العدد 1627 - الأحد 18 فبراير 2007م الموافق 30 محرم 1428هـ

نبضات لبنان بين الماضي والحاضر

حسين راشد الصباغ comments [at] alwasatnews.com

لاحظت أن كثيرا من المراقبين والصحافيين الأجانب والذين ألتقيهم في مكتب الصحافي اللبناني اللامع ميشيل أبوجودة في صحيفة «النهار» الصحيفة الأولى في لبنان انتشارا وتأثيرا في الرأي العام يقولون إن سورية من خلال قوات الردع تعاني متاعب كثيرة في لبنان وإنها تجهل التركيبة السياسية بتناقضاتها في هذا البلد، ولا تعرف أن تتعامل معها بصورة موضوعية وعملية، وإن القيادة السياسية التي يمثلها الرئيس حافظ الأسد شيء آخر غير تلك التي يمثلها المسئولون السوريون من الصف الثاني أمثال وزير الخارجية والمعني بملف لبنان السياسي عبدالحليم خدام ورئيس الأركان حكمت الشهابي والمسئول عن قوات الردع السورية في لبنان العقيد محمد الخولي واستفدت كثيرا من نائب البقاع الغربي المحامي حسين الحسيني وهو أمين عام منظمة أمل في معرفتي بما يدور على الساحة اللبنانية ثم أصبح فيما بعد رئيس مجلس النواب اللبناني وهو من أكثر اللبنانيين حميمية وإخلاصا كما أنه زار دول مجلس التعاون مرات كثيرة وتربطه علاقات طيبة مع قياداتها السياسية الذي لاحظته أيضا أن الجانب المسلم في لبنان يتهم السوريين بوجودهم العسكري بأنه منحاز الى الجانب المسيحي وهذا في حد ذاته يثير حفيظة المسلمين الذين يقولون إنهم يعانون الشيء الكثير من القهر والاضطهاد، وأنه لا يجوز أن يستمر هذا طويلا. والغريب في الأمر أن المسيحيين يجاهرون بشدة بأنهم ضد الوجود السوري في لبنان وأنهم يقولون إنهم يؤيدون التقسيم، ولكن بحيث تبقى علاقتهم قائمة مع المسلمين. ويبالغ كثير من القادة المسلمين في قولهم ان هناك امتيازات مسيحية يحرم منها المسلمون وكلها تحقق الرفاه للأقلية المسيحية، وحجتهم في هذا أنهم متفوقون حضاريا ولابد أن يدفع المسلمون المتخلفون ثمن تخلفهم هذا. والكثيرون من المراقبين الأجانب مندهشون لأن أركان الجبهة المسيحية يجاهرون بأنهم ضد الشرعية التي يمثلها الرئيس سركيس والذي يؤيد نظامه فقط المسلمون، ويقولون إن سياسة الكتائب منذ تأسيسها في الثلاثينات قائمة على بث الخوف في نفوس المسيحيين وإشعارهم بأنهم مهددون من قبل المسلمين بأعدادهم الكبيرة وقدرتهم على التناسل وزيادة عدد نفوسهم، وأن هذا الأسلوب يشدهم إلى هذا الحزب. كما أن وجود حزبي الأحرار والكتائب هما الضمان الأكيد لامتيازات المسيحيين الاقتصادية والسياسية، لذلك لن يسمح حزبا الكتائب والأحرار بإزالة جدار الخوف النفسي من نفوس المسيحيين، لأن إزالته يعني زوال نفوذ الحزبين السياسيين.

ووجدت أن بعض المحايدين من اللبنانيين يطلبون من القادة العرب أن يحافظوا على لبنان وأن يبقوه بعيدا عن الشعارات والتيارات الشيوعية واليسارية وأن يبقى بلد خدمات رائدا في المنطقة العربية، وأن اندماجه مع سورية هو ضياع هويته وصيغته اللبنانية، إذ تتعايش فيه طوائف كثيرة مختلفة المذاهب والمشارب. وقال أمين عام الجبهة اللبنانية السيد الحسيني إن لسورية دورا مهما في لبنان وهي تتبنى مستقبل الجبهة العريضة فيه بحيث تمثل جميع الطوائف اللبنانية المختلفة وإننا نعول عليها الشيء الكثير بشرط أن تصدق النية، والمهم أن يضغطوا على الجبهة اللبنانية لكي لا تقوم بتصعيد الموقف في الجنوب وهو في الوقت الحاضر يدعو الى القلق. ولاحظت عند مقابلتي رئيس تحرير صحيفة «النهار» غسان طويني عدة مرات أنه قد فتح له مكتبا في باريس تحسبا لأي طارئ يحدث في لبنان يعرض «دار النهار» لمزيد من المخاطر والخسائر. وما يجب ذكره أن الفرنسيين يعاملون اللبنانيين معاملة طيبة ويسهلون لهم الحصول على الإقامة وكذلك العمل من دون تفرقة بين المسيحيين والمسلمين، كما إن إذاعة مونتي كارلو الناطقة باللغة العربية من باريس تلقى المزيد من التأييد والمساندة من الفرنسيين وإن على اللبنانيين أن يعتمدوا على أنفسهم في إدارة بلادهم وأن الوجود السوري في لبنان يجب أن يكون مؤقتا وعلى المسيحيين والمسلمين أن يدركوا هذه الحقيقة بأن لبنان يجب أن يعتمد على أهله إذا أريد له التقدم والرفاه والازدهار.

واليوم وقد خرجت سورية فعلا من لبنان بضغط دولي غير مسبوق، فهل وعى اللبنانيون الدرس وأدركوا أن بقاء لبنان وديمومته يعتمد على التواصل والتعايش بين طوائفه المختلفة، أم أنهم سيجعلون من سورية تلك الفزاعة المخيفة أوالشماعة التي يعلّقون عليها متاعبهم السياسية ومشكلاتهم الاقتصادية؟

إقرأ أيضا لـ "حسين راشد الصباغ"

العدد 1627 - الأحد 18 فبراير 2007م الموافق 30 محرم 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً