العدد 1464 - الجمعة 08 سبتمبر 2006م الموافق 14 شعبان 1427هـ

«ناشط سياسي» للحالات الطارئة!

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

في الفترة الكئيبة الماضية والتي سبقت ميثاق العمل الوطني، كانت مخابرات أمن الدولة وضباطها يعتبرون أية اتصالات تجري بين اثنين أو أكثر يتحدثون فيها عن الشأن العام للبلد بمثابة «نشاط سياسي»، وبالمفتوح يتم الاتصال بأحدهم ويقال له: إنك تمارس نشاطاً سياسياً، أو رصدنا نشاطك السياسي. وكان من الممكن أن يرمى به «خلف الشمس»!

اليوم، وصل الهوس بالألقاب حد الابتذال من قبل البعض. إذ نحن اليوم على أبواب انتخابات بلدية ونيابية والمرشحون كلٌ يريد استرضاء الناس، فتكاثرت الألقاب والمسميات حتى وجدنا بين كل «داعوس» و«داعوس» ناشطاً سياسياً.

يطل أحدهم من خلال وسائل الإعلام مقدماً لقب «ناشط سياسي» قبل اسمه! والمصيبة أن بعض الإعلاميين، صحافيين وإذاعيين، لا يعرفون مدلول لقب «الناشط السياسي»، ومتى يكتسب المرء هذا اللقب؟ وليس إطلاقه على كل من «هب ودب»... ووصل الأمر بأحدهم أن يُسأل عن سبب ترشيح نفسه للبرلمان فيقول: أنا ناشط سياسي واجتماعي. فأي ابتذال سياسي هذا؟!

احتار جمع من الأصدقاء، على اختلاف مشاربهم الفكرية من الأصولي إلى الوصولي، على من هو الجدير بلقب ناشط سياسي، وهل هذا اللقب من المناسب إطلاقه على أصحاب المواقف الزئبقية، والمتنططين في كل جانب واللاهثين خلف كل ناعق؟! حتى وإن هو لم يقرأ حرفاً واحداً عن أصول علم السياسة أو الاجتماع السياسي؟!

انتشار لقب الناشط السياسي يثير عدة أسئلة: ما هو المقصود بالنشاط السياسي؟ ما هو سبب النشاط السياسي الذي دب في أواصر البعض، أي ما هي تلك الهرمونات التي يتناولها المرء لكي يكون ناشطاً سياسياً؟ هل «روشتة» النشاط السياسي مكتوبة من جهات عليا أم لاطماع أنوية خاصة؟ هل هي عبارة عن سيولة يسال لعاب البعض عليها، أم عبارة عن تعليمات صارمة، وخطط منهجية لتكريس الانقسامات في المجتمع، وخلق نوع من البلبلة في الرأي العام للتمويه على ملفات مصيرية خطيرة؟ أي بمثابة ناشط سياسي للحالات الطارئة!

اعتقد أن الناشط السياسي هو المهتم والممارس والمتخصص في العمل السياسي، والنشاط السياسي هو العمل الذي يتوخى منه أهدافاً سياسية. وعلى هذا الأساس، فمن غير المتوقع أن يكون المرء ناشطاً سياسياً ويتحدث إلى وسائل الإعلام ويطرح آراءه من دون أن يكون له هدف سياسي، بمعنى أن الناشط السياسي يقوم «بتسييس» الملفات التي يتحدث عنها، وهي تهمة، طالما وجهتها بعض الجهات والكتبة مساحي الجوخ للمعارضة السياسية الوطنية، وبما أن «التسييس» تهمة بحسب أبواق السلطة؛ فإنه من الناحية الأخلاقية والدينية لا يجوز أن تنهى عن خلق وتأتي بمثله... «أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم» (البقرة: 44)؟!

هناك عباقرة ورواد فكريون لا يطلقون على أنفسهم لقب «ناشط سياسي»، فهذا البروفيسور إدوارد سعيد في رده على اتهامات تم توجيهها إليه بقصد التقليل من شأنه «بأن إنتاجه قريب مما يقدمه الناشط السياسي وليس الأكاديمي»، فقال: لم يحصل لي الشرف بأن أكون ناشطا سياسيا! في حين نحن في البحرين يومياً «نتشرف» بسماع وقراءة أن فلاناً ناشط سياسي وفلاناً ناشط اجتماعي وفلاناً ناشط سياسي واجتماعي، أي حاز الحسنيين، «مش عارف أيه ومش عارف ليه... وكل واحد يخبط في الثاني»، وخلوها على الله يا ناشطين ويا سياسيين

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 1464 - الجمعة 08 سبتمبر 2006م الموافق 14 شعبان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً