العدد 1429 - الجمعة 04 أغسطس 2006م الموافق 09 رجب 1427هـ

«الرقيق الأسمر»... تجارة من نوع آخر!

عبدالله الملا abdulla.almulla [at] alwasatnews.com

في السابق، كان المكتشفون الجدد أو المستوطنون للقارة الجديدة (أميركا) - يستوردون العمالة الوافدة من القارة الإفريقية محملين مع قصب السكر ومع الغنائم التي تصادر إلى الولايات المتحدة. وكان الأفارقة يعيشون وسط مجتمع لا يعرف لهم أي ذرة من الحقوق أو العلاقة الإنسانية، وظل الوضع على ما هو عليه ردحا طويلا من الزمن حتى أصبح السود جزءا لا يتجزأ من المجتمع الأميركي، وهو ما عرف آنذاك بتجارة الرقيق.

اختفى هذا المفهوم من على أرض الواقع، ولم يعد له وجود إلا في كتب التاريخ الأسود. ولكن سرعان ما عاد المفهوم إلى الظهور مرة أخرى ولكن بصيغة مختلفة، فتولد لدينا ما يعرف بتجارة «الرقيق الأبيض» وإن كانت هذه التجارة موجودة على البسيطة منذ أزل الآزلين.

وفي مجتمع يغني فيه الساسة والمثقفون بالديمقراطية وبحقوق الإنسان، بل وتشيد بعض المنظمات بالمستوى الكبير الذي ارتقت له حقوق الإنسان في البحرين، نرى أن البعض يغض الطرف عن نمط جديد من استحقار البشر وسط مجتمعنا، وهو ما يمكن أن نسميه بتجارة «الرقيق الأسمر»!

وفي هذه الأيام، مازلنا نعيش مأساة حريق مبنى القضيبية، الذي أودى بحياة 16 عاملاً آسيوياً جراء الظروف غير الصحية التي فرضت عليهم. وقبل الخوض في تفاصيل حقوق العمالة الوافدة لا بد لنا أن نمر عبر مجموعة من المحطات لنصل في النهاية إلى المفهوم الحقيقي لحقوق العمال.

أولاً: كثير منا لا يعلم كيف يأتي العامل إلى البحرين، فهل ينضم إلى ركب العمالة بمجرد قطع تذكرة سفر؟ أم أن الكفيل الموعود هو من يتكفل بكل شيء؟ إن ما يجري في البحرين هو كالآتي: يتقدم أي مواطن بطلب سجل تجاري، ويحدد له على إثر ذلك مجموعة من الأيدي العاملة، وهنا تبدأ المأساة. بعض وكلاء العمال يقبضون مبلغ 1500 دينار وبعضهم 1000 دينار لقاء استقدام العامل، بل ويتسلمون هذه المبالغ من العامل نفسه، وإذا ما أخذنا في الاعتبار الوضع المعيشي الصعب في شبه القارة الهندية وغيرها من الدول المصدرة للأيدي العاملة فسنعرف حينها من أين جاء هذا المبلغ... فربما قام العامل ببيع ابنه أو كلية أخيه، أو لعله باع عين أمه! والسؤال الأول هو؛ بأي حق يقبض «الأرباب» هذا المبلغ؟

ثانياً: بعض «الأرباب» يترك العامل في الشارع ويطلب منه العمل بل ويفرض عليه أجرا شهريا لقاء كونه المسئول عنه! ولنعود ونتصور معا المأساة الحقيقية التي يعيشها العامل في ظل رميه في الشارع من دون عمل والتزامه بدفع مبالغ إلى الكفيل، فحينها سيكون مجبرا على السكن في أي ظرف وأي مكان، وسيكون مجبرا على تناول أي شيء يمكن له أن يسد رمق الجوع والقائمة تطول.

والأدهى والأمر هو ما يحدث للعمال الذين يعملون تحت رحمة بعض المقاولين، وكان آخر الضحايا موتى بناية القضيبية؛ ظروف صحية قاسية، وحياة أقسى، عمل في ساعات تبدأ من الصباح الباكر حتى المساء! لا وقت إضافي ولا علاوة مخاطر ولا هم يحزنون!

ما نريد أن نقوله، هو أن العمالة الوافدة بشر كبقية البشر، لهم حقوقهم في السكن الملائم والمعيشة الطيبة وهو ما أكدته المواثيق والمعاهدات الدولية... وبالتالي فعلى الجهات المعنية؛ وزارة العمل، وزارة الداخلية، المجالس البلدية والبلديات أن تعي دورها وتحتوي الظروف الصعبة التي يعيشها العمال تحت وطأة الكفيل من جهة، وقسوة المقاولين من جهة أخرى

إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"

العدد 1429 - الجمعة 04 أغسطس 2006م الموافق 09 رجب 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً