العدد 1602 - الأربعاء 24 يناير 2007م الموافق 05 محرم 1428هـ

صمت العالم والكارثة

سهيلة آل صفر suhyla.alsafar [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

تفتح الراديو صباحا في السيارة إلى العمل تسمع بانفجار قنبلة في بناية السوق تقتل وتجرح العشرات في بغداد... ثم يتواصل المذيع، أما في بعقوبة... فقد قتل عشرون في حافلة مفخخة محملة بالجنود العراقيين! كما قتل في كركوك ما يزيد على المئتين بعدما فجر انتحاري نفسه في وسط سوق شعبي... هكذا ومن دون توقف تتوالى الأخبار حاملة معها كل صنوف وأشكال المآسي الإنسانية من القتل وبشاعته ونلهث ونكاد ألا نعرف أين نضع رؤوسنا للتخفيف من وقع ما نسمع من حمامات الدم الساخنة. في هذا الصباح البريء نحاول نسيان ذلك بالانشغال بأعمالنا وأصدقائنا... ثم نعود للراحة في المنزل، وحالما نضغط على زر التلفزيون تقفز فجأة الأخبار التي هي واقفة لنا بالمرصاد وفي كل زاوية. لنرى هذه المرة بالصوت والصورة مشاهد أكثر رعبا وإيلاما، حينما تبدأ المذيعة بأن جسدا انتحاريا يفجر نفسه في الجامعة المستنصرية ويقتل العشرات من طلاب العلم هذه المرة الأبرياء.

وترينا الصورة وبكل وقاحة جثث الضحايا وهي تسبح في حمامات الدم مع الكتب والأقلام... وهذا رأس مقطوع ويرن بجانبها جرس التلفون النقال... ربما في الطرف الآخر والدة تسأل وتتمنى ألا يكون ولدها من بين القتلى ويبقى الجرس يرن!. هكذا تتكرر هذه الصورة يوميا ومن دون توقف وتتسلم الأرض والمدافن كل يوم ما يزيد على المئات من الضحايا الأبرياء.

ثم ترى سيارة نقل محملة بأطراف وأشلاء قطع آدمية كانت تسير إلى جانب مدرسة أطفال انفجرت فيها قنبلة للتو فنزل السائق من السيارة وبدأ في حمل هذه الأشلاء، والغريب في الأمر أنه مازالت سيجارة السائق في يد وفي اليد الأخرى هاتفه النقال وهو يختتم حديثا كان قد بدأه قبل نزوله من السيارة... ويتواصل يومه بلا دموع لأنها قد تحجرت فيما يبدو وانتهت صلاحيتها من كثرة البكاء! هكذا أضحى العراقيون يجوبون الطرقات وينتشلون بعضهم بعضا وكأنهم آلات ميكانيكية من دون قلوب... فجمدت مشاعرهم وعواطفهم... تخلوا عنها!

كيف تجمد الزمان عن العراق... لقد سمعت أن هذه الحرب جاءت لتبقى 30 عاما... أين العالم؟ أين رؤساء العرب والمسلمين وهم يتناحرون؟، بينما يتكلم السياسيون وينظرون... ولكن أين هو الحل؟ كم بقي من الوقت؟ منهم من قال إن إيران تريد السيطرة على البصرة لأن نفطها سينضب قريبا، وهي تتنافس مع أميركا بحجة أن «الأقربون أولى بالمعروف». لماذا توقف العالم عن الاحتجاج؟ أين هي المظاهرات؟ ما دور الأحزاب؟ وأين ديمقراطية العالم المتقدم؟ لماذا لا نقاطع أميركا وإيران إن ثبت تورطهما؟ من سيفعل هذا الوجود؟ لماذا لا يتحرك أحد لتحريك هؤلاء الأميركان وقائدهم سيئ السمعة بوش المعروف بمؤامراته الدنيئة على المسلمين؟ وكأننا أمام فيلم تسجيل حقير... وأغرب من الخيال... هل ماتت شعوبنا وانتحر الزعماء خوفا من المارد الأميركي أم خوفا على كراسيهم الزرقاء الملغومة بدماء الشهداء والضحايا؟!

يا حسرتنا، لقد تمكن الزمان من الرجال فخلعوا دينهم ونسوا أوطانهم وتحجبت فيها عقول النساء فسكتوا عن النداء وخلعوا قلوبهم وعواطفهم وباعوها لدجالي هذا الزمان... وترك الكلاب ينهشون في الإسلام وبات العراقيون مهجرين في بلاد الله، فهل سيعودون يا ترى، أم نحن أمام فاجعة فلسطين ثانية حينما سمحنا للمحتالين وهللنا لهم ونسينا شعوبنا المغلوبة على أمرها؟!

إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"

العدد 1602 - الأربعاء 24 يناير 2007م الموافق 05 محرم 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً