كثيرا ما سمعنا وقرأنا عن تعديل اشتراطات التعمير، وكثيرا ما سمعنا عن بعض الإشكالات التي واجهت الجهات التنفيذية حين أرادت تطبيق هذه الاشتراطات على بعض المناطق، أو بعبارة أدق على بعض «الهوامير» الأمر الذي أدى في النهاية إلى إظهار عملية تعديل الاشتراطات بشكل معقد!

المشكلة الأساسية في الموضوع ترجع إلى عدة أسباب؛ أولها أن المملكة تزخر بالمخالفات التعميرية في كل مكان، بدءا بالبيوت العادية، وانتهاء بالعمارات التجارية والمشروعات الاستثمارية. وهذا - من دون شك - يجعل من تطبيق المشروع الذي يعتبر إيجابيا من جميع النواحي أمرا صعبا، بل قد يكون مستحيلا في بعض المواضع. وهنا قد يسأل سائل: أين كانت الجهات المسئولة والمعنية بتنظيم البناء أو بصرف الاجازات ؟

لعل الإجابة واضحة، وهي أن بعض الأشخاص استغلوا الفرصة بوجود بعض الشخصيات النافذة في مراكز القرار لتمرير بعض الرخص، أو لتنفيذ بعض المشروعات وبالتالي أصبح إيقافهم أمرا مستحيلا.

المشكلة الأخرى هي ضعف الأجهزة المعنية في التنفيذ، لا لعدم وجود قانون أو اشتراطات، ولكن لعدم وجود كادر مؤهل يتمكن من اكتشاف المخالفات قبل حدوثها، أو على أقل تقدير أثناء حدوثها، خصوصا بعد أن امتهن بعض الأشخاص التعدي على القانون قبل الشروع في المشروعات، والتحايل على الأجهزة التنفيذية بعد الانتهاء منه ووضعها تحت الأمر الواقع.

وفي هذه الأوقات، هناك من يتحدث عن إطلاق العنان للمباني الحديثة في المملكة، لتواكب التطور العمراني في دول الخليج، ومن ثم لتتحول إلى مركز استثماري تجاري جاذب إلى المستثمرين. وإذا نظرنا إلى هذا الطرح من المنظور التجاري فإننا لن نختلف على أهميته وضرورة تبنيه، إلا أن الواقع يفرض على الجهات المسئولة عدم الأخذ بهذه الأطروحة خصوصا عندما تتحدث الاشتراطات التنظيمية للتعمير عن أهمية الصورة الجمالية للمملكة عموما، والمناطق الاستثمارية تحديدا، فهل من المعقول أن تتحول العاصمة مثلا إلى منطقة أشبه بالهضاب والجبال والأودية، ولا ننسى أن المناطق في البحرين قريبة من بعضها البعض، حتى أن بعض المباني تطل على البيوت السكنية ما يجعل من أطروحة إطلاق المباني أمرا مستحيلا.

ولكن يبدو أن لا حياة لمن تنادي