العدد 1612 - السبت 03 فبراير 2007م الموافق 15 محرم 1428هـ

عامل «الوقت» عدو لأميركا لايقل خطره عن المقاتلين

المحلل الاستراتيجي الاميركي أنطوني كوردسمان ...

«الانتصار مع الهزيمة...» هي العبارات التي بدأ بها المحلل الاستراتيجي الاميركي انطوني كوردسمان تقريره الاستراتيجي الصادر في 1 فبراير / شباط 2007 بشأن استراتيجية بوش الجديدة في المنطقة. وهو يعقب بروز ظاهرة الحرب غير التماثلية asymmetric warfare والتي رأينا جميعا نتائجها في الحرب الاسرائيلية على لبنان في يوليو / تموز الماضي التي استمرت 33 يوما بين جيش مجهز بكل القوة والعتاد والتكنولوجيا، في مقابل ميليشيات حزب الله... فانعدام التماثل بين القوتين لم يعطِ الفرصة للدولة العبرية للقضاء على حزب الله، وتلك هي احدى سمات «الحرب غير التماثلية»، فماذا سيكون الحال بالنسبة لمعالجة اميركا للوضع في العراق ومواجهة ايران؟

يقول كوردسمان: ان أكبر خطا للاستراتجيين العسكريين الاميركيين هو ان يتصورا بان تغيير نهجهم لملاءمة ظروف مستجدة لن يثير خصومهم الذين يدخلون في حرب على اساس «عدم التماثل» في القوة والتكنولوجيا. وحذر القيادة الاميركية من تكرار الخطأ ذاته في العراق، إذ ان انتصار اميركا في مدينة بغداد (من خلال الخطة الجديدة) قد يؤدي الي انهزام في العراق.

واعتبر كوردسمان ان عامل «الوقت» يعتبر عدوا كبيرا للاميركان في العراق، وأن هذا العدو لايقل خطرا عن المجموعات المقاتلة التي تمارس العنف في العراق. ففي حين يمكن للرئيس جورج بوش ان يتحدث عن «حروب بعيدة الأمد»، فإنه لايمكنه دعم ذلك بهيكلية سياسية ذات ارادة بعيدة المدى في هذا المجال، خصوصا اذا اخذنا بعين الاعتبار الاخطاء المتكررة لادارة بوش في كيفية التعامل مع الوضع في العراق.

وقال كوردسمان «ان اميركا تمر في حرب استنزافية تحيط بها بيئة سياسية خلقتها اخطاء سابقة، وبالتالي فإن استراتيجة بوش معرضة للضغط باتجاه النجاح الواضح او الفشل الكاسر، وهذا سوف يحدد قوة ومدى الدور الذي يمكن لاميركا ان تلعبه».

وفيما يبدو ان عاما واحدا طويلا جدا بالنسبة للساسة الاميركان لاكتشاف فيما اذا كانت الخطة ستنجح او ستفشل، فإن اللاعبين المحليين استعدوا الى لعب ادوارهم على مدى سنوات مقبلة. فاللاعبون المحليون يعيشون في المنطقة وسيبقون هناك دائما، وهم أعلم من غيرهم بان الاستقرار الحقيقي لن يتحقق بالسرعة التي تتخدث عنها واشنطن. ان انعدام التماثل في المر يمتد الى «الوقت»، ففي حين تستعد اميركا الى فترة زمنية محدودة يستعد اعداؤها الى فترة زمنية طويلة جدا.

واعتبر كوردسمان ان واحدة من اخطاء استراتيجية بوش الجديدة في العراق ان اعتبر بغداد «مركز الثقل» بالنسبة الى معركة محتدمة في مناطق العراق المختلفة من اجل السيطرة على مواقع النفوذ. وقال «رغم ان تقرير بيكر – هاملتون احتوى على نقاط ضعف عديدة الا انه اشار الى نقطة جوهرية وصحيحة وهي ان التقارير الرسمية حول الوضع في العراق لاتتحدث حتى عن عشر مايجري هناك، وان اكثر هذا العنف يجري خارج مدينة بغداد». وعقب «ان انتصار القوات الاميركية في بغداد قد يعني خسرانها 11 مدينة كبرى اخرى وقد تكون تلك المدن ضحية للصراع الطائفي والاثني الذي يجتاح العراق» ... معتبرا ان النصر يكمن في تحقيق استقرار نسبي في كل ارجاء العراق وليس فقط في تهدئة مؤقتة للوضع في العاصمة بغداد، هذا في الوقت الذي لم تعرض القوات الاميركية خطة واضحة للسيطرة على بغداد، ولحد الان لاتوجد مؤشرات حقيقية يمن الاستعانة بها للتعرف على مدى النجاح او الفشل في الامساك بالوضع.

وقال يبدو ان القوات الاميركية تعمل على الارض وهي تعتقد بان اعداءها من دون خيارات، والواقع هو ان هؤلاء لديهم خيارات، وهذه الخيارات بامكانها ان تقلل من امكانية نحقق النصر الذي تسعى اليها اميركا. فالمقاتلون قد ينتشرون في اماكن عدة ويضربون في اي موقع يضعف فيه التواجد الاميركي، وحتى لو سيطرت اميركا على 7 مناطق من اصل 10 في بغداد، فان ذلك يعتبر نصرا للمقاتلين.. وفي هذه الحال قد تنجر الميليشات الشيعية، مثلا، للرد على المليشيات السنية بعنف مشابه، وبالتالي إطالة أمد الازمة، وعامل «الوقت» ليس لصالح اميركا.

العدد 1612 - السبت 03 فبراير 2007م الموافق 15 محرم 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً