العدد 1506 - الجمعة 20 أكتوبر 2006م الموافق 27 رمضان 1427هـ

ليبيا: عودة لإحكام القبضة السياسية

سمير صبح comments [at] alwasatnews.com

.

استغربت أوساط دبلوماسية غربية تركيز العقيد معمر القذافي في الخطاب الذي ألقاه بمناسبة الذكرى الـ 37 لثورة الفاتح من سبتمبر/ أيلول، على سحق المعارضة الليبية في حال حاولت هذه الأخيرة التحرك بهدف زعزعة النظام. وذهب بعض المحللين السياسيين الى اعتبار هذا التوجه بمثابة تبادل أدوار بينه وبين نجله سيف الإسلام، الذي كان قبل نحو عشرة أيام من مداخلة والدة، دعا في مداخلة له أمام نحو 15 ألفا من الشباب الليبي في مدينة سرت، الى إعادة النظر في القواعد السياسية المعمول بها في البلاد منذ قيام الثورة والعودة الى الدستور، وإطلاق الحريات السياسية والإعلامية. وأكدت مصادر ليبية مقربة من القيادة في حينها، أن القذافي الأب، الذي بدأ يخشى من تبعات التباينات الحادة القائمة بين ولده سيف الإسلام ومن يدعمه في توجهاته الليبرالية سواء من خلال مؤسسة القذافي للأعمال الخيرية أو عبر طبقة جديدة من رجال الأعمال الذين يمثلون القطاع الخاص الليبي المتنامي، ولو بحدود، وبين الحرس القديم المؤلف من الرموز القيادية التي رافقت العقيد في مسيرته منذ سبتمبر 1969، واللجان الثورية التي تعتبر صمام الأمان بالنسبة الى نظام عمل على إحداث مصالحة بين مختلف الأجنحة، وبعدها وزع الحصص الاقتصادية والمالية بشكل عادل بين الأطراف التي يجب أن تعمل جميعها على التكاتف في وجه العاتيات.

اليوم، وبعد حالات التمرد التي اتخذت أشكالا عنيفة في سجن «أبوسليم» الذي يحوي خلف جدرانه وزنزاناته قيادات وكوادر من المعارضة الليبية، التي تتألف غالبيتها من إسلاميين متشددين من مختلف الاتجاهات، ومعتدلين مثل الإخوان المسلمين - الذين يتفاوضون مع النظام، سواء عبر سيف الإسلام القذافي، أو قيادتهم المركزية في القاهرة منذ أشهر - أدرك الجميع ان القذافي لم يكن يناور عندما هدد في سبتمبر الماضي بسحق أي تحرك مضاد للنظام. الدليل على ذلك، تكليف عبدالله السنوسي - صهره وأحد مسئولي جهاز المخابرات العسكري - تولي مهمة القمع في سجن أبوسليم. وجاءت النتائج على النحو الذي أعلن عنه مقتل الكثير من السجناء وإصابة عدد آخر منهم بجروح. وتفسر عودة السنوسي إلى الواجهة بعد غياب استمر أعواماً، وخصوصاً أنه كان متهماً أساسياً في قضية تفجير الطائرة المدينة المدينة الفرنسية لشركة «يوتا» بمثابة صرف النظر نهائياً في هذه المرحلة على الأقل، عن الانفتاح السياسي الموعود الذي كان النظام قد المح إليه عشية رفع العقوبات نهائياً من قبل الولايات المتحدة الأميركية. وتفيد المعلومات في هذا الصدد ان السلطات الليبية المختصة كانت قد ذهبت إلى حدود الالتزام به تدريجياً خلال اللقاءات التي تمت في طرابلس الغرب وفي واشنطن بين الكثير من مسئولي البلدين.

ويطرح السؤال الأساسي اليوم: ما الأسباب التي دفعت النظام الليبي إلى التراجع عن التزاماته حيال عملية الانفتاح السياسي، والعودة إلى إحكام قبضته من جديد عبر أجهزته الأمنية ولجانه الثورية؟ في هذا السياق، تؤكد جهات ليبية حسنة الاطلاع ان العقيد القذافي والقيادة الليبية لم تتخذ يوماً قراراً بإعادة اللعبة السياسية للبلاد. وليس في الوارد لديها اطلاقاً ان تسمح للمعارضة الليبية بدخولها. وما يحدث اليوم في سجن أبوسليم وخارجه من قمع ومطاردات في كل المناطق سوى دليل على الثوابت الراسخة لدى القيادة الليبية. وسيتذكر هنا أحد رجالات الثورة قول العقيد القذافي في هذا الشأن: «لقد أخذنا السلطة بقوة ذراعنا، وإذا ارادوا أن ينتزعوها منا فليس لديهم سوى طريق واحد وهو القوة. فهذه اللعبة نحن خير من يتقنها»

العدد 1506 - الجمعة 20 أكتوبر 2006م الموافق 27 رمضان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً