العدد 1574 - الأربعاء 27 ديسمبر 2006م الموافق 06 ذي الحجة 1427هـ

الغيبوبة

سهيلة آل صفر suhyla.alsafar [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

الصمت المطبق... حينما يسكت الانسان... وهو في غيبوبة... جسد نابض مازال حياً ولكنه يقرر السكوت وعدم إصدار الصوت... ذلك الصمت الأبدي ويغمض عينيه ويثقل جسده ولايتجاوب، وحده الله يعلم أن كان سيعود أم يغيب إلى الأبد الأجهزة من حوله تتكلم لتبقيه على قيد الحياة مع تلك السوائل المغروزة في جسده بالأبر الموجعة، قد يشعر بها ولكن لاقدرة له على التعبير والشكوى يرحل الانسان عن الوجود ويحتل الصمت الكئيب ذل الجسد حينما فقدت الروح بهجة الحياة... تبقى معلقة في محطة الانتظار... إلى أن يخلي ذلك الجسد كل مهماته في الحياة ويقرر الرحيل... ان أحباب ذلك المريض يموتون عوضاً عنه كل يوم ألف مرة وهم في انتظار إشارة منه وفي استجداء ولو لفتة ليعلن عن محاولة لعودته الى الحياة!.

هم يعيشون حالة من المعاناة الشديدة القسوة في انتظار ماسيأتي به القدر من أخبار... الشك والانتظار لحظات لايمكن وصفها الا لمن دخل التجربة المريرة ويقال ان الاحزان والعذابات تصقل البشر. كأمواج البحر الهائجة في ارتطامها المتواصل بالصخور الصلدة الجامدة على السواحل ومع مرور الزمان تصقل تلك الصخور وتصبح ملساء ناعمة بعد أن كانت خشنة كريهة المنظر في العراء!.

هم هكذا البشر تعذبهم الحياة، ولكن تصقلهم أمواج الحزن وتهذب نفوسهم ودواخلهم... وتزداد حساسيتهم ورقتهم. وتثار الأسئلة الكونية... لماذا يعاني البشر؟... لماذا يفوت البعض بغيبوبة ما قبل الموت والبعد النهائي عن الحياة؟ ما الغاية من ذلك؟ هل هراء تبدأ عندما يرفض المخلوق للحياة أم هو عناد للوجود رمز البقاء المادي الذي يتجسد في بقاء الجسد وغياب الروح عن المكان والزمان أم هو ثورة الروح على الجسد أم هو اختلاف التوقيت بين الروح والجسد على وقت الرحيل وأنه ولم يعد الانسان منسجماً مع بعضها البعض... فيخلق ذلك الانفصال ويقرر الجسد البقاء مع ذلك الصمت الرهيب وتبقى الروح في الانتظار على أطراف ذلك الجسد المسجى أم أن تداخل المكان واللعب بالأقدار هو الذي يتسبب في ذلك الخلل أنه على رغم التقدم العلمي في دراسة الروح ومكوناتها وزينتها وطريقة ظهورها من الجسد لم يتمكن العلم الحديث من إيجاد الارتباط بين الروح والجسد... ومعالجته كي يعود!.

لم يتمكن من مساعدة الروح على البقاء أو الرحيل... ومازال العلاج مكثفاً على الجسد المادي دون الاقتراب من الروح ولو بشعرة!.

فالروح تشقى أيضاً وتفرح بالقرب من الجسد وهي تلك الكهرباء الخفيفة والتي تضيئ وتشع من خلال ذلك الجسد الجبار وما الجسد الفاني إلا الوعاء الذي يحتوي تلك الروح الشفافة الرائعة. «ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا» صدق الله العظيم (الإسراء :85?

إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"

العدد 1574 - الأربعاء 27 ديسمبر 2006م الموافق 06 ذي الحجة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً