العدد 1661 - السبت 24 مارس 2007م الموافق 05 ربيع الاول 1428هـ

نرفض «بحرين الكونتونات»!

حيدر محمد haidar.mohammed [at] alwasatnews.com

من العيب الفاحش أن يجد المواطن البحريني حاجزا نفسيا كبيرا عندما يريد أن يدخل منطقة غالبية أبنائها من هذه الطائفة الكريمة أو تلك، ومخجل حقا ألا يعرف ابن سترة شيئا عن البديع والحد والرفاع، ولا يعرف ابن المنامة فرجان بن هندي والبنعلي وكريمي، ومن العيب ألا يعرف ابن المحرق نويدرات والعكر وكرزكان، بل وألا يعرف ابن المنامة تاريخ فرجان المخارقة والحمام والحطب والذواودة والفاضل والعوضية وكانو، ومن حظي بالولادة في هذه الفرجان يجب أن يكونوا معصوما عن الطائفية العمياء.

مؤسف حقا أن تتحول المدن الحديثة نسبيا إلى بؤر يمارس عليها هواة الطائفية ما يشاءون، وقد يقول قائل إن ذلك خطأ الحكومة أن تضع مواطنين متعددي المذاهب في منطقة واحدة، ولكنني أخالف هذا الرأي مخالفة شديدة، فبصرف النظر عن هدف الحكومة وغايتها فإنه ليس من المقبول بل من المرفوض إطلاقا، أن تتحول مناطق الوطن الواحد إلى مستوطنات طائفية منغلقة على نفسها، بل المطلوب أن نتجاوز كل السيجان والحواجز التي تفصل المواطنين عن بعضهم بعضا.

وليس بعيدا عنا مثال مدينة عيسى وهي أول مدينة إسكانية في تاريخ البحرين، وعاش فيها جيل بحريني كامل بتآلف وسلام وحميمية على العادة البحرينية الأصيلة، وما يحز في النفس فعلا أن نسمع عن مناوشات طائفية متبادلة في هذه المدينة أو في مدينة حمد ومدينة زايد وفي كل منطقة سكنية جديدة، وليس بوسعنا إلا أن نقول لكل أهالي وقاطني هذه المدن الإسكانية الكرام، نحن واثقون من أنكم لن تنزلقون إلى حيث هذا المنزلق الخطير.

بصراحة، لسنا بحاجة إلى إفراط في الصور والشعارات في شوارع هذه المدن، ولسنا بحاجة إلى مكبرات صوت جديدة في البيوت، ولسنا بحاجة في المقابل إلى أن يستورد أحد من أية طائفة لبث سموم الحقد بين الأهالي، فما يميز هذه المدن أن باب البحريني السني يلاصق باب أخيه الشيعي، والنساء يتسامرن مع بعضهن بعضا والرجال يتزاورن وأطفالهم يلعبون بأريحية ويشبون على حب واحترام الآخر.

كفى تهويلا، فنحن لا نعيش في حربا أهلية (لا سمح الله)، ولم نمر بمقدمات حرب أهلية، وأبشركم أن ما أورده أحد التقارير الغربية المشبوهة من أن البحرين مقدمة على حرب أهلية «نكتة قليلة أدب»، ومن يصدقها مجنون أو غريب على البحرين، وعلى رغم من بعض مشاهد التمييز المنهجي الذي مُوْرِس منذ سنوات، فإن الحديث الغربي عن خطر من هذا النوع سيظل موضع تشكيك مستمر، وفي الوقت ذاته يجب أن ندين جهارا منع البحريني من أن يشتري أرضا أو يبني مسكنا في الرفاع أو الزلاق أو أي مكان من المحافظة الجنوبية، أو يحظر عليه - لمذهبه وعرقه - أن يشتري أو يتداول أو يعمّر له بيتا أو عقارا في المحرق، فهذا تمييز صارخ، وتحدٍ خطير لوحدة الشعب، وسلوك يتعارض مع الدستور والميثاق والقيم الإنسانية كلها.

كثيرون - وخصوصا أولئك الذين عاشوا الخمسينات وما بعدها - يتمنون أن يعود الوطن إلى تلك المرحلة الذهبية، فأبناء تلك الحقبة وقفوا في كل موطن يرفضون سياسة تقسيم الوطن أو تأليب بعضه على كله أو كله على بعضه، وهؤلاء رفضوا هذه السياسة الحمقاء عندما مارسها المستعمر الأجنبي ورفضوها عندما مارستها السلطة في أكثر من مقطع زمني، ولا يخفى على كل بصير أن مخططات الفتنة المذهبية لم تنجح، لكنها تركت آثارا اجتماعية ونفسية يصعب على البعض تجاوزها، فالزيجات بين أبناء وبنات الطائفتين الكريمتين في تراجع شديد، وربما تصل في يومٍ إلى مرحلة الاندثار، تحية لكل وطني يصدح رفضا لهذا المخطط.

هنا لن ننسى القامة الكبيرة التي تتعرض لهجمة مبالغة هذه الأيام، فعبدالعزيز أبل الذي عرفته البحرين جميعا هو الحس الوطني ووجه البحرين المشرق، وهو أكبر من أية إثارة هنا وهناك، وعند كل إعصار طائفي نكتشف أننا بحاجة إلى أبل أكثر من أي وقت مضى، وسيظل أبناء شعبنا يرفضون سياسة تقسيم الوطن الجميل إلى «كونتونات طائفية» تسخن على صفيح ملتهب، هذا ما نظنه فيكم!

إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"

العدد 1661 - السبت 24 مارس 2007م الموافق 05 ربيع الاول 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً