العدد 1391 - الثلثاء 27 يونيو 2006م الموافق 30 جمادى الأولى 1427هـ

إطلالة على مؤتمرات البيئة ومفاخر شباب البحرين

خولة المهندي comments [at] alwasatnews.com

رئيسة جمعية اصدقاء البيئة

كثيراً ما تتكشف للإنسان عند حضوره مؤتمرات تتعلق بالعمل البيئي في الخارج المعاناة التي تقاسي منها برامج العمل المشابه في البحرين - خصوصاً العمل في مجال الدفاع عن البيئات والثروات الطبيعية، كونه عملا تطوعياً صرفاً وشاقاً جداً يمثل العاملون فيه جميع قطاعات المجتمع البحريني كباره وصغاره، نساءه وأطفاله، يكرسون من وقتهم الثمين دون انتظار مقابل أو دعم رسمي، في الوقت الذي تنكب فيها المساعدات الرسمية في البلاد الأخرى على جمعيات تبحث عن أعضاء.

سأقرأ معكم اليوم بعض الخلاصات والملاحظات التي دونتها خلال المؤتمرات الأربعة الأخيرة التي حضرتها، فهي حصيلة استماع ونقاش مع العاملين في البيئة ولأجلها، بطول وعرض الوطن العربي وأقاليم أخرى كذلك.

الملاحظة الأولى: كم هي محظوظة بنا بحريننا الغالية! لدينا في البحرين عمل تطوعي خالص لأجل البيئة، ولدينا شباب ونساء وشيوخ وأطفال يهبون من وقتهم وجهدهم ومالهم أيضاً لأجل حماية بيئة البحرين ولا ينتظرون أي مقابل. فمن الوقائع التي صعب على كثيرين استيعابها حقيقة أن العاملين في «جمعية أصدقاء البيئة» متطوعون بل إن معظم المؤتمرات التي نحضرها ندفع قيمة تذاكرها من مالنا الخاص. حضرنا مؤتمراً بيئياً دولياً في المغرب على سبيل المثال بسبعة من أعضاء الجمعية إذ تولينا معظم المهمات التنظيمية لذلك المؤتمر، بما فيها وضع جداوله وعمل استمارات تقييمية وتوزيعها وجمعها وتحليلها وتعديل خطة المؤتمر بناء على نتائجها اليومية.

وكان من بين الحضور طفلان شاركاني في تقديم ورقة الجمعية الرئيسية في ذلك المؤتمر: «دور التوعية في حل مشكلة إدارة النفايات». الأمر الذي صعب على الكثيرين تصديقه أن جميع من حضر باسم جمعية أصدقاء البيئة تحمل بنفسه كلف سفره كاملة، لأن الجمعية بالكاد تستطيع دفع إيجار مقرها وتغطية الكلف الأساسية لبقائها.

دموع بني جمرة وصحوة المحرق

سمعنا جمعيات وجمعيات تعزو قلة إنتاجها أو عجزها عن تنفيذ أية مشروعات جادة إلى عدم وجود مقر أو فقر الموارد، وكنا دائماً ننظر بفخر إلى جمعيتنا التي حققت في زمن قياسي ما يحق للبحرين أن تفخر به من إنجازات وبأقل موارد مالية ممكنة. عندما رأينا مسرحيات بيئية صفق لها الجميع تذكرت مسرحية «لنا كلنا» وأستاذنا المناضل في سبيل الكلمة والمعنى منذ كنا ندرس في المدارس يوسف الحمدان ومن معه من شبان وشابات، وكيف أن تلك المسرحية غلبت الخير على الشر، وحاربت الكره بالحب، وجعلت الغرس والإصلاح أساسا للتوبة وتغيير السلوك في أسلوب قريب من الأطفال أدخلهم إلى المسرحية وجعلهم جزءا منها يشاركون أبطالها: فلة والورود الأخرى.

وتذكرت حب أهل بني جمرة لنخلهم ومزارعهم ودموع شيوخهم على النخل القتيل واعتزاز أهل بوري (أكبر قرية زراعية في البحرين) بأرضهم ومهرجاناتهم ومسابقاتهم الرمضانية للتعريف بالتراث الزراعي والتحفيز على البحث والثقافة (ولنا عودة خاصة مع بوري العزيزة على قلبي).

وتذكرت الوقفات المشرفة لأهالي المناطق الساحلية دفاعا عن سواحلهم وبالذات نساء سترة وساحل امهزة وأهالي المعامير وباربار والمالكية والصحوة الأخيرة لدى أهالي المحرق في السعي لحماية المتبقي من سواحل البحرين الغالية التي منها أبحرت بوانيش الغوص لتخرج للعالم أجود أنواع اللآلئ التي يعتقد أن أهل البحرين عرفوها وبنوا منها حضاراتهم العريقة منذ العهد الديلموني.

كم هي طيبة وعظيمة البحرين بأبنائها ممن يعملون لأجلها دون انتظار مقابل، لأنها البحرين ولأنهم كسمك خليجها لا يستطيعون العيش طويلا خارجها.

تجاربنا وتجاربهم

تجارب الدول الأخرى التي أعجبتنا في المعارض المصاحبة للمؤتمرات والتي وقفنا عندها من خلال الأوراق المقدمة كانت دائما تصنع بداخلي ضجيجا موجعا: لدينا في البحرين تجارب إن لم تكن بمستواها فليست بأقل منها، والأهم أن تجاربنا على يد متطوعين بالدرجة الأولى (والأخيرة أيضاً في أوقات كثيرة). لماذا لا تظهر تجاربنا للعيان؟ لماذا تحرم البحرين من الفخر بإنجازات حقيقية لأبنائها؟ لماذا عندما نقرأ في المجلدات ما قدمته البحرين (ممثلة بالجهات التنفيذية) من أوراق بشأن العمل البيئي، يكون البطل الأوحد فيها المسئول الحكومي، والذي لا يكون عمله أكثر من القيام ببعض مهمات وظيفته؟

الملاحظة الثانية كانت من مؤتمر حضرته في دولة قطر زرت خلاله مركز أصدقاء البيئة، ثم عززت بملاحظات في مؤتمر الأردن ومؤتمر بيروت عندما التقينا الأخوة القطريين مرة أخرى واستمعنا لاستعراضهم لمشروعاتهم. مشروعات المركز تستحق عودة مفصلة فهي بحق تستحق النقاش لنتعلم منها. ما أريد التركيز عليه هنا هو أن مركز أصدقاء البيئة يحصل على دعم مباشر من أعلى سلطة بالبلد، ويعمل به أكثر من ثمانية موظفين متخصصين، وينظر له المجلس الأعلى للبيئة (الجهة التنفيذية) بدولة قطر على أساس أنه مكمل لعملهم ومساند لتحقيق أهداف الدولة في حماية البيئة والحفاظ على الحياة الفطرية والتنوع الحيوي ونشر الوعي البيئي.

عندما دخلت إلى مكتب الأستاذ الفاضل سيف الحجري (الذي ينبض ثقافة وذوقا وتهذيبا ودماثة خلق) ونظرت إلى مكتبه، قال: «هذا أفخم وأغلى من أن نشتريه من موازنة المركز، إنه هدية من إحدى وزارات الدولة بعد تغيير أثاثها»!

أتساءل متى (أو إن كان ذلك سيحصل أصلا) تتحقق علاقة صحية واعية بين الجهات التنفيذية والجمعيات الأهلية العاملة في ذات مجالها، والتي تلتقي معها في الأهداف وربما تتفوق عليها في المقدرة على تحقيقها لاسيما المتعلقة منها بالناس والجمهور العريض؟ هل ذلك ممكن أم انه لن يتحقق في ظل ما هو قائم؟

إقرأ أيضا لـ "خولة المهندي"

العدد 1391 - الثلثاء 27 يونيو 2006م الموافق 30 جمادى الأولى 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً