنا البحرين، وفي الوقت نفسه تتعطل طاقة مريض خبير وماهر عن العطاء والمساهمة في جهود التنمية الاقتصادية... وقديما قيل «درهم وقاية خير من دينار علاج».

ومملكة البحرين، مع أنها تصنف من الدول ذات التنمية المرتفعة، إلا أنها لم تخرج عن كونها دولة نامية تنطبق عليها الظاهرة الأنفة الذكر، ومثال على ذلك، وبحسب تقرير التنمية البشرية للعام الصادر عن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، يبلغ الإنفاق العسكري , في المئة من إجمالي الناتج المحلي، في العام . في الوقت ذاته فإن الإنفاق العسكري في اليابان لا يشكل أكثر من في المئة من إجمالي الناتج المحلي، وتبلغ النسبة في المئة بالنسبة للنرويج الحائزة على المرتبة الأولى في التنمية البشرية. وبحسب المصدر السابق، فإن الإنفاق العام على الصحة في اليابان العام هو , في المئة من إجمالي الناتج المحلي، وفي النرويج في المئة، وفي فرنسا , في المئة، وألمانيا , في المئة، أما مملكة البحرين فإنه , في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وفي موازنة العام ، طلبت وزارة الصحة مبلغا قدره مليون دينار، غير أن المبلغ المرصود هو مليون دينار، ربما لا يزيد عن , في المئة من إجمالي الدخل المحلي، هذا مع معرفة الكل بمدى تراجع الخدمات الصحية في السنوات الأخيرة، خصوصا مع تزايد السكان بشكل سريع فوق المعدل الطبيعي بمرات.

وإذا كانت العناية بالأمومة وصحة الطفل جيدة في بلدنا، فإن الخدمات الصحية الأخرى خلاف ذلك، فالمريض الذي تستدعي حالته تحويله على السلمانية من قبل المركز الصحي، يحتاج ربما أشهر حتى يحظى بمعاينة الاستشاري، فكيف يصبر كل هذه الشهور من لا يكاد يمشي من ألم انزلاق غضروفي (ديسك) في الظهر على سبيل المثال؟ فوق ذلك كله، وبعد عناء شديد وانتظار قد يطيل المقام في مركز السلمانية حتى الظهر، يأتي الفرج، فإذا هو طبيب مساعد للاستشاري الذي تم تحويلك إليه، ولن تنال من وقته في أحسن الأحوال أكثر من - دقيقة نتيجة كثرة المترددين من المرضى، أما الاستشاري فمن الممكن رؤيته ولكن بعد الدوام الرسمي. وكم من مريض عجز المركز الصحي عن كشف حالته مبكراً، وفي نهاية المطاف إلى أن يلاقي أجله المحتوم، يمكث طويلا في مركز السلمانية الصحي ما يقود لهدر أموال طائلة نتيجة قصور في العناية المبكرة.

هذه نماذج للخدمات الصحية المتعبة في مستشفيات الدولة، والتي لا يشعر بها إلا ذوو الدخل المحدود أو بالأحرى المعدوم، ما يستدعي من الحكومة إعادة النظر في ضخ مزيد من المال على هذا الجانب، ففي ذلك استثمار مستقبلي يسهم في إنجاح جهود التنمية

إقرأ أيضا لـ "عباس هاشم"

العدد 1381 - السبت 17 يونيو 2006م الموافق 20 جمادى الأولى 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً