العدد 1675 - السبت 07 أبريل 2007م الموافق 19 ربيع الاول 1428هـ

بين صيانة النظام السياسي والثوابت الاجتماعية دستوريا

عباس هاشم Abbas.Hashim [at] alwasatnews.com

الدساتير في العالم المتحضر تعكس طبيعة ما توافق عليه المجتمع من حيث تنظيم الحياة من مختلف الوجوه والمجالات، ودستور البحرين يعكس نظاما مختلطا من كل الأوجه، فهو مختلط من الناحية الاقتصادية لأنه ومع تبني الدولة رسميا لاقتصاد السوق الحرة (الرأسمالية) إلا أنه ليس منحازا لهذا النظام تماما، وهذا إشكال ينبغي دراسته وحله، ومختلط من حيث نظامه السياسي، واعتبر الأستاذ بكلية الحقوق بجامعة البحرين مروان المدرس نظام الحكم نظاما مختلطا لأنه «تتشارك في هذا النظام المختلط السلطتان التنفيذية والتشريعية في ثنائية التشريع والرقابة». أما على المستوى الاجتماعي وقيم المجتمع وثوابته الوطنية، فهناك الكثير من المواد التي تعتبر المبادئ الإسلامية الركيزة الأولى. ومن أجل الحفاظ على النظام بمختلف جوانبه، يحتوي الدستور على الكثير من المبادئ مصوغة في شاكلة مواد جامدة، يمنع التعرض لها مطلقا ومرفوض بتاتا حتى طلب التعديل عليها، كطبيعة نظام الحكم وعروبة البحرين وإسلامها.

وأرى أن جزءا من مشكلتنا وسببا للصراع المتجدد دوما والمتفجر بين فينة وأخرى بين الفرقاء، أن الأوضاع لدينا في الكثير من مفارقها مخالفة للدستور، غير أن مشكلة البعض، وبالذات الحكومة، أنهم يثيرون هذه المخالفات إذا اختلفت مع مصالحهم وأيديولوجياتهم، ويدافعون عنها إذا انسجمت معها. بالنسبة إلى النظام السياسي، فهناك خطوط حمراء أقرها الدستور وصنعتها الظروف، فتلقائيا لا يتعرض أحد لنمط النظام السياسي تحت دعوى المطالبة بالحرية السياسية حتى ممن يتبنون الليبرالية مع أن هذا من صميم الفكر الليبرالي، ولكن عدم وجود تفسير واضح لحدود بعض مواد الدستور فيما يتعلق بقيم المجتمع ومبادئه وثوابته الوطنية القائمة على الدين الإسلامي، تركت مساحة للخرق المتواصل من قبل البعض، وربما السبب يعود إلى كون هذه المواد لم تعكس بوضوح وصرامة خطوط النظام الاجتماعي وقيمه ومبادءه.

وتطرأ هنا عدّة أسئلة في حاجة ماسة إلى الإجابة عنها: هل يصح اعتبار الأوضاع المخالفة للنظام الاجتماعي وقيمه وثوابته الوطنية القائمة في محوره الأساس على مبادئ الإسلام والتي اعتدنا عليها يوميا شماعة للقبول بمزيد من الخرق لتلبية طموح ومطلب بعض الفئات؟ أليست هذه الأوضاع كلها تعتبر مخالفة للمواد الدستورية كالمادة الثانية التي تقول دين الدولة الإسلام، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع، ولغتها الرسمية هي اللغة العربية؟ أم أن هذه المادة وغيرها من مواد الدستور غير ملزمة؟ وهل يعني ذلك عدم وجود حدود تقيّد بعض الممارسات حتى لا تخرق بشكل صارخ قيم المجتمع ونظامه؟ هذه أسئلة ينبغي تحديد إجاباتها بدقة فالقدر المتفق عليه والذي يبديه الدستور هو وجود خطوط حمراء يحرم التعدي عليها واختراقها إذا تعارضت مع النظام الاجتماعي والقيم الدينية والوطنية للغالبية من الناس والمتوافق عليها، ومن الواجب تفسير هذه المواد وتفعيلها حفاظا على السلم والنظام، حتى لا يتحول الصراع إلى أشكال جميعنا نتجنبها.

إنه وكما لا يصح التعرّض للنظام السياسي بدعوى المطالبة بالحرية السياسية على النمط الليبرالي، كذلك لا يجوز التعرّض للنظام الاجتماعي وثوابته الدينية وقيمه الوطنية بخرق خطوطه الحمراء تحت دعوى الحرية الشخصية على النمط الغربي، والالتزام بذلك مدعاة للاستقرار الاجتماعي والتركيز على متطلبات التنمية الشاملة.

إقرأ أيضا لـ "عباس هاشم"

العدد 1675 - السبت 07 أبريل 2007م الموافق 19 ربيع الاول 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً