العدد 1650 - الثلثاء 13 مارس 2007م الموافق 23 صفر 1428هـ

طلبة «الهداية الخليفية» إلى أين؟!

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

مدرسة الهداية الخليفية الثانوية، التي خرجت أفواج الرادة الأوائل لنهضة البحرين الحديثة. في المدرسة ذاتها، كانت شعلة وضاءة في هذا الوطن، إذ يتخرج الطلبة منها مدججين بالمعرفة والتحصيل العلمي؛ متخذين من الأدب الجم وشاحا لهم.

من «الهداية» ذاتها، انطلقت شرارات الانتفاضات الشعبية في مواجهة قوات الاحتلال البريطاني، ومنها أيضا، أي الهداية، انبجست ينابيع العلم والمعرفة. تخرج الرادة الأول منها، وساهم أساتذة أجلاءٌ كرام من شتى أقطار الوطن العربي (سورية، مصر والعراق... إلخ)، في رقي هذا الوطن من خلال هذا الصرح الشامخ.

ما منا، بيوتات المحرق، إلا واردها - كما هو التعبير القرآني- وما منا إلا وقد مر من باب فنائها؛ لم تتخلف إلا قلة. واليوم، تقف «الهداية الخليفية» وهي مجروحة الفؤاد، غارقة في حزنها من ممارسات طلبتها لأبشع صور التخلف الحضاري؛ ألا وهو الصدام الطائفي.

ما من مجتمع نشبت الطائفية أظفارها فيه إلا وتقوقع في الدرك الأسفل في سلم التخلف الحضاري، وظل فترة، ليست قصيرة، عاضا اصبع الندم، باكيا على أطلال الوحدة الوطنية والسلم الأهلي العام. فلا شيء يوازي الالتئام والالتحام الوطني والوئام الطوائفي والهدوء العام. ولا سبيل من الحفاظ عليه إلا التأكيد على أن البحرين وطن يسع الجميع قولا، والمساواة بين الجميع سلوكا وواقعا.

في الاحتراب الأهلي، دائرة الندم واسعة، تشمل الشرائح والطبقات والفئات في المجتمع كافة: المشارك والمؤيد والساكت والناطق والمتردد؛ السني، الشيعي، اليهودي، المسيحي، البوذي والسردار؛ الغني، الفقير؛ المؤجر، الأجير؛ الطفل، الشاب، الرجل والمرأة والشيخ الهرم؛ رجل الأمن والمهندس والطبيب والمحامي والسياسي والمثقف، لا أحد مستثنى من الندم. إنها الحرب الأهلية، تبدأ بشرارة صغيرة، وعمل عدواني من مراهق أو طائش وتنتهي بحرب لا تبقي ولا تذر. «ومعظم النار من مستصغر الشرر».

عصفت الأعاصير برأسي مما سمعت، وأورثني هذا الهم قلقا نفسيا مما آل إليه وضع الأمن والسلم الأهلي لدى طلبتنا في «مدرسة الهداية»، وقيامهم بأفعال تخالف القاعدة العامة للسلم الاجتماعي بين الطائفتين الكريمتين في البلاد (السنة والشيعة)، إذ يقوم بعض الطلبة بممارسة شذوذ عنصري طائفي بغيض غير إنساني ألبتة، دخيل على شعب البحرين الأصيل، وذلك باستخدام كلمات نابية فيها استجواب لشرعية الوجود الكياني للآخر، وصوغ المبررات، في استرسال غير مقطوع، من أجل استئصال شأفته. هكذا تحدث إليَ أحد أولياء الأمور، وهكذا هي حال «الهداية الخليفية» اليوم!

من يداوي جرح «الهداية الخليفية» وينتشلها من حزنها؟ ومن ينتشل شبابنا بعمومه، والطلبة على الأخص، قبل ان يبلغ بهم الزيغ مبلغه، ويهتك بالبقية الباقية من خيوط الرحمة والمودة بين أبناء هذا الوطن الواحد؟ إنها مسئولية وطنية وتاريخية نضعها في بؤبؤ عين كل مسئول وذو علاقة بهذا الأمر الجلل، والمنزلق الخطير، والمنعطف التاريخي الذي تمر به البحرين وعموم منطقة الخليج العربي. هذا بيان للناس، ومعذرة إلى الله، إنه لطيفٌ بالعباد.

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 1650 - الثلثاء 13 مارس 2007م الموافق 23 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً