العدد 1521 - السبت 04 نوفمبر 2006م الموافق 12 شوال 1427هـ

آن أوان حزم حقائبكم والرحيل!

محمد صادق الحسيني comments [at] alwasatnews.com

بالأمس كان اجتياح لبنان والعدوان عليه، واليوم يستعد الغزاة لاجتياح غزة، وفي كلتا الحالين فإن الذريعة هي الذريعة: إطلاق سراح جنود أسروا في معركة حربية محضة، وفي كلتا الحالين فإنما يسمى بالمجتمع الدولي لاسيما الحر والمتمدن منه يقدم المبررات والذرائع الإضافية ويسميها: «دفاع عن النفس»!

ويتباهى عساكر الغزاة بأنهم قتلوا أكثر من ألف في لبنان ثم يتباهى سيدهم بأنهم قتل أكثر من 300 «إرهابي» منذ اسر الجندي جلعاد في غزة لوحدها! والعالم بأسره يشهد منهم هؤلاء(الإرهابيون) الذين أمر أولمرت بقتلهم: إنهم ليسوا سوى المدنيين الأبرياء من نساء وأطفال فلسطين! كيف إذاً بعد كل ذلك نصبح نحن الإرهابيين وهم رعاة السلام الذين يدافعون عن أنفسهم؟!

ألا يعرف سادة المجتمع الدولي الذي يطالبنا صباح مساء بالالتزام بالقرارات الدولية وضرورة تطبيقها بحذافيرها بأن هذه المقررات هي نفسها التي يسمح لنا بالدفاع عن أنفسنا في مواجهة الغازي المحتل وتمنعه من مهاجمة المدنيين الأبرياء؟!

بل إنهم يعرفون ذلك تماماً! لكنهم مصرون على مجافاة الحقيقية ولا يبحثون إلا عن مصالحهم ومنافعهم الآنية والعاجلة الخاصة التي توفر لهم المزيد من مساحات النفوذ والهيمنة ونهب ثروات ومقدرات العالم لضمها إلى ساحة امبراطوريتهم التي يسعون إلى توسعتها أياً كانت الأثمان التي يدفعها الآخرون ولو سقطت كل المقررات والمعاهدات والقيم والمعايير الإنسانية عند بوابات الدويلة المدللة (إسرائيل)!

هكذا كانوا دوماً، وهكذا سيبقون! انظروا إلى سوابقهم في ملفات مماثلة، فمنذ نهاية الحرب العالمية الثانية وهم يجهزون هذه الدويلة المسخ والمزروعة بقوة الاغتصاب والاحتيال فوق أراضينا بكل أنواع أسلحة الدمار الشامل وعلى رأسها ترسانة نووية تضم أكثر من مئتي قنبلة نووية، بينما حرموا مصر العرب والمسلمين من حق اقتناء الطاقة النووية للأغراض السلمية ودمروا العراق بذرائع كاذبة وملفقة بشأن أنواع من أسلحة الدمار الشامل! وفككوا التكنولوجيا الليبية ويحاولون اليوم محاصرة إيران بالأعلام والسياسية والدبلوماسية والمناورات العسكرية بحجة منع الانتشار النووي!

وبالمناسبة فإن الدويلة المدللة المزروعة غصباً غير موقعة على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية بينما إيران وغيرها من العرب والمسلمين المحاصرين موقعين ومن أوائل الداعين إلى «شرق أوسط» خال من كل أنواع أسلحة الدمار الشامل!

هل تبقى بعد كل ذلك أية صدقية لمثل هذه الدبلوماسية التي تكيل بمكيالين؟! ثم يسألون أيضاً وبكل استغراب: لماذا يكرهوننا؟!

وبالمناسبة وهم يسألون هذا السؤال لا تنفك صحفهم إذاعاتهم ووسائل إعلامهم المختلفة بل وجامعاتهم وفلاسفتهم ورجال دينهم من اتهامنا بل واتهام ديننا بالإرهاب وثقافة العنف، بل ويتمادون حتى باتهام نبينا نبي الرحمة والسلام بأنه قاطع طريق؟!

وينسون أن «حاخاماتهم وقساوستهم» هم الذين نظروا لحروب صليبية قديمة وحديثة! ليس آخرها مجازر الأطفال في قانا وغيرها من قرى وبلدان الجنوب اللبناني الصابر والمحتسب وغزة هاشم المستباحة على الطريق! عندما كان العرب والمسلمون في فلسطين ولبنان يهاجمون العدو في مواقعه الخلفية في البلدان والمدن الفلسطينية التي هي ليست سوى معسكرات احتياط للجيش الغازي كنتم تتهمونهم بقتل المدنيين والأبرياء! واليوم عندما يأسرون جنودكم في عمليات حربية محضة تجبنون في الميدان وتهاجمون قرانا وبلداتنا الخلفية وتفخرون بأنكم تقتلون إرهابيين!

والعالم المتمدن والحر! يصفق لكم ويقدم إليكم كل الذرائع والمبررات! فهل تعتقدون بعد كل ذلك أن شيئاً من «الصدقية» قد بقي لكم في أذهان وقلوب وعقول شعوبنا؟!

لقد سقطتم في كل الاختبارات، ولم يبق أمامكم إلا حزم حقائبكم والرحيل!

نعم، هذا هو الخيار الوحيد المتبقي لكم في التعامل معنا! وهذا هو ما تشير إليه تقارير من استندتم إليهم التحقيق أخيراً في العراق بالمناسبة! ولو أرسلتم المزيد من الموفدين إلى كل الساحات العربية والإسلامية حتى غير المتنازعة بشكل مباشر معكم لخرجتم بالنتائج نفسها! صدقوني!

وعندها ستعرفون لماذا يكرهونكم؟!

لقد قال يوماً استناذ جامعي إماراتي محاضر في إحدى الندوات الإقليمية في الكويت: «لقد أصبحتم صداعاً دائماً ومزمناً لنا، لا يفيد في علاجه أي نوع من أنواع الاسبيرين، ارحلوا إذاً حتى نستعيد راحة البال ويزال الصداع من المنطقة كلها...».

وفعلاً فقد صدق عبدالخالق عبدالله عندما اكتشف مبكراً مثل هذا الدواء!

إذا كنتم تريدون «الإبقاء على شعرة معاوية» معنا كما يقول المثل، فاحزموا حقائبكم وارحلوا سريعاً قبل أن يصبح حتى مثل هذا الأمر عسيراً عليكم ومزيداً من الصداع لنا!

ارحلوا ما دمنا منقسمين بين «متطرفين» و»معتدلين» وما دام ثمة من يتبرع لتغطية انسحابكم! استثمروا هذا اللحظة والفرصة التاريخية الثمينة، كما يقول الأمين العام لحزب الله لبنان قبل فوات الأوان! لا تثقوا بمن ينصحكم بعكس ذلك مهما قدم إليكم من كلام معسول أو ضجيج أو ذرائع أو مبررات لمزيد من البقاء. إنه لا يفكر إلا في تمديد أيام بقائه مرتبطاً بحبل سرتكم أياماً معدودات أخرى ولا غير! أما أنتم فأي يوم إضافي من بقائكم محتلين وغزاة لأراضينا إنما ستزيدون ليس فقط «الكراهية» التي تستغربون! بل تحفرون قبوركم بأيديكم وأيدي المؤمنين! ونترككم وشأنكم لتقدروا وتختاروا أي الفريقين تصدقون

إقرأ أيضا لـ "محمد صادق الحسيني"

العدد 1521 - السبت 04 نوفمبر 2006م الموافق 12 شوال 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً