العدد 1540 - الخميس 23 نوفمبر 2006م الموافق 02 ذي القعدة 1427هـ

المعارضة والبرلمان المقبل... الرهان على الإصلاح الاقتصادي

عباس هاشم Abbas.Hashim [at] alwasatnews.com

في ليلة الثلثاء الماضي، وفي حفل «كلمة للوطن» في المقر الانتخابي للشيخ علي سلمان، ذكر في كلمته وهو يستعرض الأهداف التي تسعى المعارضة إلى تحقيقها من خلال المشاركة في الحياة النيابية، أن 10 في المئة من الناس يستحوذون على 80 في المئة من الثروات في البحرين، وهذا يعني وجود خلل رهيب في توزيع الثروة وتقاسم ثمار التنمية. لا أدري من أين استقى سلمان تلك المعلومة، إلا أن كل الدلائل تشير إلى صحة ما قاله. فالمعروف أن البحرين من الدول التي لا تزوّد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بأرقام رسمية عن نسبة الأثرياء إلى الفقراء، ولا بأي أرقام تبين اللامساواة الاقتصادية، ولا يوجد في تقارير الأمم المتحدة للتنمية البشرية إحصاء رسمي صادر عن حكومة البحرين يحدد نسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر. وذكر الشيخ علي سلمان أن نحو الـ 40 في المئة من السكان يعيشون تحت خط الفقر، وهذه نسبة كبيرة مقارنة مع الدول المتقدمة، إذ تبلغ في الولايات المتحدة ذات النظام الاقتصادي الرأسمالي في حدود 13 في المئة. حتى الجزائر التي تعيش اضطراباً أمنياً منذ عقدين، لم تبلغ نسبة من يعيشون تحت خط الفقر أكثر من 40 في المئة، مع أن نسبة البطالة التي تعد سبباً رئيسياً للفقر، عالية جداً وبلغت سنة 2003 في حدود 24 في المئة من السكان عاطلون عن العمل، ولعل ما أعلنته حكومة البحرين حديثاً من أن نسبة البطالة انخفضت إلى 4 في المئة فقط يضيف دليلاً على وجود تفاوت فاحش في تقاسم الثروة، أدى إلى وجود شريحة كبيرة جداً من الفقراء، فمع أنهم يعملون إلاّ أن مداخيلهم متدنية جداً. إن تقرير التنمية البشرية الذي يصدر سنوياً، يعتمد على أرقام رسمية تعبّر عن واقع الدولة حتى منتصف العام الجاري، والأرقام التي يتم تقديمها لبرنامج الأمم المتحدة بخصوص متوسط دخل الفرد من إجمالي الدخل المحلي مؤشر قوي على صحة ما جاء في كلمة أمين عام «الوفاق»، ودليل على وجود ثروة كبيرة جداً ولكن بأيدي قلةٍ من الأفراد، ويكفي أن البحرين تتفوق على الكويت وقطر والسعودية في متوسط دخل الفرد السنوي، فهذه الأرقام بخصوص تفوّق متوسط دخل الفرد في البحرين على الكثير من الدول النفطية الغنية، مقارنة مع الواقع الذي يعج بالفقر، تعتبر خير برهان على وجود تفاوت فاحش جداً بين طبقات وفئات المجتمع البحريني.

وفي هذا الإطار يجدر التذكير بأن ارتفاع متوسط دخل الفرد من إجمالي الدخل المحلي لا يعبرّ بالضرورة عن نجاح جهود التنمية في المملكة، لأن التنمية الشاملة بكل أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لم تنجز بالقدر الذي يدفع بها خارجاً من محيط بلدان العالم الثالث النامية إلى مصاف الدول المتقدمة، وفي الأدبيات الإنمائية للأمم المتحدة، لابد أن يتمتع أفراد الشعب بثمار التنمية، وإلا تعتبر التنمية فاشلة لأن هدفها لم يتحقق، وهو رفع مستوى رفاهية الشعب وتنويع خيارات الأفراد. وسبب الزعم بتعثر جهود التنمية يعود إلى أن الثروة والثمار متركزة في أيدي 10 في المئة فقط من الناس في البحرين، في الوقت الذي تعيش الأكثرية في عوز وحرمان.

وبحسب تقارير التنمية البشرية الصادرة عن الأمم المتحدة، قفز متوسط دخل الفرد من إجمالي الدخل المحلي في البحرين من 340 ديناراً شهرياً سنة 1992 إلى 363 ديناراً العام 94، ليرتفع إلى 650 ديناراً شهرياً هذا العام 2006. حدث ذلك مع ازدياد عدد الأجانب من ذوي الدخول المتدنية جداً في غالبيتهم، بزيادة تقدر بـ50 في المئة وذلك في غضون السنتين الماضيتين، ليصل عددهم حالياً لما يقارب عدد السكان المواطنين، في حدود 400 ألف نسمة. وهؤلاء كلهم يشملهم هذا الرقم، أي أن نصيب كل فرد منهم، صغيراً أو كبيراً، نحو650 ديناراً شهرياً، وهي حقيقة يجب وضعها في الاعتبار. وإذا أضفنا أن نسبة التضخم بحسب بعض الباحثين في حدود 3 في المئة، فهذا يعني أن ارتفاع دخل الفرد أكبر بكثير من مستوى التضخم وزيادة الأسعار، ما يعني ارتفاع مستوى الرفاه لدى المواطنين، عندها نسأل أين آثار هذا الدخل المرتفع جداً على حياة المواطن، في حين يشهد الواقع بتراجع مستوى المعيشة وتدهورها؟

بكلمة... ارتفاع متوسط دخل الفرد السنوي الذي وصل لنحو 21 ألف دولار بحسب تقرير التنمية لهذا العام، لا يعني انجازاً تنموياً مادام التوازن الاجتماعي مختلاً بدرجة كبيرة، والأمل معقود على قوى المعارضة الشعبية من خلال البرلمان المقبل لإنجاز شيء في هذا الصدد، فالتركيز على الملف المعيشي من خلال الكثير من الأرقام التي ذكرها الأمين العام لجمعية الوفاق، مؤشر يطمئن الناس ويرفع ثقتها في المعارضة ويؤكد أهمية المشاركة في العملية الانتخابية

إقرأ أيضا لـ "عباس هاشم"

العدد 1540 - الخميس 23 نوفمبر 2006م الموافق 02 ذي القعدة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً