العدد 1678 - الثلثاء 10 أبريل 2007م الموافق 22 ربيع الاول 1428هـ

لا لأكياس النايلون في عين جالوت والسنابس

خولة المهندي comments [at] alwasatnews.com

رئيسة جمعية اصدقاء البيئة

تلاميذ المدارس هم الأكثر تعطشا للتوعية البيئية والأقدر على الاستجابة لها والعمل بما قادتهم إليه من توصيات والتزامات، وهم بالتالي الجيش غير النظامي الذي يجب إعداده لحماية بيئة الوطن.

هناك عوامل مهمة تؤثر على إنجاح التوعية البيئية في المدارس ومنها مقدرة المعلم أو الموعي على الوصول إلى مشاعر وتفكير واستيعاب التلاميذ، تقبل التلاميذ لهذا الموعي، موقف المعلمين النظاميين من الموعي والعملية التوعوية، موقف إدارة المدرسة من ذلك، الجو العام للمدرسة والفصل الذي يحتضن العملية التوعوية، المدة والاستمرارية والتعزيز، تفاعل التلاميذ القياديين في الصف مع الموعي وموضوع التوعية وارتباط موضوع التوعية بالتلاميذ وحياتهم اليومية واهتماماتهم. أمر آخر مهم هو التعزيز لما تعلموه سواء من البيت أو المدرسة أو المجتمع خلال مجريات الحياة اليومية، فذلك يلعب دورا أساسيا في نجاح العملية التربوية.

في مدرسة عين جالوت الابتدائية للبنات التقيت التلميذة نجمة التي شاركتني بأفكارها الطفولية لحماية البيئة ومعها التقيت «نجمات» صغيرات أخريات من الصف الخامس الابتدائي مفعمات بالأمل والخير.

التلميذة مروة اتصلت بي هاتفيا وعرضت علي مشروعين وسألتني سؤالين أعطتني «مئة من مئة» على إجابتي لسؤالها الأول بالموافقة وأنني سأدعم مشروعها الجميل بكل تأكيد، وأعطيتها أنا «مئتين من مئة» لجمال مشروعها الثاني والذي كانت تستأذنني في البدء فيه: تعليم تلميذات الصف الأول والثاني ما تعلمنه مني خلال زيارتي لهم!

في تلك الزيارة تحدثنا عن موضوعات بيئية مختلفة تهم الطفل وركزنا على «أكياس النايلون» الهم القديم المتجدد الذي تعرض له أصدقاء البيئة لأول مرة العام 2000 ونظمت أول ندوة متخصصة لشرح ذلك الهم واستكشافه. ندوة : «الآثار البيئة للأكياس البلاستيكية... وحلول بديلة» خطط لها ونفذها أصدقاء البيئة الإلكترونيون وشاركت فيها جهات عدة ومنها الديوان الأميري، لجنة الحياة الفطرية، وزارة التجارة، إدارة الثروة السمكية (بوزارة الزراعة حينئذ) و شئون البيئة (بوزارة الإسكان والبلديات والبيئة حينئذ) والتي كان لها دور مهم في دعم الندوة لاسيما مدير عام شئون البيئة آنذاك خالد فخرو الذي كان أول من سمعناه يتحدث عن الأكياس البلاستيكية في البحرين والذي كان له دور داعم لنا باعتبارنا متطوعين منذ بداية عملنا.

مرت قضية أكياس النايلون بمراحل عدة مع تطور العمل التطوعي فشكلت جمعية أصدقاء البيئة (بعد إشهارها رسميا) مع شئون البيئة ومحافظة العاصمة ووزارة الإعلام ووزارة التجارة والديوان ولجنة الحياة الفطرية لجنة وطنية لمعالجة مشكلة الأكياس البلاستيكية والتي استمرت توصياتها فيما بعد من خلال جمعية أصدقاء البيئة التي أطلقت عددا من البرامج التوعوية عبر الإذاعة والتلفزيون والصحف المحلية حتى أصدرت كتيبات توعوية وزعت داخل البحرين وخارجها، وصممت منذ العام 2001 نماذج لأكياس شرائية من القماش للكبار وأخرى مخصصة للصغار فضلا عن أكياس خاصة للخبز تم استقاء فكرتها من أكياس الخبز القماشية التي تباع في دولة الكويت.

بحثت أصدقاء البيئة عن داعم لطبع بضع آلاف من تلك الأكياس كمرحلة أولى ولكن الجهود الأخيرة لم تحظى بالنجاح.

اتصال مروة وحماسها لتسجيل فيلم عن أكياس النايلون (مشروعها الأول) وعن زميلاتها في الصف والتزامهم بوعدهم لي :»لا لأكياس النايلون» أعاد لي الأمل من جديد لصنع أكياس بيئية أو سلال خاصة بالأطفال على الأقل.

عندما كنت في مدرسة عين جالوت الجميلة جدا شكلا وإدارة متحمسة للثقافة والمعرفة البيئية وحميمية في التعامل مع التلميذات ما أعطاهن مساحة جيدة للتعبير عن آرائهن بهدوء في جو من احترام الآخر يسجل لصف الخامس الابتدائي من هذه المدرسة.

كان مما ناقشناه هو عدد الأكياس التي يلقيها على كاهل البيئة ذلك الصف الجميل فتوصلنا إلى كل تلميذة تذهب إلى الدكان بمعدل مرتين في اليوم وتحصل على كيس واحد على الأقل في كل مرة. أي أن أربعين تلميذة تنتج 2*40*7*30*12 كيسا في السنة أي ما يزيد على 200000 كيسا بلاستيكيا في العام. ويمكن بطريقة بسيطة حساب ما تنتجه كل تلميذات المدرسة ومن ثم كل تلاميذ مدارس البحرين.

الحقيقة المخيفة التي تلي ذلك أن كل كيس من هذه الأكياس غير قابل للتحلل الطبيعي. وجود ذلك الكيس في البحر يسبب مشكلات لأحيائها ومنها موت السلاحف البحرية بعد إصابتها بالجفاف من جراء مرض الشبع الوهمي عندما تتناولها السلاحف ظنا منها أنها قناديل البحر. السفن في البحر قد تتعرض للعطل ويتكلف صاحبها أعباء مالية هو في غنى عنها من جراء وصول الأكياس إلى مروحة الدفع وتعطيلها. في البر تموت غزلان الريم البحرينية والجمال أيضا بسببها. مناظر أسوار المستشفيات والمباني تتشوه بسبب الأكياس العالقة بها لخفة وزنها وقدرتها على التنقل مع الهواء. الجهد البشري لتنظيف المدن منها كبير جدا إذ يتم التقاطها باليد في الأماكن المختلفة التي تستطيع الوصول إليها.

وعندما نتذكر أن الأكياس البلاستيكية مصنوعة من مواد نفطية وأنها غير قابلة للتحلل الطبيعي لنا أن نتصور مصير الأعداد الهائلة منها التي تستخدم يوميا، فعندما تدفن في أحد مدافن البلديات فإنها تبقى هناك لمدة قد تصل إلى ثلاثمئة سنة محتلة مساحة من الأرض نحن أحوج ما نكون لها في ظل المشكلات الإسكانية وغيرها التي تجعل من دفن البحر والقضاء على ثرواته ممارسات معتادة في أرض دلمون التي اشتهر لؤلؤها في كل مكان.

تلميذات مدرسة السنابس الابتدائية للبنات التي زرتها في اليوم نفسه تحمسن جدا أيضا لموضوع الأكياس البلاستيكية «الشريرة» وأردن أن يسهمن في حل المشكلة. متابعات سارة وزميلاتها معي بعد انتهاء المحاضرة ومعلوماتهن الجميلة عن السلال واستخدامات النخيل زادت من حماسي لإحياء فكرة أو مشروع الأكياس القماشية للأطفال.

على مستوى لجنة ريم بجمعية أصدقاء البيئة استخدمنا سلال صغيرة في إحدى المراحل إلا أن عدم ملاءمة القبضة لراحة أيديهن الصغيرة لم تساهم في الاستمرار في استخدامها.

تلميذاتي الصغيرات الطيبات وعدنني أنهن لن يطلبن أكياس نايلون من البائع في مشاويرهن اليومية للدكان. وأكدن أنهن سيرفضن لو عرض هو ذلك وسيحملن أشياءهن الصغيرة في أيديهن أو حقائبهن قدر الإمكان أو سيصطحبن كيسا معهن من البيت.

أنا أثق بوعد كل منكن لي يا تلميذات مدرسة السنابس الابتدائية للبنات ومدرسة عين جالوت وكل من وعدني في لقاءات لي سابقة معهم من تلاميذ مدارس البحرين. ومن وعودكم الوفية أمد دعوة لجميع أطفال البحرين، فلنردد معا: «لا لأكياس النايلون».

إقرأ أيضا لـ "خولة المهندي"

العدد 1678 - الثلثاء 10 أبريل 2007م الموافق 22 ربيع الاول 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً